جولة في مستنقع الثورة
كمال غبريال
GMT 16:30:00 2012 السبت 21 أبريل
• آمل ألا يصل المصريون أو الفوضويون بنا إلى أن تكون "الأحكام العرفية هي الحل"، إذ يبدو الأمر الآن وكأن مبارك كان أسداً حين ذهب تكالبت على جثة مصر الضباع، فها هي مصر قد تقيأت ما في جوفها مرشحين للرئاسة ونواباً في البرلمان. . د. عبد المنعم أبو الفتوح والشاطر ود. محمد مرسي ود. سليم العوا وأبو إسماعيل وبديع وبن لادن وأيمن الظواهري ألوان طيف لحزمة ظلمة واحدة. . إذا كان د. أبو الفتوح يشيد في لقاء جماهيري بحلوان بمن يلقبه بـ "الشهيد سيد قطب"، فإننا إذن لم نأت بجديد من عندنا، ولا نكون مبالغين إذا قلنا أنه في حقيقته تكفيري مثل بطله المشنوق، فالمرجعية هي الأساس، وليس الكلام المعسول الذي يطلق لدواع انتخابية وتطمينية، فهناك مثلاً فيديو قديم وهو يعظ الإرهابيين في أفغانستان، ويكلمهم كما لو كانوا ملائكة ترفرف بأجنحتها، هو إذن يعطيك حلاوة في اللسان، فيما يسير في ذات طريق الإرهاب الجهادي ويعتنق مرجعياته، فياله من تكتيك رائع!!. . أحيي وضوح حازم أبو إسماعيل وعبد المنعم الشحات ووجدي غنيم، مقارنة بتقية أبو الفتوح وإيهامه في القول، أقول هذا لأن بعض الليبراليين والأقباط يتصرفون كالنعاج التي إذا مسحت بيسارك على ظهورها استكانت إليك، ولم تكترث بالسكين في يمينك. . سيقوم زبانية جهنم بتلقين هذا الشعب درساً لن ينساه في قيمة الجنة المؤسسة على العلم والعمل، وليس على التخلف والدروشة.
• ربما كان نائب تجميل الأنف ليس أكثر خذلاناً لناخبيه من ذلك الذي لا تزال الحظاظة في يده. . اللهم اكف الثورة شر أمثال علاء الأسواني وعمرو حمزاوي، أما أشباه أبو إسماعيل فالقانون كفيل بهم!!. . حمدين الصباحي يستوي عندي مع خيرت فكلاهما "شاطر"!!. . أتعجب ممن يقبل أن تضعه جماعته "استبن" لآخر، ثم يرى نفسه جديراً برئاسة جمهورية مصر، لو كان للجنة الانتخابات الرئاسية سلطة لجان المزايدات، لكان جديراً بها إلغاء المزايدة، لعدم تقدم من يستوفي شروط "مواطن صالح" وليس "رئيس جمهورية". . لا أستطيع تصور أن مصر حقيقة قد تدهور بها الحال إلى درجة أن يترأس جمهوريتها واحد من هؤلاء، فلا يعقل أن مصر خالية من الرجال المحترمين الأكفاء، حتى يخرج علينا هؤلاء ليتسيدوا علينا، ويجعلون من أنفسهم ثواراً وحكاماً.
• صحيح أبو إسماعيل خرج، لكن البركة في حمدين، سيقوم بالواجب وأكثر، فلعنة العروبة لا تقل وطأة عن الإسلام السياسي، ولهما أيضاً نفس الجذر المعادي للبشرية. . ينقص باقة مرشحي الرئاسة وجود اسم فلوطة صول البحرية السابق بينهم. . لكن ليس غير حمدين الصباحي من يستطيع ردع إسرائيل حتى حدود ليبيا غرباً وحدود السودان جنوباً، فيما ينفرد المستشار/ هشام البسطويسي عن الجميع بصفتين: راجل ومحترم. . كم مرشح رئاسي يناضل "والريال النفطي لا يزال في جيبه"؟!!
• براجماتياً ينبغي التصويت لعمرو موسى أو أحمد شفيق كأخف الأضرار، ومبدئياً الامتناع عن التصويت احتجاجاً على تلك الثلة التي لا تصلح لشيء!!. . اللجنة العليا للانتخابات أخرجت من سباق الرئاسة العسكري والحرامية، والباقيين يلعبوا مساكة!!. . ربما لم يكن بالأمر مؤامرات ولا نيلة، والمجلس العسكري يلعب دور "شاهد ما شافش حاجة"!!
• لماذا لا يتم القبض على حازم أبو إسماعيل بتهمة إثارة القلاقل وتهديد الأمن بالبلاد، وتقديم مستندات غير صحيحة؟!!. . إذا كان الكذب صفة يتمتع بها الغالبية، فليس لنا أن نتوقع غضباً عارماً على الكذاب. . ألم تلاحظوا أن الأكثر تشدداً دينياً هم أصحاب فضائح الكذب والتزوير والادعاء الباطل؟!!
• ربما الأولوية الآن ليست لمحاكمة رموز العهد السابق، وإنما رموز العهد الحالي في مجلس شعب قندهار ومنابعه. . من المحزن أن تكون الثورة التي قدر لي أن أشهدها وأشارك فيها، سيسجلها التاريخ كنكبة ونقطة انكفاء ورِدَّة في مسيرة الإنسان المصري الحضارية، ربما هذه هي نتيجة اختلاط مياة الشرب بمياه الصرف الصحي لسنين طويلة، فأولاد أبو إسماعيل مثلاً هم نتيجة ستة عقود من تجريف الثقافة والتحضر والإنسانية، لصالح أيديولوجيات التجهيل والتزييف والتغييب، ويلحق بهم "أقباط قداسة البابا المعظم"، مع الفارق الشاسع بين تصرفات وتهديدات الذئاب وثغاء الحملان. . من وجهة نظري الخاصة على الأقل، ليس أدل على تهافت عموم من يطلقون على أنفسهم شباب الثورة من أن قطاعات منهم هاجمت البرادعي بشراسة، وقطاعات تذهب وراء حمدين الصباحي وناصريته المأفونة، وأنهم عموماً لم يلتفتوا للمحترم المستشار/ هشام البسطويسي، ويتركونه وحيداً في مستنقع الثورة المصرية الحافل بالعقارب والثعابين.
• "مفتى الجمهورية يصلي ركعتين بالمسجد الأقصى". . العار والخزي لأساقفة النفاق الأقباط الأرثوذكس تلاميذ مثلث الرحمات المتاجر من أجل زعامة عظمة قداسته. . شتان بين د. علي جمعة الشيخ المستنير وبين أذيال وفلول مثلث الرحمات بابا العرب!!. . تحية للدكتور علي جمعة على خطوته المخلصة الشجاعة بزيارة القدس، كسراً لحواجز النفاق والمتاجرة من قبل كل باحث عن زعامة على حساب مقدرات الحياة لشعوبنا، ولكل من يلقي حجراً في بركة الفكر السياسي المصري الراكدة، والتي تسعى فيها ديدان العروبة القميئة، وتنفث فيها أنفاسها الكريهة. . همسة في أذن أساقفة ومطارنة المجمع غير المقدس: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار!!
• انتقدت سياسات وأداء الأنبا شنودة داخل الكنيسة وخارجها في حياته، وأنتقد استمرارها بعد رحيله، وأرحب بمن يناقش نقدي موضوعياً بنقد مضاد مهما كانت قوته، وعلى من يرى من حيث المبدأ جرماً وخطية في نقد رجال الله ألا يقرأ ما أكتب، فهو في غير حاجه إلي ولا إلى كتاباتي.
• حرية الاختيار امتياز لمن يعي النتائج المترتبة على خياره، أما من يجهل أو يعجز وعيه عن إدراك مثل تلك النتائج، أو ينخدع بنتائج متوهمة مدعاة، تكون حرية الاختيار بالنسبة له نقمة وعقاباً. . رجال الدين يقنعون الناس أنهم حمقى وجهلة وخطاة ولا يستطيعون الوصول لله إلا عن طريقهم، وطالما بقى الناس مقتنعين بهذا فإنه يكون بلاشك صحيحاً. . واضح أن المشكلة ليست فقط في طغيان التيار الديني بشعبيته الجارفة، بل وأيضاً في جهل وتخبط الشباب الذي أشعل شرارة الثورة. . هو الفقر الثقافي المصري المدقع الذي يجعل تطبيق الديموقراطية في الحالة المصرية كارثياً، فتطبيق آلياتها يؤدي إلى حصول الشعب على ما يستحقه تماماً دون زيادة أو نقصان. . أستحلف كل بمقدساته، أيهما أفضل أو أسوأ من حيث مواصفات أعضائه، البرلمان الذي أتى به الشعب بإرادته الحرة، أم الذي كان يلعب فيه التزوير الرسمي في عهد مبارك دوراً كبيراً؟!
هي محاولة ضد قوانين الطبيعة أن تحاول تغيير المصير الذي يختاره الشعب بنفسه لنفسه، لمجرد افتراضك أن هذا الشعب يستحق ما هو أفضل منه، هنا ينبغي إدراك الفرق بين العمل السياسي والعمل المدني والتنويري، في العمل السياسي تحاول تحقيق أقصى الممكن على ضوء "الحقائق الراهنة" في سائر مجالات الحياة، أما العمل المدني والتنويري فهو الذي يحاول تغيير تلك "الحقائق الراهنة" توصلاً لما هو أفضل، حتى إذا ما تم تطبيق آليات الديموقراطية يكون الحد الأدنى (وليس الأقصى) اللازم لحسن تطبيقها متوفراً.
• الثبات النسبي وليس الجمود يكون مستحباً في تكوين الشخصية، أما العلاقات والمواقف التي يقيمها الإنسان مع العناصر والمكونات المحيطة به فالثبات فيها بأي نسبه يحدده درجة صلاحيتها لتحقيق الإنسان لذاته ورؤاه، وتجاوز الثبات لهذا الحد يعد جموداً، والتقصير دونه هوائية وتقلباً.
مصر- الإسكندرية
kghobrial@yahoo.com
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات (0)