يجتاز إتحاد الأدباء العراقيين حالاً من الصراع بين طرفين من أعضاء قيادته الحالية ، وجهها المكشوف يقول إنه صراع بين جيلين في هذه القيادة، جيل الشيوخ الذي يسيطر على قيادة الإتحاد (الرئاسة والأمانة العامة، وقد تعدى كل من الرئيس والأمين العام عامه السبعين) وجيل الشباب الأعضاء في مجلسه المركزي ومكتبه التنفيذي (وبعضهم بلغ عامه الخمسين أو يخطو نحوه). ووجه الصراع الظاهر هو مطالبة»جيل الشباب» بإجراء انتخابات قانونية،
كما ينص على ذلك النظام الداخلي للإتحاد، فيما يتذرع «جيل الشيوخ» بشتى الأعذار والحجج في تجاوز المواعيد المقررة لمثل هذه الانتخابات من أجل الاحتفاظ بالقيادة أطول مدة ممكنة ،إذ إنهم يجدون في فقدانهم لها (وهو أمر محقق عند حصول الانتخابات) تجريداً لهم من أي دور فعلي في الحياة الثقافية. بل قد يجدون أنفسهم مثل أي مثقف آخر في مثل أعمارهم، بلا دور فاعل إلاّ ما كان في مستوى شخصي، وقد يهمشون في أي دور عام.
هذه الحال أدت الى حصول تجاذب معلن بين الطرفين ما قاد الى تخندق طرفي الصراع بعضهم ضد بعض، فلجأ «الشيوخ» الأقوياء بمراكزهم في القيادة الإتحادية الى تهميش كل من يرفع صوته من أعضاء المجلس المركزي أو المكتب التنفيذي للإتحاد، وتعطيل دوره. وفي الوقت ذاته عمد «شيوخ الإتحاد» هؤلاء الى محاولة كسب الشباب من أعضاء الإتحاد غير المنافسين لهم بطرق وأساليب أخرى أبرزها وأكثرها وضوحاً إشراكهم في نشاطات الإتحاد الأسبوعية التقليدية من ندوات ومحاضرات وقراءات شعرية. وأخيراً عقدوا ندوة عن القصة العراقية القصيرة استضافوا فيها عدداً من شباب الكتاب من المحافظات العراقية، لا بهدف تنشيط الحالة الثقافية بقدر ما هي عملية دعاية انتخابية الغرض منها كسب أكبر عدد من الأصوات المؤيدة لهم في الانتخابات المؤجلة.
وأمام إلحاح الشباب من الأدباء على إجراء الإنتخابات التي عبرت موعدها أكثر مرة، تثير «القيادة الحالية» مسائل عديدة تحول دون حصول الإنتخابات، منها: الوضع القانوني للإتحاد ضمن الأمانة العامة لإتحاد الكتاب العرب الذي جمد عضوية الإتحاد العراقي فيه لكون البلد تحت الإحتلال، وأن الإنتخابات التي جرت فيه وجاءت بالقيادة الحالية غير شرعية ولاقانونية.
واللافت هو أن إتحاد أدباء العراق لم يتخذ حتى الآن موقفاً واضحاً من الإحتلال، ولم يصدر عنه أي بيان أو موقف واضح في هذا الشأن، على خطورته وهو ما يؤاخذ عليه القيادة الحالية عديد الأدباء العراقيين من أعضاء الإتحاد. والجانب الآخر هو أن الوضع المالي للإتحاد، بحسب قيادته الحالية، لايساعد على عقد مؤتمر عام للإتحاد في بغداد، بما يتطلب هذا المؤتمر من نفقات هو غير قادر على تغطيتها. هذا فضلاً عن التذرع بالوضع الأمني الذي يقولون إنه لايساعد على عقد مثل هذا المؤتمر في الوقت الحاضر.
أما الطرف الآخر فيرى أن هذا كله لا يمثل أكثر من أعذار واهية. فهناك اليوم من يقول بضرورة إعلان موقف صريح وواضح من الإحتلال الذي هو من حيث الأساس موقف وطني على المثقف العراقي أن يعلنه ويضطلع به. ومن خلال ذلك، وبانتخابات قانونية، حرة ونزيهة، يمكن العودة الى الأمانة العامة لإتحاد الكتاب العرب التي لم تجد أمام تمادي القيادة الحالية لإتحاد أدباء العراق في موقفه هذا إلاّ الإعلان عن تشكيل تجمع مناهض للإحتلال يضم أدباء عراقيين أعلنوا من مثل هذا الموقف في الإجتماع الأخير للأمانة العامة الذي عقد في دمشق.
هذا كله يجري في وقت يرى بعض المثقفين الذين لم يدخلوا معترك الصراع مع أي من الطرفين أن في تعنت «الشيوخ» على هذا النحو في التمسك بالتقاليد أمراً سينتهي الى عداء مستحكم بين الطرفين وسينعكس سلباً على ا لحياة الثقافية عموماً، وهو ما بدأت بوادره تظهر. ومع كل هذه النذر فإن الصراع لا يزال مستمراً.
التعليقات (0)