جهابذة الإسلام
ليستٌ أفهم إصرار غالبية المتدينون ورجال الدين ومن لف لفيفهم من وعاظ ودعاة ذكوراً وإناثاً على البقاء بزاوية الوعظ والتذكير بالنوافل وتحذير المجتمعات من العذاب الأخروي متجاهلين المجتمع واحتياجاته المختلفة ويتعاظم شأن ذلك الفهم الغير واضح عندما تتقمص تلك الفئة دور الموجه والقائد والسياسي الجهبذ والأب الروحي فتنشر أفكار وأيدلوجيات معينة تختصر المجتمع وتضعه بسلة أنا الإسلام وأنا الفصل الأخير من فصول التاريخ .
عند تلك الفئة البشرية هناك إيمان راسخ بكٌفر العملية الديمقراطية الا إذا كانت جسراً يوصل المتدينون ومن لف لفيفهم لمفاصل صٌنع القرار وهذه حقيقة وليست خيالاً , ذلك الإيمان الراسخ ينطلق من فهم ضيق للإسلام وقيمه ويغلب عليه حٌب النفس والنظر إليها بكمال واكتمال , لو أن تلك الفئة البشرية تستخدم ما تملكه من معارف وآراء بشكلٍ إيجابي لماتت كثيرٌ من الصراعات والمنافسات الغير شريفة والتي لم تكن لتوجد لولا تلك الفئة الإقصائية التي لا تؤمن بغير ما يوافق هواها ومستوى تفكيرها , حقوق المرأة وحريات المجتمع والمواطنة ومؤسسات المجتمع المدني ملفات تٌستخدم كثيراً من قبل تلك الفئة تٌجيرها بما يضمن مصالحها ويٌحقق أهدافها حتى وإن كانت ضد المجتمع وحياته ومستقبله , لو أن المتدينون ورجال الدين ومن لف لفيفهم فهموا الإسلام بشكلٍ صحيح وأعملوا العقل وتجاوز النقل قليلاً وشاركوا مخالفيهم في الحوار الجاد لتمخض الواقع بمولود الإنسانية والمدنية والحريات والحقوق والاستقرار النفسي والروحي والتنموي والسياسي الخ , ارتداء عباءة الدين جعل من الكفاءة والمصداقية محل ازدراء وأصبحت عاراً وتحول الخطاب التنموي والحقوقي والإصلاحي من حالة يٌراد بها الخير للمجتمعات كافة بغض النظر عن أعراقها ومذاهبها وألوانها وأديانها إلى حالة يٌمرر عن طريقها شعارات وأهداف ورؤى تٌميت الحيوية وتضع المجتمعات بدائرة يٌطلق عليها العوام فهناك من يٌفكر عنه ويعلم شؤونه ولا داعي إذاً لمزاحمة الأخيار الصالحين , منذ مدة كثيرة وتلك الحقيقة كامنة بالكٌتب والخٌطب والغالبية العظمى لم تكن تٌدرك أبعادها ولم تكن تٌصدق حتى مع وجود شواهد حية كأفغانستان المقتولة باسم إقامة دولة الإسلام أو الصومال المتوفاة دماغياً باسم الإسلام الخ ذلك من النماذج الحية القديمة والحديثة فأتى الربيع العربي القدر الذي أخرج للعلن كل شيء وكشف كل شيء فتنادى المؤمنون والمؤمنات وحولوا قضايا الأوطان الثائرة لجرائم متناثرة تحت مسمى الخلافة الراشدة وأحداث أخر الزمان ودفع المؤامرة وكل ذلك بسبب الإسلام السياسي " السٌني , الشيعي " الذي لا يرى المجتمعات وقضاياها بوضوح تام فرؤيته قاصرة عينٌ بكتب التاريخ وعينٌ على الواقع تٌريد له أن يكون كالتاريخ القديم بتراكماته وأحداثه وأهواله وحسناته !.
العالم الإسلامي والعربي يعيش حالة انهزام فكري معرفي حضاري ثقافي صراعات وتجاذبات وفٌرص قليلة للسلام , جميع التيارات الفكرية والسياسية شريكة في وصول ذلك العالم لتلك الحالة لكن الإسلام السياسي رفع شعارات الإنقاذ والإقصاء لعقود فحول حالة الانهزام إلى حالة موت عندما اختلطت الأوراق بعضها ببعض وتلك هي إشكالية الإسلام السياسي العظيمة , متعاطفي الإسلام السياسي وحاملي لوائه يجب أن يعوا دروس التاريخ ويعوا أن المجتمعات مثلما تطمئن للوعظ " الغير مؤدلج " كحالة إرشاد نفسي فإنها تطمئن للعيش بسلام وفق قانون الطبيعة الذي أوجده رب العالمين " وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا " وتٌبدع وتٌنتج إذا كانت حياتهم محكومة بقوانين مضبوطة بنظام لا تمييز فيه أو إقصاء وفق قاعدة أنتم اعلم بشؤون دنياكم ووفق نظرية الوطن للجميع بلا تمييز أو استثناء والمشاركة والتعاون من أجل الإنسان ومصالحة وقضاياه ليس حكراً على طائفة معينة فالجميع لهم حق وحرية وأحلام والواقع يٌصدق ذلك أو يٌكذبه بعالم يهرب من قضاياه باتجاه الوعظ المؤدلج تاركاً النماذج العالمية والعقل والمحاولات الرائدة خلف ظهره خوفاً منها لأنها كٌفر فقد تربى على ذلك منذ الصغر !...
التعليقات (0)