كانت الحروب في عهده وعهد خلفائه الراشدين جهاداً في سبيل الله - لأنها حربٌ للكافرين وللمشركين، ولليهود وللمكذبين والضالين، ويشترك فيها جميع المسلمين لكننا في عصرنا هذا أبتلينا في عصرنا بشرٍّ عظيم حذَّرنا منه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وبيَّن حقيقته بيننا الآن، فقال صلى الله عليه وسلّم {بين يدي الساعة يكثر الهرج، قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: الكذب والقتل، قالوا: أكثر مِمَّا نقتله الآن؟ قال: ليس قتلكم للكفار، ولكن قتل بعضكم لبعض، أن يقتل الجارُ جَارَه، وأن يقتل الأخُ أخاه وابن عمه. قالوا: يا رسول الله ومعنا عقولنا يومئذٍ؟ فقال صلى الله عليه وسلَّم: إن هؤلاء القوم ذهبت عقولهم فظنُّوا أنهم على شيء وليسوا على شيء} (رواه أحمد وبن ماجة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه)
وهذا الذي حذَّرنا منه النبيُّ - وهو ما يحدث بيننا الآن - ترى فريقاً من المسلمين هادن اليهود وأصبح اليهود يعيشون في أمان، لا تأتيهم حربٌ من أى جهةٍ من الدول الإسلامية المحيطة بهم، وأهل الإسلام في دول الإسلام في كل دولة يحاربون بعضهم، قامت قائمة كل دولة على من فيها، في العراق يحاربون بعضهم وفي الصومال يحاربون بعضهم وفي اليمن يحاربون بعضهم، وفي ليببيا يحاربون بعضهم وفي تونس يحاربون بعضهم ويريدون أن يصدِّروا ذلك لبلدٍ قال الله فيها في القرآن {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ} (99يوسف)
مع أن النبي صلى الله عليه وسلّم الأمر الذي شدّد عليه مراراً وتكراراً، هو أن يرفع المسلم السلاح على أخيه المسلم، إذا كان المسلم لو رفع لسانه بسبِّ أخيه، وردَّ عليه أخوه، حكم النبيُّ عليهما فقال صلى الله عليه وسلّم {المتسابان شيطانان} (البخاري عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه)
هذا شيطان وهذا شيطان، لأنهما ردّا على بعضهما بنفس السُباب، لأن المسلم لا يسُبُّ مسلماً قطّ، ولا يعيبُ مسلماً قطّ، ولا يغتاب مسلماً قطّ، فإذا رفع عليه السلاح قال صلى الله عليه وسلّم {من رفع علينا السلاح فليس منا} (رواه البخاري من حديث بن عمر وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما)
أيُّ مسلم يرفع السلاح على مسلمٍ من المسلمين ليس من المسلمين أبداً، إنما المسلم يُعضِّد أخاه المسلم، ويعاونه ويحفظه ويصونه، لكن يرفع عليه السلاح؟ كلا وألف كلا
خطب النبي صلى الله عليه وسلّم في في حَجَّة الوداع عدِّة خطب، مرَّة في منى يوم التروية يوم ثمانية من ذي الحجة، ومرة على عرفات يوم تسعة، ومرة في المزدلفة في صباح يوم العاشر، وثلاث مرات في منى، ومرة عند البيت الحرام - وفي كلِّ خطبةٍ من هذه الخطب يُكرر هذه العبارةـ حوالي عشر خطب، والعبارة تكرر في العشرة والعبارة تقول {أى يومٍ هذا؟ وأى شهرٍ هذا؟ وأى بلدٍ هذا؟ فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام،كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، اللهم قد بلغّت اللهم فاشهد، كل المسلم على المسلم حرام: ماله ودمه وعرضه} (رواه البخاري من حديث بن عباس رضي الله عنهما)
ليس له حقٌ في ماله إلا بإذنه {إن هذا المال لا يحلُّ إلا بطيب نفسٍ} (أخرجه البيهقي فى شعب الإيمان عن حَنِيفَةَ الرَّقَاشِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ بلفظ: "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ")
ولا يحقُّ له أن يعتدي علي عرضه - بغيبة أو نميمة أو تشنيعٍ او لعنٍ أو سبٍّ أو غيره - فإذا وجَّه له خطاباً لا يوُجه للمسلمين بَاءَ بِهَ، إذا قال له: يا يهودي، أو يا نصراني، أو يا كافر، باء بها هو، لأنه لا ينبغي أن يقول ذاك لأخيه المسلم الذي يؤمن بالله عزَّ وجلَّ ورسوله صلى الله عليه وسلّم، وليس له حجة في ذلك عند ربه عزَّ وجلَّ
أما إذا رفع عليه السلاح فإنه يخرج من جماعة المسلمين حتى قيل يا رسول الله، هل لقاتل المسلم توبة؟ قال: لا} (روى الطبراني عن أنس بلفظ:" أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة")
لا يقبل الله توبة قاتل المسلم أبداً كيف تقتل مسلماً؟ كيف تُبيح لنفسك ذلك؟ إذا كان النبيُّ وقف أمام الكعبة وقال {ما أطيبك وما أطيب ريحك، وما أعظمك عند الله عزَّ وجلَّ، لكن حُرمة المؤمن أعظم عند الله عزَّ وجلَّ من حُرمتك} حُرمة المؤمن أعظم عند الله من حُرمة الكعبة حُرمة المؤمن يقول فيها صلى الله عليه وسلّم وفي موقفها عند الله {لزوال السموات السبع أهون عند الله من إراقة دمٍ مسلمٍ بغير حق} (رواه النسائي والترمذي من حديث ابن عمر بلفظ: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم")
لا ينبغي لمسلمٍ أن يرفع السلاح على أخيه، ولا يقول له كلمة تؤذيه، كما قال صلى الله عليه وسلّم. أما من حرّض، أو حرّش، أو أعان - بكلمة أو بمالٍ أو بسلاحٍ أو بخطة أو بغيره - فقد قال صلى الله عليه وسلّم في شأنه {من أعان على قتل مسلمٍ ولو بكلمة لقي الله عز وجلّ يوم القيامة مكتوبٌ بين عينيه: آيسٌ من رحمة الله عز وجلّ} (رواه البيهقي عن بن عمر رضي الله عنهما بلفظ:" ولو بشطر كلمة")
كيف تُعين على قتل مسلم؟ لا ينبغي للمسلم أبداً أن يذهب إلي ذلك. قَاتِلْ أعداء الله، قاتل اليهود، قاتل الذين يملأون الأرض فساداً من أهل أمريكا وأوروبا وغيرهم الذين يعيثون في الأرض فساداً. تختلف مع أخيك المسلم، الخلاف وارد، لكن لا يفسد للودِّ قضية، ولا يؤدي إلى الفجور في الخصومة، ولا يؤدّي إلي التشنيع عليه، ولا يؤدّي إلي سبِّه ولا إلي لعنه ولا للتفكير في إيذائه أو إيذاء أهل بيته، لأن هذا لا ينبغي أن يكون بين مؤمنٍ ومؤمن
هذه القضية - قضية الوقت - هي التي أوقعنا أعداءُ الله ورسوله فيها تنبهوا إلي أنه خير خطة للقضاء على الإسلام أن يقضوا على الإسلام من داخل الإسلام أن يسلِّطُوا المسملين على بعض، فيقومون بمحاربة بعض رغبة في منصب، رغبة في كرسي، رغبة في مال، رغبة في مصلحة زائلة، رغبة في منفعة فانية، وانظر إلي ما يقاتل به المسلمون في كل مكانٍ الآن تجده في سبيل ذلك، هل هناك قتال مما ذكرناه في سبيل الله؟
حتى رأينا ما يسمون أنفسهم: أكناف بيت المقدس يحررون بيت المقدس هؤلاء القوم زعموا أنهم لابد أن يقتلوا أهل مصر أولاً حتى يُحرروا أهل بيت المقدس أين معاركهم في فلسطين؟ معاركهم كلها في مصر مع المسالمين مع الفقراء والمساكين مع الناس الذين لا يعرفون في الدنيا إلا طاعة الله وعبادته، ويسعون لنيل أرزاقهم الحلال التي أمرتهم بها شريعته، هل هذا هو الإسلام يا إخواني؟ لكنه الكيد للمسلمين.
ويُعينونهم بالأموال، ويمدُّونهم بالسلاح، ويفرحون ويحتفلون بأن المسلمين في مواقع شديدة بينهم، ويفرحون إذا زادت الآلام ووصلت إلي الفُرقة، ستنقسم البلاد الإسلامية إلي كذا وكذا وكذا - وهذا ما يبغون، وهذا ما يريدون وينبغي أن يفهم ذلك عُقلاء المسلمين حتى نرجع مرة أخرى إلى ألفتنا، وإلي وحدتنا، وإلي أخوتنا، ونواجه هذا الطغيان الكافر، وننفذ قول الله عزَّ وجلَّ{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَالله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8الصف)
قال صلى الله عليه وسلّم {المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يُسلِمُه، ولا يخذله، ولا يحقره، بحسبِ إمرئٍ من الشرِّ أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم حرام دمه وماله وعرضه} (رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه) أو كما قال، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
مما توّصل إليه الكافرون والمشركون والمخابرات الغربية والأمريكية لزيادة الفُرقة بين المسلمين، إيقاع الخلافات في الدِّين، وكلُّ رجلٍّ عَلِمَ شيئاً من الدِّين يظنُّ أن الذي معه هو الحقّ، وأن الذي مع غيره كأنه ليس من الدين وإنما هو باطل، حتى أصبحنا نسمع عجباً : نسمع مفتين يفتون على أمثالنا - لمن يصلون ويصومون ويحجون ويقرأون القرآن - أنهم كفارٌ حلالٌ قتلهم وإباحة دمائهم كيف هذا؟ وجعلوا لأنفسهم الأولوية والأفضلية في حين نسأل القرآن، نجد الرحمن يقول {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (13الحجرات)
الأكرم هو التقيّ ـ نسأل النبي: أين التقوى لنزن الأتقياء؟ قال {التقوى هاهنا} (رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)
وأشار إلي صدره، والتقوى محلها القلب، مادام لم يطلع أحدٌ منا على قلوب الآخرين، فكيف يُميّز نفسه أو يُميّز واحداً منهم على سواه؟ ولا يعرف حقيقة القلب وما به إلا مقلبه وهو الله جلّ في عُلاه
كان النبي صلى الله عليه وسلّم جالساً بين أصحابه فمرَّ رجل فقير، ثيابه مهلهلة، فقال لمن حوله {مارأيكم في هذا؟ قالوا: هذا حريٌ إن خطب ألاّ يُنكح - لا أحدٌ يُزوِّجه - وإذا تكلم لا يُنصت له، وإن إستأذن على الأمراء لا يُؤذن له} ـ وجاء رجلٌ من الوجهاء، فقال لهم صلى الله عليه وسلّم {ما رأيكم في هذا؟ قالوا: هذا حريٌ إذا خطب أن يُنكح، وإذا تكلم يُنصت له، وإذا إستاذن على الأمراء أُذِن له. فأشار صلى الله عليه وسلّم إلي الأول وقال {هذا خيرٌ - عند الله عزَّ وجلَّ - من ملئ الأرض من مثل هذا} (رواه البخاري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه)
المهم التقوى، والتقوى محلها القلب. ولما كانت التقوى محلها القلوب فكيف نُميّز بين هذا وذاك؟ وكيف نعُدّ هذا أفضل من ذاك؟ والإسلام دين جاء كاملاً لكمال البشرية، ففيه أحكامٌ للأقوياء، وفيه أحكامٌ للمرضى والضعفاء، وفيه أحكامٌ للرجال، وفيه أحكامٌ للنساء، وفيه أحكامٌ للمسافرين، وأحكامٌ للمقيمين، وأحكامٌ لمن يعيش في البلاد الحارّة، وأحكامٌ لمن يعيش في البلاد الباردة، وكلها من شرع الله ومن سُنَّة حبيب الله ومُصطفاه
مادام أخي هذا يمشي على رأىٍ إرتآه يوافق سنة رسول الله، فَلِمَ أقبِّحُ رأيه؟ ولِمَ أهاجمه؟ ولِمَ أخاصمه؟ وانتصر لرأيي وأظن أن رأيي هو الصواب فقط؟ هذا ليس من دين الله عز وجلّ، خذ ما شئت لنفسك من الآراء من دين الله عز وجلّ، خذ ما شئت لنفسك من دين الله عز وجلّ واترك لإخوانك المؤمنين يأخذ كلُّ واحد منهم ما يناسب قدراته، وما يوافق أحواله، وما يتمّشى مع منافعه في الحياة الدنيا، مادام كله من شرع الله، ومن دين الله ومن كتاب الله ومن سنة حبيب الله ومُصطفاه صلى الله عليه وسلّم
هذا الخلاف في الآراء، والتعصب للآراء في زماننا - هو أساس هذه النكبات التي حلّت بيننا، لم يكن - إلي عصرٍ قريبٍ وأنتم رأيتموه - هناك خلافٌ في بلادنا : قومٌ إختاروا أن يصلوا ثمانٍ ركعات تراويح ويصلونها في أى مسجد، وغيرهم إختاروا أن يصلونها عشرين، هؤلاء يصلون وهؤلاء يصلون ولا يعترض هؤلاء على هؤلاء، لأن كله من دين الله عز وجلّ.
لم يكن يحدث بينهم حتى خلافٌ لفظيّ، أو خلافاً قوليّ
لكن في هذا الزمان رأينا أن الخلاف يصل إلي الحُكم بأن هذا كافر مع أنه يؤدِّي فرائض الله هذا كافر مع أنه يقول {لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله} ووصل الأمر إلي إباحة الدم لمن يقول {لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله} وهذا أمرٌ لا يوجد في ديننا يا إخواني أبداً، ولم يفعله إلا نفرٌ في الزمن الأول حدَّث بهم النبيُّ وهم الخوارج الذين خرجوا على إجماع المسلمين، والذين أباحوا دماء المسلمين وقتل المسلمين
فلا يوجد مسلمٌ أبداً يرفع السلاح أو يُكّفر مسلماً إلا إذا كان في هذا الوقت آخذاً بهذا الفكر التكفيري الذي يتعارض مع دين الله، ومع وسطية شرع الله التي جاءنا بها النبي صلى الله عليه وسلّم، فهيا بنا نجتمع جميعاً على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله، وعلى المنهج الوسطي الذي جاءنا به دين الله، ونترك الخلافات خلف ظهورنا الآن، لا نحتاج إلي هذه الخلافات وإنما نحتاج إلي الوحدة والألفة والمودّة والمحبة والتراحم والتعاطف والتباذل فيما بيننا حتى يُصلح الله شأننا ويُصلح الله حال بلدنا
اللهم ارزقنا الألفة فيما بيننا، والمحبة في قلوبنا لبعضنا، وانزع الغلَّ والغشَّ والحسد والبغضاء من صدورنا، واجعلنا أخوة متآلفين متكاتفين متباذلين، وارزقنا الإخلاص في الأعمال، والصدق في الأقوال، واتباع الحبيب صلى الله عليه وسلّم في جميع الحركات والسكنات
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء حُزننا، وذهاب غمنا وهمنا.
اللهم اجمع أهل هذا البلد مصر على نور الإسلام، وعلى محبَّة خير الأنام، وعلى العمل الصالح لهذا البلد، وعلى رفع لواء الإسلام، وعلى جهاد أهل الكفر، والكّف على من قال: لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات يا ربَّ العالمين
كما نسألك يا رب وأنت خير مسئولٍ أن تقضي على المنافقين والمتربصين الشرَّ والسوء بهذا البلد، وتأخذهم أخذ عزيزٍ مقتدر، حتى تنصلح أحوالنا، وتستقر أوضاعنا، وتأتينا بخيرك وميْرك من عندك، لا تحوجنا إلي أحدٍ سواك يا أرحم الراحمين
اللهم قيّض لهذا البلد رجالاً صالحين يقودون سفينته إلي برِّ الأمان، وشاطئ الجوديِّ يا حضرة الله يا رحمن
اللهم أهلك الكافرين بالكافرين وأوقع الظالمين في الظالمين، وأخرج المسلمين من بينهم سالمين غانمين، واقضي على اليهود وحرّر أرض بيت المقدس وفلسطين، واقضي على كل الفتن في البلاد الإسلامية، واجعل المسلمين جميعاً في هذا العصر في وحدة ووئام يا أكرم الأكرمين
اللهم بارك لنا في زروعنا، وبارك لنا في ضروعنا، وبارك لنا في أولادنا وبناتنا، وبارك لنا في كل شيٍء لنا أو حولنا، وتولنا برعايتك وكفالتك على الدوام يا أكرم الأكرمين
منقول من سلسلة خطب ومقالات لفضيلة الشيخ
{فوزي محمد أبو زيد}
اضغط هنا لتحميل المزيد من الخطب مجاناً
التعليقات (0)