مواضيع اليوم

جيفارا يولد في الشرق من جديد

نزار جاف

2011-04-06 11:31:58

0

منطقة الشرق الاوسط او کما سمي الشرق الاوسط الکبير بشکل خاص، و العالم الاسلامي بشکل عام، هي اليوم وجها لوجه أمام ظرف تأريخي و استثنائي فريد من نوعه، إذ أن رياح التغيير و تحديدا رياح الديمقراطية و الحرية تهب عليها بسرعة غير مسبوقة في هذه المنطقة من العالم و ترسم آفاقا جديدة تمهد لخطوط بيانية سياسية و فکرية تتميز بمضامينها التحررية. رياح التغيير هذه، والتي باتت ترعب اولئك الذين يقبعون في قصور ظنوها منيعة و محمية من أية أخطار محدقة منذ عقود طويلة، أثبتت بأنها لاتبقي على دکتاتور و لاتذر، وانها رياح عاصفة لاتبقي من خلفها شيئا و تجتث کل شئ من الجذور، وهي ان هدأت لفترة، فإن هبوبها بعد فترة الهدوء سيکون أقوى من اول امرها، ولم يعد هنالك من متسع لممارسة عمليات تضليل و خداع الشعوب او سرقة و مصادرة ثوراتها و إنتفاضاتها و دماء شهدائها و من ضحوا لأجل مستقبل و غد أفضل.
الانتصار الکبير و المؤزر الذي تحقق للشعبين التونسي و المصري، يقابله اليوم ثمة تعرجات و مطبات في الحالات الليبية و اليمنية و السورية، وکل نظام من هذه النظم الثلاثة التي تقف حاليا بوجه رياح التغيير العاتية التي تهب بوجهها، تسعى و عبر طرق و سبل و وسائل مختلفة من أجل تغيير مسار الرياح و حرفها عن مسارها الحقيقي ولو بمقدار بضعة سنتمترات، ونجد کل نظام يطرح مسائل و قضايا معينة من أجل تعليل و تبرير هبوب هذه الرياح طمعا و أملا في التخفيف من هبتها العاصفة، لکن قساوة و عنف و دموية الحالة الليبية و تضليل و مراوغة و تزييف الحالة اليمنية و القمع المنظم للحالة السورية، على الرغم من إمکانية تأثيرها في المحصلة الآنية او لنقل التکتيکية لمسار الاحداث، لکنها من غير الممکن أبدا أن تؤثر في المحصلة النهائية و الاستراتيجية لمسار الاحداث، إذ أن سنن و قوانين التأريخ المرتبطة بعمليات التغيير هي في واقع أمرها صماء لاتسمع نهائيا لکنها تلقي دروسها و تراتيها المقدسة على العقول و النفوس فتدفعها صوب آفاق التغيير.
الملك عقيم لو نازعتني عليه لقتلتك، کلمات منسوبة لهرون الرشيد وقد رددها بوجه أبنه المأمون، وحتى أن مفکرا عبقريا کالعلامة الراحل محمد باقر الصدر في کتابه المدرسة القرآنية يحاجج تلاميذه بأن لاينتقدوا هرون الرشيد عندما يخاطب الغيمة بقوله: أينما تمطرين يأتيني خراجك، وأن يضعوا أنفسهم مکانه ومن ثم يحکمون عليه بعد ذلك، وکأن الصدر يريد القول بأن للسلطة و المال تأثيران کبيران جدا على مکنونات الانسان وليس من السهل أن يصمد أي أنسان بوجه مغرياتهما بسهولة، ويبدو أن العقيدين القذافي و علي عبدالله صالح و الطبيب الرئيس بشار الاسد، يمرون بهذا المعترك الحساس و الصعب و لايجدون من السهل أن يروا أنفسهم خارج دائرة السلطة و النفوذ، لکن في نفس الوقت يدرکون و يعون جيدا بأن الوقت قد بات يمر في غير صالحهم وأنهم يواجهون خصما مختلفا جدا عن کل الخصوم و الاعداء الوهميين الذين صورتهم مخيلة دوائر و أقبية أجهزتهم الامنية، انها شعوب تولد من جديد، شعوب تنتفض و تنضو عن نفسها الاردية البالية للنظم القمعية التي طالما حکمتها قسرا و أذاقتها انواع الضيم و شتى ألوان العذاب، شعوب تلقن دروس و علوم و فن الثورة على نظم طالما تاجرت و نافقت بأسم الثورة و مبادئها المقدسة، هذه الشعوب، تعلن للعالم أجمع أن جيفارا قد ولد في الشرق من جديد، لکنه جيفارا من نوع خاص ليس بالامکان أبدا أن يتم إغتياله او إعدامه من قبل أخطر و أقوى أجهزة الاستخبارات في العالم کله، لأنه و بإختصار جيفارا قد تجسد بشعب و هکذا شعب حي لن يهزم و لن يموت أبدا!

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات