جمهورية سيناء الديموقراطية
على الرغم من فشل الغزو الأمريكي في العراق في بسط مفاهيمه الاستعمارية فشلا زريعا ، كمحاولاته الفاشلة فى تجنيد فصائل معينة من المجتمع ، أو العشائر ، أو القبائل العراقية ، للعمل لحسابه من جهة ، و من ثم مساعدته في غزو ، واحتلال ، بلادهم من جهة ثانية ، والدفاع عنه وحفظ أمنه من جهة ثالثة ، وذلك بتسليح هؤلاء النفر من شيوخ بعض العشائر بالسلاح الأمريكي النوعي ، و التجسس على إخوانهم العراقيين ــ وأيضا لحساب المستعمر الأمريكي ــ من النشطاء ، والوطنيين المناهضين ، والمقاومين للاحتلال الأمريكي من جهة رابعة .
وقد اصطلح المستعمر الأمريكي علي تسمية هؤلاء العملاء من العراقيين ، والذين يستخدمهم ، وكما أسلفنا فى قتل العراقيين ، والدفاع عن أمنه فى العراق ، والتجسس علي النشطاء ، والمقاومين للاحتلال الأمريكي للعراق باسم ؛ " الصحوات " ، وكأن عكسها ، وهم غالبا ؛ " الغافلات " ، هم الذين يعترضون على الغزو الأمريكي لبلادهم ، وبشتى الطرق الشرعية ، والمشروعة الممكنة ، والمعترف بها دوليا فى حالات الاحتلال ، أو الغزو الأجنبي لبد ما من البلدان المستقلة ، و التي هي عضو من أعضاء الأمم المتحدة..!
وكان الاعتقاد السائد أنه عندما تم كشف عملاء الاحتلال الأمريكي في العراق من الصحوات ، أن يلجأ الأخير عن التخلي عن هذا الأسلوب المكشوف في احتلال ، وإخضاع ، وإزلال ، الأمم والشعوب ، ولكن قد حدث العكس ، إذ توسع الاستعمار الأمريكي فى اختراع وتجنيد ، وتعميم فكرة الصحوات بعدة دول أحرى يهيمن على أنظمتها كأفغانستان ، وباكستان ، واليمن ، وأخيرا مصر ، وتحديدا في سيناء .
وهذا التدويل البغيض للمفاهيم الاستعمارية التوسعية لم يقتصر فقط ، وفى حقيقة الأمر على ما اصطلح على تسميتهم بالصحوات ، ولكنه قد شمل أيضا القاعدة ، وما يعرف بتنظيم الدولة فى العرق والشام ، داعش ، وحيث صار لدينا الآن دامس ؛ أي تنظيم الدولة فى مصر والسودان ، وداجم ؛ أي تنظيم الدولة فى الجزائر ، والمغرب ، وتالم ؛ أي تنظيم الدولة فى تونس ، وليبيا ، وغيرها . والسؤال هو إذا كان كل ما يظن انهم على صلة ما بما يسمى الإرهاب ــ سولاء كانوا افرادا ، أو منظمات ، أو جمعيات أهلية ، أو حتى أحزاب سياسية ــ مراقبون جميعا ، وعلى مدار الساعة ، وبأحدث ما توصل إليه العلم ، والعالم ، من تكنولوجيا التجسس ، والتصنت الغير مشروع على عباد الله ، ومن ثم فإن حركة ، وكذا تحركات ، بل وحتى أحاديث كل هؤلاء مرصودة ، وبمعنى أخر فكل هؤلاء محاصرون بالفعل حصار خانق ، أو قاتل ، فكيف والحال هذه أن يتوسعوا ، وينتشروا مثل هذا الانتشار السرطاني فى كل بلدان العالم ــ مثلهم مثل الشركات العابرة للقارات ــ وبما فى ذلك الولايات المتحدة ذاتها ، إلا إذا ، وكما ذكرنا من قبل ، أن تكون داعش ، ودامس ، وأخواتهما ، هم جميعا من صنع الولايات المتحدة ذاتها ..؟!
ودامس هي المتهمة ، أو المسؤولة ، الآن عن قتل جنودنا في سيناء ، وليس إسرائيل طبعا ، والتي قد دفنت أسرانا من الجنود عام 1967 أحياء ، و كان أحد المشرفين ، والمنفذين ، بل والذين قد أعطوا أمرا بذلك هو وزير الدفاع الصهيوني السابق بنيامين بن إليعازر الذي وقع اتفاقية الغاز المصري المصدر مجانا لإسرائيل مع سامح فهمى ، وزير البترول الأسبق في عهد مبارك ..!
وعودا على بدأ فإنني أرى تطبيق مفهوم ما يسمى بالصحوات في سيناء ، وبعد الهدم الممنهج لمنازل الآمنين من المدنيين ، والمسالمين ، فى سيناء ، والذين قد أقاموا وسكنوا فى تلك المناطق التي يهجرون منها الآن ، من قبل حتى هزيمة يونيو عام 1967 ، بمثابة إرهاصات لترتيبات مريبة تجري في المنطقة . والمفارقة الغريبة ، والعجيبة هنا ، هي بحق ؛ أن إسرائيل التي دفنت جنودنا أحياء ، وبأوامر من إليعازر لم تجرؤ يوما على ترحيل السيناويين حتى من على حدودنا المشتركة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي ، وبعد هزيمتنا منهم عام 1967 .
أما المفارقة الأعجب الأخرى هنا أيضا هي انه قد كشف موقع " نيوز ون" الاسرائيلي ، وليس العربي ، أو حتى الأمريكي ، بأن إليعازر قد عينه مبارك كمستشار له مقابل 25 ألف دولار في الشهر ، ولفترة طويلة ، وانه قد جرى التحقيق معه من قبل الشرطة الإسرائيلية بسبب ذلك ، كما اضطر للانسحاب من الانتخابات الرئاسية الإسرائيلية الأخيرة ، والتي قد فاز فيها رئيس الكنسيت رؤوين ريفلين ، بسبب ذلك ، بينما لم توجه لمبارك مثلا تهمة واحدة تتعلق بذلك ، وأدناها التخابر مع شخصيات أجنبية معادية لمصر ، وفوق ذلك قد أمرت تلك الشخصية بدفن أسرانا من جنودنا المصريين أحياء في يونيو 1967 ..!
فأي هدية تلك التي نقدمها مجانا لكيان الاحتلال ، ثم نزيد على ذلك ، وننشأ الصحوات في سيناء ، وفقط من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل ..؟!
وما قيل عن صحوات العراق يمكن أيضا ، وبالمثل يقال عن صحوات سيناء ، وكافة الصحوات الأمريكية الأخرى فى المطقة ، وفي غير المنطقة ..!
ومهما يكن من أمر ، فأن تلك الصحوات تعد بالفعل بمثابة نذير شؤم ، وهي بمثابة الخطوة الأولى لتفتيت الوطن ، وذلك بدءا من محاولة انفصال سيناء نهائيا عن مصر ..!
وأعتقد أنه لو طرح ــ وليعاذ بالله ــ أمر انفصال سيناء عن مصر الآن ، وفي ظل حملات الإبادة الجماعية ، والتهجير القسري تلك ، و الذى يجرى الآن فى سيناء ، على قدم وساق ، فإنني أعتقد ، وأكاد أجزم ، أن حوالي 99.9% من سكان سيناء سوف يؤيدون ، أو يصوتون فى استفتائهم لصالح انفصال سيناء عن مصر ، وإنشاء ما يسمى بجمهورية سيناء الديموقراطية ..!
والسؤال هو أفلا يعتبر من بيدهم الأمر بما يحدث حولنا الآن ، من نزاعات إقليمية ، وأهلية داخلية ، وخاصة في كل من أوكرانيا مثلا ، وكذا اليمن ، وسعي اليمن الجنوبي ، من ثم ، فى الانفصال مرة أخرى عن اليمن الموحدة ..؟!
ولله الأمر من قبل ومن بعد ..!
مجدى الحداد
وموقعي على " الفيسبوك " هو :
https://www.facebook.com/magdyalhaddad
التعليقات (0)