مواضيع اليوم

جهاد الخازن عندما يكتب عن الرياضة

Saleem Moschtafa

2009-11-17 10:48:12

0

 

لم تكن رياضة و إنما حربا

لعبت صغيراً كرة القدم في الشارع مع أولاد الحي، ولعبت مراهقاً ضمن فريق مدرستي الثانوية، وعندما كبرت وعملت وتوافرت لي القدرة حضرت كأس العالم في ألمانيا وزوجتي معي وهي حامل، وحضرت في 1968 الألعاب الأولمبية في المكسيك، كما تفرجت سنة بعد سنة على بطولة ويمبلدون في كرة المضرب، وشاهدت عشرات من مباريات الكرة العالمية في انكلترا وفرنسا وايطاليا، وكرة القدم الأميركية، وهتفت لفريق «واشنطن ردسكنز» عندما أقمت في العاصمة الأميركية، وحضرت مباراة في لندن قبل أيام.

بكلام آخر لا أكتب كأحد «المسَكَّفين» الذين يعتبرون هواة الرياضة متخلفين عقلياً، وإنما أكتب كهاوٍ قديم وباق لا يفوّت فرصة حضور مباراة، خصوصاً إن كانت في كرة القدم.

المباراة بين فريقي مصر والجزائر لم تكن رياضة وإنما حرباً، مع أن اللاعبين في الملعب تصرفوا في شكل أفضل من وسائل الإعلام في البلدين والمسؤولين وأنصار الفريقين. وأسأل لو كانت بين مصر والجزائر حدود مشتركة، هل كان الوضع تدهور الى خلاف حدودي على طريقة حلايب أو الصحراء الغربية، أو كل حدود بين بلدين عربيين جارين شقيقين تجمعهما وحدة المصير بحسب المعزوفة المعروفة؟

«ماتش كورة» تحول الى مواجهة شملت استدعاء السفيرين، وتصريحات لبضعة عشر وزيراً، لا مجرد وزير الشباب أو الرياضة، أو أي وزير مسؤول مباشرة عن الموضوع.

بل إن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة اتصل بالرئيس مبارك مرتين بحسب رواية الصحف الجزائرية، وبينها من وصف حادث رشق باص اللاعبين الجزائريين في القاهرة بأنه «مجزرة» من دون أن يلاحظ أن المجزرة المزعومة من دون قتلى، أو حتى جرحى إصاباتهم تحتاج الى علاج في مستشفى. في المقابل قرأت نقلاً عن لسان مسؤول في الصحافة الرياضية المصرية قوله إن هذه الصحافة «مسؤولة ولم تنحرف الى المهاترات والملاسنات غير المسؤولة في بعض الصحف الجزائرية». وهو صرح بهذا الكلام من دون أن يلاحظ أنه من نوع المهاترة والملاسنة التي يتهم غيره بها.

أعرف أن لاعب الكرة عقله في قدميه، ولا أنتقد، فبعض اللاعبين يكسب من الدخل في سنة ما لن أكسب طيلة العمر من الكتابة، ولكن لا أفهم أن يتصرف الإعلام ومسؤولون من البلدين وأنصار الفريقين وكأن عقولهم هبطت الى أقدامهم.

إذا اتصل رئيس عربي بآخر فيجب أن يكون الحديث عن قضايا الأمة لا «ماتش كورة»، ويفترض في مصر، ولها مركز القيادة والريادة العربية، والجزائر بلد المليون شهيد، أن ينسقا دفاعاً عن المسجد الأقصى لا أن يشغلهما جنون الشارعين المصري والجزائري عن المهم والأهم.

يوم السبت الماضي كانت المباراة في القاهرة وغداً في الخرطوم مباراة الحسم، والنتيجة أن بلداً عربياً من المجموعة الثالثة في افريقيا سيشارك في بطولة العالم في كرة القدم السنة المقبلة في جنوب افريقيا.

بما أنني لست مصرياً أو جزائرياً فقد فزت قبل أن يطلق حكم المباراة صفارته إيذاناً ببدء اللعب في القاهرة، لأن الذاهب الى بطولة العالم سيكون فريقاً عربياً، غير أن من الواضح أن رأيي ليس رأي أنصار الفريقين الذين ينظرون الى الفريق المنافس وكأنه عدو غاشم.

ربما ما كنت كتبت عن الموضوع لولا أنني في انتظار بدء مباراة السبت، كنت أقرأ صحف لندن بسرعة حتى لا يفوتني شيء من المباراة عندما تبدأ، ووجدت في أكبر صحيفتين تحقيقاً عنوانه أفضل مئة كتاب صدرت هذا العقد.

كان التشابه بين التحقيقين غريباً وتزامن النشر أكثر غرابة، فالعقد لم ينته بعد. واقتصر الاختلاف على أن «التايمز» نشرت الكتب من الأول في الأهمية والتأثير حتى الأخير في الرقم مئة، وأن «الدايلي تلغراف» بدأت من آخر كتاب وانتهت مع الأول.

كانت هناك كتب في قائمة لم ترد في القائمة الثانية، وشغل بعض الكتب مركزاً أعلى في إحدى القائمتين من القائمة الأخرى، واحتلت رواية «الطريق» من تأليف كورناك مكارثي المرتبة الأولى في قائمة «التايمز» ولم أجدها في قائمة «التلغراف» التي أعطت المركز الأول لآخر كتب «هاري بوتر» من تأليف ج.ك.رولنغ، مع أن الكتاب احتل المرتبة 17 في القائمة الثانية. وكان كتاب باراك أوباما «أحلام من أبي» الثاني في قائمة والثالث في الأخرى. أما كتاب الملحد ريتشارد دوكنز «وهم الله» فهبط من المرتبة الخامسة في قائمة الى الخامسة عشرة في الثانية، كما هبطت رواية «أسنان بيضاء» لزادي سميث من المرتبة الثامنة الى العشرين بين القائمتين.

لماذا انتقلتُ من الكرة الى الكتب؟ القائمتان ضمتا كُتّاباً من العالم أجمع، بينهم كثيرون من باكستان والهند وأفغانستان وتركيا وإيران واليابان وأميركا اللاتينية وغيرها، ولكن لا اسم عربياً واحدٌ. لماذا هذا؟ لأن العرب في السنوات العشر الأخيرة كانوا يلعبون «كورة» ويختلفون حتى على مباراة بدل أن يستمتعوا باللعب.

 

 

تعليق: أنا في العادة دائما ما أريد أن أعبر عن أفكاري بكلماتي الخاصة مهما كان مستواها و لكن لأني عجزت عن ايجاد مفردات تعبر عن ما أشعر به، و لأني وجدت ضالتي في مقال للرائع جهاد الخازن من جريدة "الحياة" اللندنية فضلت أن أترك الأستاذ يتكلم بلسان حالي، و هي فرصة أيضا لمن لم يقرأ المقال ليستمتع و لكي يفهم، وأقف هنا.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !