مواضيع اليوم

جندي ياباني: اذكيائكم يقودهم غبي

حسنين السراج

2012-02-18 10:11:42

0

 

قبل سنوات دخل احد أصدقائي في حوار مع جندي ياباني حول الوضع في العراق فقال له الجندي الياباني (بعد الحرب العالمية الثانية تطورنا بسبب وضع رجل ذكي وفاهم لقيادة مجموعة من الاغبياء يعملون تحت تصرفه وامرته اما انتم العراقيين فكل مجموعة اذكياء يقودكم شخص غبي والدليل انظر من كان يقودكم ولمدة 35 سنة) 

هذا الجندي الفيلسوف يتحدث عن نقطة محورية وهي (سر نجاح دولة المؤسسات –الرجل المناسب في المكان المناسب-) الذكاء يكمن حين يتمكن رجل من تفجير ابداعات من يعملون تحت امرته في الوقت الذي تظهر عليهم البلادة حين يعملون تحت امرت غيره .
سر نجاح أي مؤسسة مهما كان نوعها هو القائد الذكي والمجتهد والذي يعرف ماذا يريد ويعرف كيف يجعل موظفيه يقدمون طاقتهم القصوى ويعرف أين يضعهم ليبرعوا في عملهم ويعرف كيف يجعلهم يحبوه ويحبون عملهم ويشعرون بالانتماء لأفكاره ويشعرون بالولاء لتلك المؤسسة . ما هي فائدة الذكاء أذا كان الأذكياء يقودهم غبي ؟؟؟ الفائدة كل الفائدة حين يتمكن قائد ذكي من عل موظفيه يبذلون طاقتهم القصوى ويعكسون نتائج أيجابية على المؤسسة التي ينتمون أليها. 
المؤسسات العراقية بصورة عامة وليس بالمطلق يقودها أشخاص يحبون برستيج المنصب أكثر من حبهم لزوجاتهم . كيفية البقاء في المنصب هي أكثر نقطة يخطط لها من يصل على رأس الهرم والنقطة الأخرى هي التمتع بهذا المنصب بالطاقة القصوى . النقاط التالية هي نماذج بسيطة على جل ما يحرص عليه نسبة كبيرة من رؤساء المؤسسات في عالمنا :
- حمايات شخصية – سيارات مصفحة - بدلات رسمية فاخرة – سكرتيرة جميلة 
- عدم أدخال المراجعين ألا بعد أنتظار وقت طويل حتى لو كان غير منشغل . 
- التأكد من أن من يخاطبه يستخدم مفردة استاذ وياويله وسواد ليله لو خاطبه بمفردة أخرى . 
- عدم النظر الى المراجع حين يتحدث معه والتظاهر بالانشغال بشيء ما .
- الدخول الى المؤسسة بسرعة و رفع الرأس الى الاعلى وعدم النظر الى الموظفين .
- التذلل والتخضع أمام من يفوقه مرتبة من حيث المنصب حين يزور مؤسسته . 
- التأكد من هدر كل النثرية على أقامة مناسبات ليس لها معنى كالمؤتمرات السنوية الفارغة والمليئة بالنفاق . 
- الأهتمام ببيروقراطية المؤسسة جهد الأمكان . 
هؤلاء طبعا ليسوا قادة بل مدراء وهناك فرق جوهري بين القائد والمدير فالمدير شخص حصل على منصب رسمي أما القائد فهو شخص يتسم بصفة القيادية وله تأثير غير رسمي على الموظفين وليس كل قائد مدير وليس كل مدير قائد وأفضل الحالات هي التي يكون فيها الشخص الذي يتوسم بالقيادية هو نفسه من حصل على منصب المدير .
الملفت للنظر أنك تجد في نفس المؤسسة أشخاص أكثر كفائة وأكثر قدرة على قيادة المؤسسة الى التطور والنجاح لكنهم مصابين بالاحباط والنكوص والانكفاء على الذات ولا يفكرون الا بشطب يومهم المأساوي الذي يقودهم فيه شخص سخيف وسطحي. 
العامل المهم الذي يساعد على بقاء هكذا سطحيين في مناصبهم وقت طويل هو عصابات التملق والنفاق والمصالح التي تحيط بهم . وهذه العصابات تسعى جهد أمكانها لبقاءه لان هناك مكتسبات مادية ومعنوية من ورائه وفي حال خروجه فهناك أحتمال كبير أن ياتي شخص اخر لا يقل سخافة عن سابقه لكن لن تبقى هذه العصابة تتمتع بوضعها السابق وستتكون عصابة جديدة وحبربش جدد . اما في حالة ظهور شخص مناسب ويملك عقلية قيادية حقيقية ولديه أفكار أبداعية تؤدي الى تطور المؤسسة فنسبة بقائه في منصبه ضئيلة لأنه حين يعمل بشكل حقيقي سيظهر عيوب أقرانه في المؤسسات المناظرة وسيظهر تقصيرهم وفسادهم لذلك سيحاولون أن يقلعوه من منصبه بشتى الوسائل وما أكثرها والتهديد بالقتل أحدها وهو أحد الخيارات والبهتان والكذب وتزوير الحقائق وارد ايضا . وفي النهاية أذا كان لهذا الرجل قوة تسنده سيبقى وأذا لم يكن له من يسنده فعليه أن يستعد لوظيفته الجديدة ( موظف في الارشيف ). 
الموظف العراقي لا يشعر بالانتماء للمؤسسة التي يعمل بها لذلك لا يهتم بتطويرها ولا يهتم بسمعتها لذلك هو غير منتج ويقضي اطول الوقت في وجبة الافطار وفي الصلاة وفي الاحاديث الجانبية 
نسبة كبيرة من الموظفين في العراق حين يسلم عليه المراجع لا يرد عليه ويتظاهر أنه منشغل بالعمل وبعد فترة ينظر اليه بوجه لايعرف الابتسامة ألا وقت أستلام الراتب ويقول له ( هاااااا ) وحين ينظر الى معاملته يبحث جهد أمكانه عن نقص في المعاملة واذا لم يجد نقص يخترع شيء جديد ليقول الكلمة التي يعشقها ( ميصير عيني هاي المعاملة متمشي ) ليشعر بنصر كبير وعظيم على من سلب منه راحته وقطع عليه حديثه المهم مع زميله . 
علاقة تكاملية بين المؤسسة الفاشلة والقائد الفاشل . كلا منهما يكمل الاخر وكلا منهما أنتج الاخر 
قرأت مقال كتبه طبيب عراقي شاب يتحدث عن تجربة ثرية حصلت معه واليكم أختصارها : 

يقول الطبيب : 
جائتني دعوه لحضور مؤتمرا طبيا في ايطاليا وفرنسا اخذت موافقه رئيس القسم وعميد الكليه التي اعمل معيدا بها وذهبت الى رئاسة الجامعه لكي احصل على دعم مالي حسب توجيهات الوزاره التي شجعت المشاركه بتلك النشاطات الثقافيه في اوربا ووافق رئيس الجامعه ومسؤول القسم المالي على هذا التخصيص بعد شهرين من البيروقراطيه والتاخير !! ذهبت بعدها الى قسم البعثات والعلاقات الثقافيه لطبع الكتاب عند السيد............... رئيس القسم فدخلت الى مكتب ( معاليه ) فوجدت رجلا بلغ من العمر عتيا واصفرت اسنانه وازرقت شفتاه من النيكوتين فسلمته الكتاب وقرأه وقال: 
(انته بعدك صغير على هيج مشاركات اذا انته بهالعمر تسافر لاوربا شخليت للكبار!!! ) فاخذ الكتاب وذهب الى رئيس الجامعه وغير هامشه ليلغي امر ايفادي وقال (البكلوريوس يحضرون ورشا تدريبيه وليس مؤتمرات )بعدها بشهر جائتني دعوه من جامعه كوبنهاكن الدنماركيه لحضور ورشه عمل في امراض القلب واخذت الموافقات الاصوليه وذهبت الى نفس العبقري فقال معاليه انني يجب ان اعرض الموضوع على مجلس الكليه وهو يعلم اننا في عطله صيفيه وان المجلس لن يجتمع من اجلي ثم قال بعد موافقه مجلس الكليه يجب عرضها على مجلس الجامعه وهو يعلم ان رئيس المجلس خارج العراق وكان تدريبي سيبدأ بعد اسبوعين فقط من تقديم طلبي وان تاشيره الدخول تحتاج الى اسبوعين في الاقل. اتصلت بمسؤول التدريب وكان بروفسورا دنماركيا لم اتصل به من قبل قط فاخبرته ان حضور التدريب على نفقتي سيكلفني مبلغا طائلا لا استطيع الوفاء به فاخبرني ان امنحه فرصه ليبحث كيف يمكنه مساعدتي . اتصل بي بعد يومين وقال لي ان احد المشاركين قد انسحب وفاض بعض المال لديهم فحوله لي ليدفع رسوم الاقامه واجور المشاركه في التدريب . فسألت نفسي لماذا لم يضع الاستاذ الدنماركي ما فاض من المال في جيبه ؟؟ الا يعرف كيف يضع اسما وهميا و( يلغف ) ما بقي من المال كما يحصل في (ولايه فرهود( بعدها بيوم اتصل بي وقال انسحب شاب اخر وفاض مال اخر!! سادفع لك اجور الطيران كذلك لمساعدتك في الحضور ! عجيب قلت في نفسي لماذا يسلك ذلك الدنماركي مثل هذا السلوك معي وانا لست من بلده ولا من دينه ولا من سنه ولا من مرتبته العلميه؟؟ ذهبت الى السفاره الدنماركيه وقدمت طلبا للحصول على تاشيره دخول واجابني القنصل ان نسبه الموافقه هي 1% فقط . اتصلت بالرجل الطيب واخبرته ان هناك مشكله في السفاره فقال انا ساتكفل بالامر ! اتصل الرجل بوزراه الخارجيه الدنماركيه وكفلني هناك واتصل بي وقال ان الفيزا قد صدرت لي فعلا وعلي الذهاب لاستلامها!! الامر الذي اثار استغراب موظفي السفاره حول سرعه اصدار الفيزا وكيف اني عرفت بامر اصدارها حتى قبل السيد القنصل نفسه؟!! لماذا قدم لي هذا العون الفائق وهو لا يعرف عني أي شئ وكنت اقارن دائما موقفه مع موقف ( المسلم ابن بلدي ) مسؤول قسم البعثات والعلاقات الثقافيه في جامعتي . في الدنمارك شاهدت قوما اخرين واخلاق اخرى وتوجه اخر يختلف عن ما شاهدته في بلدي اختلافا عظيما!! عندما رجعت الى العراق سألني زملائي : ماذا تعلمت؟ اجبتهم : عرفت ( ليش الله موفقهم ) الان تم الاجابه على تساؤلاتي منذ الصغر لماذا الامم الغربيه في عليين وامتنا اسفل سافلين!! 

كم هو مؤلم أن نجد طبيب طموح وذكي كهذا الطبيب يقوده شخص غبي كهذا الشخص الذي يحاول جهد الأمكان منعه من حضور مؤتمر في أوربا بسبب حسده وغيرته لا اكثر . يبدو أن الجندي الياباني على حق لدينا أذكياء واقعين تحت غباء وبيروقراطية اشخاص أنانيين وسطحيين . ولن يخلصنا من هذه النماذج الا عزرائيل . فهكذا أشخاص ليس هناك أمل في أصلاحهم . وعلينا ان ننتظر جيل جديد يتربى في ظل دولة فيها قضاء يحمي المواطن ويقويه حتى على رئيس الدولة وفيها مؤسسات رقابية متينة وللقانون فيها كلمة عليا وهذا الكلام قد يحتاج الى أكثر من جيل وعلى الأغلب لن نكون موجودين في ذلك الموعد لأننا سنكون حينها تحت التراب لذلك ليس لدينا ألا أن نتكلم ونتالم . 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !