مواضيع اليوم

جمهورية إيران العظمى.

محمد مغوتي

2010-09-24 00:06:32

0

            جمهورية إيران العظمى.
    قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قبل أيام بنيويورك إن بلاده تعتبر قوة عظمى إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية. و تحدث نجاد عن إيران بوصفها دولة تجسد الخير بينما تمثل أمريكا نموذج الشر في العالم.
     تصريحات نجاد هذه ليست مجرد أضغاث أحلام كما قد يعتقد البعض. فإيران باتت تمثل رقما صعبا في الواقع السياسي الجديد. و قد نجح نظام ولاية الفقيه في إيران بشكل كبير في لفت الأنظار، و تحولت بلاد فارس من دولة تابعة للغرب كما كان الأمر عليه في ظل حكم الشاه إلى بلد يمعن باستمرار في تحدي الدول الكبرى، و يمضي قدما في تطبيق أجندة سياسية يبدو أنها أعدت بإحكام. و أصبحت إيران شوكة في حلق النظام العالمي الجديد بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية بسبب تحديها للمجتمع الدولي في موضوع الملف النووي الذي يمثل أبرز الملفات الوازنة في العلاقات الدولية. و منذ انهيار الإتحاد السوفياتي خلت الساحة تماما للولايات المتحدة في التحكم في دواليب السياسة العالمية. لكن إيران اختارت أن تتحدى سطوة العم سام. و قد نجح الإيرانيون حتى الآن في خلخلة التوافق بين القوى الكبرى، و استطاعوا أن يربحوا كثيرا من الوقت في خضم السجال المتواصل حول برنامجهم النووي، و غياب أية رؤية واضحة لدى الولايات المتحدة و حلفائها بشأن آليات التصرف في الموضوع.
    لقد عرفت دولة الملالي في طهران كيف تستغل( حتى الآن على الأقل )هذا التخبط الدولي لصالحها. و قد لعب الوضع الإقليمي دوره في تعزيز الموقف الإيراني. إذ يدرك الإيرانيون جيدا حجم الحرج الذي وقع فيه الأمريكيون نتيجة التدخل العسكري المباشر في العراق و أفغانستان. و من تم فإن أية مغامرة مشابهة في إيران تعني الغرق في المستنقع الفارسي. و لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية في المدى المنظور و في ظل الأزمة الإقتصادية العالمية أن تبادر إلى حل عسكري لحسم المشكل النووي الإيراني. و ما يضعف الموقف الأمريكي في هذه المرحلة هو سياسة " نقل المعركة " التي ينهجها نجاد بتهديده الدائم لإسرائيل من مغبة أي هجوم تتعرض له بلاده. لذلك فهو يعلن نهارا جهارا أن مصير إسرائيل إلى زوال. و إذا كنا نعرف جميعا أن هذا الكلام لا معنى له إلا على سبيل دغدغة المشاعر، فإن الأمريكيين يأخذونه على محمل الجد لأنهم يدركون أن الإيرانيين سيلتجئون فعلا إلى ضرب إسرائيل في حالة تعرض بلدهم لهجوم أمريكي، و ذلك من أجل خلط الأوراق و إشعال المنطقة. و أي رد فعل إيراني من هذا القبيل من شأنه أن يلقى تأييدا و اسعا عند الشعوب العربية و الإسلامية التي ستتعاطف مع إيران. و عندما يرتفع مؤشر المشاعر المعادية للسياسة الأمريكية، تزداد أسهم الجهاديين و تصبح المصالح الأمريكية تحت رحمة التهديد الإرهابي في كل مكان. ثم إن إيران تستطيع أن تكسب قلوب مئات الملايين من المسلمين الذين يضعون العداء الأمريكي لإيران في خانة محاربة الإسلام. و يصبح بذلك أي هجوم إيراني على إسرائيل حربا دينية مقدسة....
    يجب أن لا يفهم من كلام نجاد أن إيران قد كسرت مبدأ الأحادية القطبية الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية منذ انهيار المعسكر الشرقي البائد في إطار ما يسمى بالنظام العالمي الجديد. ذلك أن القدرات الإقتصادية و العسكرية الإيرانية لا يمكن أن ترقى إلى مستوى القوة الأمريكية الخارقة. لكن مجموعة من الظروف تظافرت لتسمح لدولة إيران الإسلامية لأن تكون قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب في المنطقة. و من يستطيع أن يفرض حضوره في الشرق الأوسط من المؤكد أن يتجاوز إشعاعه حدود المنطقة.

         محمد مغوتي.24/09/2010.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !