مواضيع اليوم

جند أنصار الله الأميركان !

زين الدين الكعبي

2009-08-16 13:22:58

0

 

ينقسم العرب هذه الأيام حول انتشار التطرف الديني وأسبابه في مجتمعاتهم . فمنهم من يرى أن أسبابه تعود الى الهجمة الصهيونية الغربية على دولنا , وتحالف الأنظمة العربية الدكتاتورية مع هذه القوى , حتى بات الغرب والصهاينة حماة لهذه الأنظمة اللتي تقمع شعوبها . مما أدى الى ردة فعل متطرفة عند البعض ضد هذه الأنظمة القمعية , وضد المجتعات الساكتة عن هذه الأنظمة , وضد الغرب الحامي لهذه الأنظمة .

وهناك قسم آخر يعزي ظاهرة التطرف الى أستخدام الغرب للمتطرفين المسلمين في مقاتلة الأتحاد السوفيتي أيام غزوه لأفغانستان . ولأستخدامهم من قبل بعض الأنظمة العربية في تثبيت أنظمتها الحاكمة كما في بعض دول الخليج المحافظة . أو في محاربة القوى اليسارية اللتي اصبحت قوية في سبعينيات القرن الماضي كما حصل في مصر وغيرها .

ويوجد قسم آخر من العرب (وأنا منهم) من يعتقد بجميع الأسباب السابقة اضافة الى بعض الأسباب الأخرى . منها ما هو تأريخي , حيث كان وعاض السلاطين يدسون في كتب الدين من الغث والضعيف من الآراء , حتى باتت بعض أفكارهم سببا في انتشار العنف والتطرف في مجتمعاتنا . مثل أفكار أبن تيمية وغيره . أي أن الموضوع هو فكري في جزء كبير منه .اضافة الى الصراع الأزلي من أجل السلطة والمال بين البشر .

ألا أن هناك قسم آخر من العرب يعزي التطرف الى قصور في العقلية العربية وقصور في الشريعة الأسلامية ذاتها . مما يؤدي الى بلادة عربية عامة (أن صح التعبير) , تمنع العرب من فهم كنه الحضارة وأسسها ومتطلبات قيامها حسب رأي هذا القسم . متأثرين بآراء وأفكار خارجية معروفة , صابين ابشع النعوت على العرب والأسلام .

وهذه نظرية لا تقل تطرفا عن نظريات التطرف الأسلامي في أعتقادي . فالنظريتان تسفهان الآخر تسفيها مطلقا دون أي دليل . فهذا يحتقر قسم من البشر لأسباب دينية . والآخر يحتقرهم لأسباب علمانية . ودائما ما يقارن هذا القسم الأخير بين ما وصلت أليه مجتمعاتنا وما وصل أليه الغرب والشرق من حضارة ورقي لأثبات نظريته . وهذه المقارنات وأن كانت صحيحة في جوانب عديدة منها . ألا أن هنالك ظواهر كثيرة تدلل على وجود خطأ ما في نظريتهم . فهذه النظرية لا تشرح سبب وصول الحضارة الأسلامية الى ما وصلت أليه من تطور لاكثر من الف سنة , تسيدت خلالها حضارات العالم وأصبحت وكأنها امريكا اليوم . ولا تشرح هذه النظرية المتطرفة أيضا سبب وجود منظمات كثيرة متطرفة في بعض المجتمعات اللتي تعتبر من قلاع العلمانية الحديثة ومن المؤسسة لها .

فما اللذي يشرح وجود منظمات مثل أيتا في أسبانيا , والجيش الجمهوري الآيرلندي في بريطانيا . وبادن بادن في ألمانيا , وحتى الجيش الأحمر في اليابان . بالرغم من عدم وجود أي تأثير يذكر للأسلام في مباديء هذه المنظمات المتطرفة . وما اللذي يجعل مجاميع من هذه المجتمعات المتحضرة تتجه نحو التطرف وهي اللتي تنعم بحياة مترفة ومنعمة وديموقراطية , ويحضى فيها الجميع بأسمى حقوق المواطنة كما يقال . ألا يدعونا هذا الى الأستنتاج أن أفكار القصور العقلي والعضوي العربي المزعوم هي أفكار سخيفة وغير علمية في حقيقتها . كما تبين أن النظرية العلمانية الغربية هي أيضا تعاني قصورا فكريا يؤدي الى مشاكل تستدعي البحث . وأن مجتمعاتنا العربية ليس لها ألا أن تفكر وتفكر للوصول الى نظرية وسطية تأخذ السمين من النظريتين العلمانية والأسلامية , وتترك الغث اللذي لاينفعنا منهما .

لنأخذ تحقيقا مهما نشر في تقرير على موقع (السي ان ان) يوم أمس مثالا على ما نقول .

يقول التقرير المعنون (بتنامي الخوف على حياة اوباما) بأن خبراء أمنيون عبروا عن قلقهم البالغ إزاء أمن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، مع تنامي نمط التهديدات والخطابات العدائية التي تستهدف أول رئيس أمريكي أسود، في الوقت الراهن تحديداً مع تزايد الجدل بشأن برنامج الرعاية الصحية .

وبحسب التقرير فأن هناك تحقيقا يقوم به  جهاز الخدمات السرية في الوقت الراهن من أمريكي حمل لافتة كتب عليها: "الموت لأوباما" و"الموت لميشيل أوباما وأبنتيها الغبيتان"، في "مريلاند" هذا الأسبوع.

وشدد الخبراء على ضرورة عدم تجاهل الارتفاع الحاد في عدد وقوة المليشيات، التي ساعدت في إذكاء جذوة الإرهاب الداخلي إبان فترة التسعينيات، وتطويعها التقنيات الحديثة مثل "يوتيوب" والإنترنت وموسيقى الروك لتجنيد عناصر جديدة لبث الخوف والكراهية.

ولم يكتفي هذا التقرير بذلك . بل أنه يشير الى تقري سابق يدلل على أنتشار الأفكار المتطرفة في المجتمع الأمريكي , واللذي يعتبره الكثيرون منا من أكثر مجتمعات الأرض تحضرا وأنفتاحا وحرية وديموقراطية . فبحسب تقرير (السي أن أن ) فأن هناك تقريرا نشره مركز "ساوثرن بوفرتي لو" قد حذر الأسبوع الماضي من خطر تصاعد قوة المليشيات اليمينية المسلحة في أمريكا، ونبه إلى أن تنامي قدراتها قد يهدد بدخول الولايات المتحدة في دوامة من العنف الداخلي "في المستقبل القريب" على حد تعبيرها. وذكر المركز "أن الأجهزة الأمنية الأمريكية رصدت وجود 50 مليشيا جديدة في البلاد عام 2009، تمارس تدريبات مسلحة، ونقل عن خبير أمني قوله إن مسألة اندلاع عنف وتهديدات بات "مسألة وقت."

والسؤال هنا .. أذا كان هذا يحصل في مجتمع مثل المجتمع الأمريكي , فهل من الممكن أن نعزي التطرف الى المنهج الأسلامي أو الشريعة الأسلامية . أو الى قصور مزعوم في العقلية العربية وطريقة تفكيرها ؟؟ .

قد يتحجج البعض بأن التطرف في الغرب دائما ما يأتي من ناحية الطبقات الفقيرة واللتي يكون أكثر أبنائها من الاقليات والملونين والمهاجرين المجنسين حديثا , في تأكيد لا يمكن تجاهله لأصابة المتأثرين بالغرب من العرب بما يسمى ( عقدة الرجل الأبيض ) ,عقدة يمكن أثباتها أذا ما تذكرنا أن مفجر أوكلاهوما كان امريكيا أبيض من أصول أوربية . وأن عصابات الكوكلان كلاكس اللتي كانت تقتل السود هم من البيض الأوربيين. حيث كانت هذه العصابات تحرق السود أحياء وبجانبهم صليب يحترق , كناية الى أن افعالهم هذه هي أفعال بأسم المسيح .

كما أن تكملة تقرير (السي أن أن) تؤكد ذلك . حيث أكد التقرير عن مارك بوتوك، مدير "مركز ساوثرن بوفرتي لو" قوله: أعتقد أن الرئيس قد أجج مشاعر خوف أعداد كبيرة من المواطنين البيض في البلاد بأنهم، وعلى نحو ما، يفقدون بلادهم. وأضاف: "يعتقدون بخسارة المعركة، وأن الدولة التي أسسها آبائهم البيض المسيحيون، قد سلبت منهم."

ونقلت شبكة ABC" الأمريكية عن براد غاريت، المحقق السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالية، إنه "بالتأكيد وقت مخيف للغاية.. الخدمات السرية ليست في موقف يتيح لها التغاضي عن أي حادث أو شخص."  وأضاف غاريت: "أنهم بحق متخوفون من حدوث خطب ما لأوباما."

وأورد التقرير عن مارك بوتوك، مدير "مركز ساوثرن بوفرتي لو" قوله: أعتقد أن الرئيس قد أجج مشاعر خوف أعداد كبيرة من المواطنين البيض في البلاد بأنهم، وعلى نحو ما، يفقدون بلادهم. وأضاف: "يعتقدون بخسارة المعركة، وأن الدولة التي أسسها آبائهم البيض المسيحيون، قد سلبت منهم."

 

وإلى ذلك، لفت تقرير المركز الذي نشر الأربعاء، و يحمل عنوان "الموجة الجديدة: عودة المليشيات" إلى أن العناصر المسلحة المنضوية في هذه التنظيمات تضم "عناصر قومية" موزعة على حركات لمجموعات شبه مسلحة أو تيارات تعارض دفع الضرائب للحكومة المركزية أو اتجاهات تنادي بـ"السيادة الوطنية."

ونقل التقرير عن مصدر أمني لم يكشف عن اسمه قوله إن المليشيات اليمينية شهدت خلال العقد الحالي نمواً غير مسبوق، مضيفاً: "الأمر لا يحتاج إلى أكثر من شرارة.. الوصول إلى مرحلة من العنف والتهديدات مسألة وقت ليس إلا."

وفي فبراير/شباط الماضي، أوضح تقرير أعدته هيئة أمريكية مختصة، إن التنظيمات المتشددة والعنصرية المعروفة باسم "مجموعات الكراهية"، التي تضع نصب أعينها معاداة طبقة أو عرق أو شريحة معينة، تزايدت بنسبة 54 في المائة منذ عام 2000، لتصل إلى أعداد غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

وذكر التقرير أن تلك المجموعات التي كانت تصب جام غضبها على المهاجرين اللاتينيين، بات لديها اليوم أعداء جدد، وعلى رأسهم أول رئيس أمريكي أسود اللون، باراك أوباما، إلى جانب الأزمة المالية العالمية، التي رفعت منسوب المشاعر العدائية .

 

فهل بعد هذا كله من سيعزي تأخر العرب عن الركب الحضاري الى قصور في شريعة محمد صلواة الله وسلامه عليه ؟ . وهل سنكيل تهمة الأرهاب الى الأسلام  والمسلمين فقط ,  ونستثني  كل الظروف الثقافية والأجتماعية والسياسية والفكرية والتاريخية اللتي تؤدي الى التطرف والأرهاب  , ليس فقط  في مجتمعاتنا بل في جميع المجتمعات البشرية ؟ .

والسؤال الأهم هل سنرى شخصا أمريكيا أبيض يقف على مذبح كنيسة في نيويورك . ويقف الى جانبيه مسلحين , ليعلن عن أمارة مسيحية بقيادة ( جند انصار الرب ) ؟؟!! 

 

arabic.cnn.com/2009/world/8/15/obama.safety_hate/index.html




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات