أعدم حزب البعث في العراق تزامنا مع القبض على الراحل صدام حسين ، وتعليق حبل المشنقة (العار) حول رقبته . فأصبح (مريديه) مطاردين بعد رحيل (شيخ طريقتهم) ، ومُهددون فيما لوحاولوا إحياء طريقتهم من جديد . بل ومُستهدفون بالإغتيال (في ظروف غامضة) فيما لو تجرأوا وصرحوا بنواياهم في المشاركة في أي إنتخابات شرعية أوغير شرعية ، نزيهة أو مغشوشة ، محلية أو جهوية .. فيما لايزال حزب البعث شامخا ، معززا ومكرّما بسوريا . بل ويعتبر هناك رمزا من رموز الولاء لنظام عائلة الأسد . البعث بالعراق نفسه البعث بسوريا ، لكن حظ الأول أقل من حظ الأخير ..!
حُظر حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ سنة 1992 ، بعد مخاض عسير للتعددية الحزبية بالجزائر . وحوصر قادته في مساحات ضيقة . وفرضت عليهم الرقابة والإقامة الجبرية . ولم يشفع لهم موت حزبهم في مهده ، ليعيشوا بعد ذلك حيواتهم بضغوط أقل . وحريات أكبر..!
يحتفظ الرئيس المصري (بأختام) الحزب الديمقراطي في خزنته الخاصة . فيما يركض المرشحون عن الحزب الديمقراطي الأمريكي عبر كامل تراب الولايات الأمريكية ، بحثا عن تأييد مناضلي الحزب لهم ليتصدروا قوائمه ..!
الأحزاب العربية هي (قوائم) ظرفية ، تولد مع كل دعوة على وجبة دسمة لأموال الخزائن العمومية ، وتموت مباشرة بعد إفراغ الصناديق ، وملأ الجيوب ، وإقفال مكاتب الإقتراع !.. أما الأحزاب الأمريكية فهي أحزاب عريقة ومُعمِّرة !..
الأحزاب العربية العريقة يُنشؤها أشخاص ، ويضعون قوعدها وأسسها ، لذا تجد أنه أول ما يتم إستئصال الرأس يموت معه جسد الحزب ، ويحظر حتى ذكر إسمه بعد ذلك ! .. أما الأحزاب الأمريكية فتستند على القاعدة الجماهيرية وجعل رضاها عن كل مرشح أمر ضروري ، ومن ثوابت الحزب. بل حتى إذا غضب الشعب على الرئيس المنتخب أوأطاحوا به ، فذلك لا يؤثر على مكانة الحزب على الساحة السياسية ، ولا يصل به لحد المنع والحظر ! ..
الديمقراطية العربية ديمقراطية إستهلاكية . والديمقراطية الأمريكية ديمقراطية إنتاجية !.. لذا ستظل كل أنواع الإنتخابات العربية إنتخابات رمزية وشكلية ، تتجاذبها أطراف لاتمتلك من الخبرة السياسية ، والحنكة المهنية سوى ما تعلق بالمصالح والفوائد الشخصية الضيقة.. ومهما كانت شعاراتها ساخنة وملتهبة ، ومؤثرة ، فإنها ستذوب - لامحال - بعد أول غطسة في مستنقعات الحكومات الفاسدة.
الديمقراطية هي جوهرة حقيقية ونفيسة في قمامة أمريكا . التي يكتفي العرب بالتأفف من روائحها التي تفوح من كل أرض عربية ، لكنهم لايتعلمون منها تلك الوصفة أو تلك الخلطة !.
ــــــــــــــــ
تاج الديـن : 03 - 2010
التعليقات (0)