من أستمع إلى كلمات المتحدث بأسم جماعة الجيش الإسلامى فى العراق ، يستطيع أن يفهم ببساطة أن هؤلاء الشباب مجرد مقاتلين سابقين فى جيش فدائيى صدام السابق ، وبحماس الشعور الدينى الذى أشتعل شوقاً فى سفك الدماء ، دخل هؤلاء الشباب إلى لعبة الخطف والإرهاب .
لا يوجد معنى أن يقول المتحدث بأسم الجيش الإسلامى أنهم فى حاجة إلى فتوى تقول لهم بصراحة هل ما يقومون به من عمليات دموية تنتهك كل القيم والأخلاق الإنسانية هى عمليات حلال أم حرام ؟ بهذه البساطة تسأل جماعة إسلامية عن من يبيع لها فتوى تحلل أو تحرم ما يقومون به من أنتهاك لآدمية الإنسان وأنتهاك لخالق الإنسان .
جماعات تطلق على نفسها إسلامية وتأدبت بتعاليم الإسلام تجهل ما تقوم به من سفك دماء حلال أم حرام !
من الملاحظ أن رجال الدين البسطاء فى العراق صدقوا أن الجيش الإسلامى يقصدهم بتقديم الفتوى فسارعوا بتحريم أعمال الخطف لأنها تسئ إلى صورة الإسلام ، إلا أن الفتوى الحقيقية جاءت من القائد الأعلى ومفتى الجزيرة الشيخ القرضاوى لتنهى النزاع الإفتائى ويحسم الموضوع لصالح الإرهاب والخطف وسفك الدماء ليبيح لهم القتل ، لأن هذه هو المنطق الذى ينتشر فى تعاليم اليوم .
كل شئ فى عالمنا العربى قد أنقلب رأساً على عقب ، فالعقل نزع عن جسده لباس المنطق والواقع والمعقولية وكل شئ ينتمى إلى صفات العقل الذى خلقه فى رأسنا الخالق العظيم وقام الإنسان العربى العبقرى فى عصرنا الحادى والعشرين بتلبيس العقل عباءة وطاقية لزوم الأبهة والفخامة العربية ولم ينسوا أن يضعوا فى يدى العقل سبحة لتعبر عن تقواه الدينية .
إلى هذه الدرجة أصبح الإنسان فى منطقة الشرق الأوسط منزوع السلاح العقلى وهو السلاح الوحيد الذى يصنع حضارة إنسانية ، لكن الإنسان العربى طار فرحاً لأنهم لم ينزعوا سلاحه من متفجرات وبنادق وصواريخ وقنابل ، لأن الإنسان العربى أكتشف فى عصرنا هذا أن هذا السلاح هو السلاح الوحيد الذى سيدمر وسيهدم وسيفنى حضارة الكافرين حسب التسميات الكثيرة وصفاتهم التى تحتاج إلى فتوى هى أيضاً لتحديد المصطلح والمفهوم .
أصبح إنسان منطقتنا الشرق أوسطية يعشق المظاهرات التى ترفرف فيها الرايات السوداء والأجساد التى تلفها الملابس السوداء والعقول التى تلفها التعاليم السوداء التى هدفها الوحيد ليس البقاء لصنع حضارة بل هدفها الوحيد هو الفناء !
من يدفع فاتورة هذه الأعمال والتعاليم الإرهابية ؟
مازال الجميع يغط فى نومه سكارى بخمر الشعارات الدينية والسياسية ، لأعتقادهم بانها الحل الوحيد للهروب من مشاكله وأزماته المتوالية والتى عجز عن إيجاد حلول واقعية لها ، لأنه فشل فى أن يتعلم لغة عصره ، لأنه رفض أن يتنازل عن تراث التخلف الذى يشده دوماً إلى بيداء العرب والعروبة .
من مصلحة كل إنسان فى منطقتنا الشرق أوسطية أو فى العالم كله أن يستيقظ الفكر العربى وأن يستيقظ ضميره ويخرج من نار الأيديولوجيات الدينية التى تطمح فى صنع أحلام أمبراطورية ، من مصلحة التفكير والمشاعر العربية أن تكف عن التهافت على أفكار نسج عليها عنكبوت الشر خيوطه ، من المصلحة أن نلقى بالمنهجيات الثورية الغازية للآخرين إلى سلة الزبالة التاريخية ، لأنها لن تصنع تقدمنا ولن تغير عقولنا ولن تغير أعمالنا .
المستقيم هو أقصر الطرق المؤدية إلى أنبعاث قدراتنا وطاقتنا وأفكارنا لتصنع حضارة لخير بنى البشر وليس للعرب فقط !
أهدموا جدار الفصل العنصرى الذى أقامته التعاليم الدينية الغير سوية من عقولكم حتى تؤمنوا بأن الله أكبر من مشاعركم البغيضة الحاقدة ضد أخوتكم فى البشرية ، الله أكبر من تعاليمكم التى لا مكان فيها للآخر إلا بشروطكم الغير آدمية ، الله أكبر من كل إنسان يعتقد أنه يحمى ويدافع عن الخالق العظيم الذى هو أكبر من ذلك التفكير الصبيانى .
2004 / 9 / 10
التعليقات (0)