أما عن افلاطون أستاذ أرسطو، فهو شخصية ثرية جداً. وأفكاره عن الشعر قائمة على مفارقة دالة وملتبسة في آن. لقد تخيل عالماً مثالياً (طوباويا) يعيش فيه البشر أفضل حياة. وأطلق على هذا العالم اسم الجمهورية. وطبعا تتكون جمهورية أفلاطون من طبقات، أعلاها أسماها، وأسفلها أدناها. وتشبه الجمهورية في ذلك جسم الإنسان أعلاه الرأس، حيث العقل الذي يحدد السلوك الفاضل للإنسان. وهذا القسم الأعلى يمثله الرئيس الذي تتوافر فيه صفات الحكمة. وبعد الرأس نهبط إلى الصدر، حيث القوة الغضبية، وهي المنطقة التي يحتلها حواس الجمهورية. وبعد الصدر في النزول يأتي ما هو أدنى، حيث القوة الشهوية والغريزية التي تجعل الإنسان أقرب إلى الحيوان، وما دون ذلك توجد الطبقات الدنيا من الجمهورية، حيث العامة الذين هم أقرب إلى الغرائز.ومفهوم أن يجعل أفلاطون من أمثاله الفلاسفة حكاما للجمهورية. أما الطريف، فهو ما طالب به من طرد للشعراء من الجمهورية، لأنهم لا يلتزمون بالحقائق ولا يحترمون الآلهة الذين كثيراً ما كانوا مدعاة سخرية الشعراء الغاوين الذين لا يكتفون بذلك، وإنما يكتبون شعرا يخاطب القوى البهيمية أو الشهوية، لكنه لا يخاطب العقل. ولذلك فالجمهورية المثالية التي تخيلها أفلاطون جمهورية مغلقة الأبواب دون الشعراء.
ولكن المفارقة تأتي من أن أفلاطون يروي في إحدى محاوراته (إليوت)، أن الشاعر عندما ينشد شعرا يبدو كما لو كانت انتابته حالة من المس. وأن الشعر يتفجر على لسانه كأنه يهبط عليه من آلهة، تتقمصه، وتدفعه إلى أن ينطق وهو غائب عن الوعي بكلمات وصور ليست من صنعه، وإنما ....
http://beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=21356
التعليقات (0)