مواضيع اليوم

جمهورية مصر.. العـُـــرفية !

محمد شحاتة

2009-09-08 13:46:52

0


تعيش مصر "المحروسة " هذه الأيام – وأيضا ما سبقها من أيام أو أعوام لا فرق - أحلى أو أحلك - برضه لا فرق
فترات عمرها السعيد .. فمصر اليوم في عيد ..

فهي تمر باليوبيل الذهبي لإعلان الأحكام العرفية – الطوارئ- في مصر على يد الإنجليز عندما احتلوها أيام الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس ..

والجميل والمدهش أن الشمس قد غربت عن تلك الإمبراطورية وأشرقت بعدها على أمريكا..

وبدأت الشمس في الغروب عن أمريكا بعد أن أخذت دورتها لتشرق على الصين ...

ولكن الأحكام العرفية – الطوارئ- لم تغرب عن سماء مصر المحروسة حتى اليوم..

وربما تغرب مصر نفسها ولكن تبقى الطوارئ.. يا سلام .. شايف الثبات..

لذلك نرجو من جميع الحاسدين .. والحاقدين .. والمبغضين لمصر الطوارئ أن يبلعوا حسدهم .. ويجتروا حقدهم.. ويرسلوا إلينا التهاني والتبريكات ..

ويرفعوا إلينا أسمى آيات التمني بالبقاء في الطوارئ حتى يرث الله الأرض ومن عليها !!..
ففي مصر المحروسة ..

نعيش طبقاً لإعلان الأحكام العرفية تحكمنا قوانين الطوارئ منذ أيام الإنجليز حتى يومنا هذا لم تنقطع عنا أبداً..

إلا أياماً معدودات !.. عشنا فيها الحرية دون طوارئ.. لكننا لم نطيقها !..

ولأن صحتنا حلوة وتتحمل .. فلم نؤدي الفدية عن أيام الحرية المعدودات تلك التي عشناها بلا طوارئ ..

ففضلنا أن نؤدي عنها القضاء .. بأن بقينا وسنبقى باقي عمرنا وعمر من بعدنا نعيش ونصوم ونفطر ونتسحر في الطوارئ ..

ففي الطوارئ بركة ! .. . لعل ولاة الأمر يتقبلوا من الشعب طوارئه ويجزونه عنها خير السجون والمعتقلات !! ..
وبمناسبة اليوبيل الذهبي للطوارئ ..

فلن نتحدث عن الماضي ومرحلة الاحتلال الانجليزي عملاً بأغنية الأخ عمرو دياب الخالدة – مابلاش نتكلم في الماضي ..الماضي كله جراح وعذاب ..

ولكننا سنتكلم عن الطوارئ وانجازاتها في المرحلة الحالية وهي تبدأ من ثلاثين سنة تقريباً ..
حينما تم اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 تم إعلان الأحكام العرفية .. يعني قانون الطوارئ ..

وقانون الطوارئ لمن لم يعرفه – وليس يوجد مواطن في الوطن العربي لم يعرفه - يعني :

( إعلان تعطيل العمل بجميع القوانين والدستور بالمرة لمجابهة ومعالجة حالة طارئة تستلزم فجائيتها وخطورتها اتخاذ إجراءات استثنائية وسريعة -)

وعملاً بمبدأ أن-  الضرورات تبيح المحظورات - فإنه يتم تعطيل العمل بكل .. أو جـُـل .. أو بعض مواد الدستور والقوانين السارية في البلاد..  واتخاذ إجراءات بديلة ونافذة تتضمن بحسب مواد الدستور والقوانين "المعطلة" انتهاكاً شديداً .. واعتداء سافرا..  وجرماً سافلاً ..

ويبقى مــُعلن حالة الطوارئ وهو هنا رأس السلطة في البلاد الذي بيده كل السلطات والصلاحيات بلا استثناء ..

وأكرر بلا استثناء..  ليعلن ويقرر ما شاء له .. وما عــَّن له من قرارات في قوة القوانين كبديل عن القوانين والدستور المعطلين وذلك لمواجهة هذا الأمر الفجائي الطارئ ..
وطبعاً ففي ظاهر الطوارئ رحمة ولكن في باطنها كل العذاب ..

فبالنسبة للرحمة التي في ظاهرها  ..   فإن الطوارئ تعني بكل بساطة ..

(الخطر الفجائي الداهم الذي لا تسعفنا النظم الإدارية والقوانين النظامية العادية في مجابهته أو مواجهته)

حيث يتطلب رفع حالة استعداد قصوى وخطوات غير تقليدية وسريعة ..

كالكوارث التي تنجم عن الزلازل .. والبراكين .. والفيضانات

والأوبئة .. كالطاعون..  والملاريا "زمان" .. وانفلوانزا الطيور..  والخنازير "دلوقتي ..

كذلك في إعلان الحروب للهجوم أو الدفاع ضد غزو عسكري

أو هجمات تخريبية واسعة تهدد الأمن القومي للبلد ..

في تلك الحالات وما شابهها .. منح القانون والدستور لرئيس الدولة – حسب رؤيته وتقديره – سلطة إعلان الأحكام العرفية –"الطوارئ يعني"..  

وهذا يتيح له حق إصدار قرارات في قوة القوانين العاجلة .. كتقييد حرية الأفراد بالقبض .. والتفتيش .. وحظر التجول .. وحظر التجمعات.. والاجتماعات .. والتهجير من مكان إلى مكان..  والاعتقال دون تهمة .. أو محاكمة ..

والتنصت على التليفونات دون إذن .. والمنع من السفر .. والإحالة للمحاكمة أمام محاكم استثنائية تنشأ خصيصاً لذلك كمحاكم أمن الدولة العليا طوارئ .. إضافة للمحاكم العسكرية ..  تنفذ أحكامها فوراً دون طعن ...
هو ده بقى يا سيدي إعلان الأحكام العرفية المسمى" دلعاً"  و" تدليلاً"  بقانون الطوارئ ..
ورغم أن حادث اغتيال الرئيس السادات – الفجائي- والذي أعلنت حالة الطوارئ لمواجهته قد مر عليه نحو الثلاثة عقود تقريباً ..
يعني ثلاثين سنة .. بل وقد فرغت الملائكة من حسابه .. بل وعرف مصيره الذي هو في علم الله وحده – ونرجو أن يتغمده الله بواسع رحمته وعظيم غفرانه- ..

إلا أن مصر لم تفرغ بعد من " فجائية" و " طارئية" هذا الحادث .. ولم يفرغ القائمون على أمرها من حسابها بعد ..

ولم تعرف مصيرها حتى الآن .. فالأحكام العرفية معلنة .. وقرارات الطوارئ سارية .. والدستور والقوانين في أجازة ..

و البلد يعيش متوالية منتظمة .. أرحام تدفع..  وطوارئ تبلع  !!..

والحجة .. الإرهاب .. ياسلام ياسلام ..

مسئول يعترف علناً وجهرة بتنصت أجهزته على تليفونات الشعب في اعتداء سافر على الدستور – آه نسيت إن الدستور معطل-

و يقول اللي خايف ما يتكلمش.. شايف الرد المفحم المـُلجم البليغ !!

دلوقتي القانون تم تعديله .. ويتم محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في قضايا مش عسكرية !! ..

وكذلك أمام محاكم أمن الدولة الطوارئ .. وبرضه في قضايا مش أمن دولة ولا طوارئ !! .

ودي طبعاً تصدر حكماً واحداً لا شريك له إلا تصديق الحاكم العسكري أو الحاكم بأمره برضه مش فارقة ..

يعني لا طعن ولا استئناف ولا دياولوا ..حتى تعديل قانون الأحكام العسكرية ليسمح بعمل طعن شكلي ربما لا يغير من طبيعة المحاكمة وبطلانها إذا كان الذي يحاكم أمامها مدنياً وفي واقعة مدنية  .. .

ويجوز القبض على المواطن بدون إذن النيابة.. حاجة ببلاش كده ..!!.

ويكون في حوزة السلطة " التنفيذية طبعاً" وتحت يدها مدة أسبوع كامل دون أن يعرف الجن الأحمر عنه شيئاً ..

ولا يتصل بمحاميه .. ولا يتم عرضه على النيابة إلا بعد أسبوع من القبض عليه .. وعصره..  وتظبيطه .. وسلقه .. وتحميره .. وأكله بالهناء والشفاء ..وبعد كده يرموه للنيابة .. أو للمحامي بتاعه مش فارقة .. وكله بالقانون.. شوف الضمانات !!.. طوارئ بقى !!..
ده طبعا غير الاعتقالات دون مبرر.. أو دون الاضطرار لمبرر.. ودون مدة محددة ..

يعني هناك على ما سمعنا وعلى مسامعنا أنه يوجد معتقلون دون محاكمة .. ودون تهمة.. ودون مدة.. أمضوا - ولايزالون – في السجون مدة تجاوزت الخمسة والعشرين عاماً بل ودون أن يعرفوا السبب . وآهي عيشة تعدي والسلام..

وربما السبب أنهم من أعداء الوطن على رأي فيلم البريء بتاع العبقري أحمد زكي ..
وللعلم..  فحالة الطوارئ لها مدة محددة طبقا "للقانون"..  وهي ثلاث سنوات .. لا تجدد إلا بعد طلب التمديد.. وعرضه مشفوعا بأسباب التمديد لمدة ثلاث سنوات أخرى على السادة أعضاء سيد قراره " مجلس الشعب سابقاً" ..

والسادة أعضاء سيد قراره يتداولون طلب التمديد .. وبعد جهد جهيد في التصفيق للطلب .. وإبداء التذمر من إرفاق طلب تمديد الطوارئ بأسباب .. حيث أن الأمر لا يحتاج لأسباب .. فالعملية ثقة ومحبة وإخلاص .. وخلاص .. موافقة ..

ويتم التمديد .. ويتم التجديد .. ومصر اليوم في عيد .. 
وعندما يتم التمديد ثلاث سنوات أخرى .. وقبيل نهايتها ..
تنضرب "بمبة" في أي حتة في البلد.. !!

 وتقوم الهوجة والصحافة .. وسيد قراره .. والمطافي .. وبرنامج ما يطلبه المستمعون.. 

 الكل يناشد ويطالب بسرعة تقديم الطلب بمد حالة الطوارئ مدة ثانية قصدي حادي عشر ..
وبناء على طلب المستمعين .. اللي هما الشعب .. وتوفيراً للوقت والجهد والطلب والموافقة والتمديد وغيره ..

قالوا نعمل (قانون طوارئ  ثابت) نشيل منه كلمة طوارئ ونخللي كلمة ثابت .. ولا نحتاج كل مدة لسؤال اللئيم .. اللي هو الشعب يعني .. وعلشان كده المطبخ اشتغل..  والطباخين شمروا عن موادهم .. وسمومهم.. 

 وبدأوا في طبخ قانون جديد وجميل ومطور 6000سي سي .. يعني يستوعب الشعب كله في المحرك بتاعه ..
وعلى حسب ما سمعنا أنهم يجهزون أو جهزوا بالفعل قانون مكافحة الإرهاب المستقر.. والمستمر .. والمستعر..

وذلك كبديل أسود ومطين بطين لقانون الطوارئ المؤقت منذ مائة عام !!..

وعلى حسب ما سمعنا ومسامعنا أيضا فإن" ريـــح"  مواد هذا القانون المسمومة ..والنفاذة .. تسربت وبقوة من مطبخ القوانين سيئة السمعة إلى أنف الشعب المعطوب والمزكوم برطوبة المعتقلات ..

لذا فإننا وفي هذه الأيام المفترجة الطيبة وفي هذه المناسبة العطرة .. لا نقصد شهر رمضان الكريم طبعاً ...

ولكن نقصد مناسبة اليوبيل الذهبي للطوارئ ... أعاده الله علينا وعلى كل المنبطحين..  و الخانعين .. والخاضعين بالويل والثبور ..

فإننا نتوجه بهذا النداء إلى السادة اخواننا  وأولاد العم وفلذات أكبادنا "الصهاينة" الأعزاء !!..

نرجوهم أن يشددوا في الطلب على كميات إضافية ومضاعفة من الغاز المصري!!

وليسحبوا كميات كبيرة منه عبر الأنابيب الموصولة من قلب قاهرة المعز إلى شرايين تل أبيب ..!!

حتى ينقطع الغاز عن مطبخ القوانين سيئة السمعة عندنا.. وتفسد طبخة قانون الإرهاب ..

 وحتى نبقى في اللهو .. والمرح .. في ظل قانون الطوارئ المجيد ..

شاكرين مهللين ..

وكل( يوبيل )  أو كل ( وبيــل ) " مش فارقة" ومصر في طوارئ....

 وليجزي ولاة الأمر  شعبهم ...شعب (جمهورية مصر العــُرفيـــــــــــــة)..

 عن تقبــله .. وتقلـــــــــبه على الطوارئ..  خير السجون والمعتقلات ..

                      قولوا آميـــــــــــــــــــــــــن ..

                   "آه يا عفاريت حاسِـسْ إنكم بتقولوا آمين بجد " !!





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !