جميعهم صذّام حسين
لم تتغير حروف مسمى النظام
وكل الفرق أن الأمر أصبح "عَـبَـثِياً" بعد أن كان "بَعْـثِـياً"
واضح أن كل سياسي عراقي هو في حقيقة الأمر صدام حسين ...... وأن الفرق الوحيد بين الواحد منهم وبين صدام حسين هو موقعه أو المسافة التي تفصل بينه وبين الكرسي والنفوذ ..... بل والأوضح هو أن كل من يجلس على كرسي السلطة والنفوذ في العراق يتحول آليا وبسرعة البرق إلى صدام حسين في حين يتحول غيره وبنفس الآلية والسرعة إلى ضحايا صدام حسين ......
وبالأمس كان صدام حسين يمارس الجبروت والتسلط بإسم الشرعية الثورية وديكتاتورية الحزب مستخدما سيفا من حديد .. واليوم يمارس صدام الجديد الجبروت والتسلط بإسم شرعية الإحتلال الأمريكي وديكتاتورية الطائفية مستخدما سيفا من قوانين إستثنائية مفصلة على حسب مقاسات ومواصفات منافسيه .....
وبعد إعلان فوز قائمة إياد علاوي ذات المسحة العلمانية بأكثر المقاعد توقعنا جميعنا أن يحترم الجميع إرادة الشعب ويتم تداول السلطة على نحو ديمقراطي سلس يكفل نوعا من الإستقرار المنشود خلال السنوات المقبلة ، لاسيما وأن قوات التحالف الغازية المحتلة تحزم حقائبها إستعدادا للرحيل ...... ولكن كانت المفاجأة أن الصداميين الجدد أعلنوا كالعادة تمسكهم بكراسي العرش وتلابيب السلطة والكيكة الدائرية وبنهج صدامي خبيث ناعم هذه المرة ؛ وعلى نحو يعمل على تكبيل الشعب العراقي ورهن إرادته بخيوط من حرير بعد أن كان صدام حسين القديم يكبله ويرهن إرادته بقيود من حديد .
مسألة طريفة مضحكة هي حكاية إجتثاث البعث ومن هم وراء البعث وكلمة حق يراد بها باطل ..... وآخر ما رشح هو توجه ما يسمى بهيئة المساءلة والعدالة المثيرة للجدل (والشبيهة بمحاكم التفتيش) نحو قص أجنحة قائمة إياد علاوي بإسقاط عدد (6) نواب فائزين من قائمته بزعم أنهم كانوا بعثيين .... الطرف المضحك الآخر في هذا الأمر أنه بدا وكأنه مكايدة مقصودة ؛ ذلك أن قائمة علاوي تفوقت على قائمة المالكي بعدد ثلاث مقاعد .... وهكذا بعد إسقاط (6) نواب من قائمة علاوي ستتحول النتيجة فتصبح قائمة المالكي متفوقة على قائمة علاوي بثلاثة مقاعد .... إنها حقا أم المهازل .
هكذا إذن يتم تكريس الصدامية الديمقراطية الناعمة الجديدة بكل بساطة وعدم حياء ولسان الحال يردد "اللي إختشوا ماتوا" ..... وبما يعني أن النتيجة ستنقلب بفضل سحر "صدام الديمقراطي" وقوانين محاكم تفتيشه الإستثنائية لمصلحة قائمة نوري المالكي ؛ وكأن المسألة ليست سوى لعبة كراسي أكثر منها إحتراما لإرادة شعب.
.واضح أن الرئاسة باتت هدفا في حد ذاته وغاية تبرر الوسيلة .... ولكن كل هذه السياسات الغير مقنعة أو منطقية لن تؤدي في النهاية سوى إلى تردي الوضع الأمني في العراق وإلى مزيد من عدم الإستقرار والتدخلات من إيران المتربصة به وبأراضيه والتي ستأكل الأخضر واليابس ... وحيث تلوح في نهاية النفق نذر ونيران حرب أهلية طائفية ضروس ستمتد عقود من الزمان لا محالة . ويصبح العراق صومال الشرق الأوسط الجديد بكل تأكيد....... وساعتها سيبكي الجميع على صدام حسين الفائت الذي كان العراق على عهده موحدا على الأقل ويجري حكمه بعيدا عن تدخلات الجوار والمحاصصات وقيود الطائفية الضيقة الأفق التي أثبتت فشلها حتى في بلد المنشأ ناهيك عن البلدان المستوردة........ ويا لسخرية الأقدار فبعد غزو أمريكي تحالف معه العشرات من الدول وضحايا بالملايين وخسائر بالمليارات ؛ لم تتغير الحقيقة أو حروف كلمة بعثي في جوهرها وإنما فقط تم تبادل موقع الحروف ..... فأصبح الحكم "عـبـثـي" بعـد أن كان "بعـثــي"
التعليقات (0)