علي جبار عطية
تلفتيميناً وشمالاً باحثاً عن (الجد) الذي أوصت المرأة ابنتها بالجلوس قربه في الباص الذي يسع أربعين راكباً مساء ذلك اليوم البارد برودة كلام المرأة! لم يكن خلف مقعدي أي شخص ولا عن يميني ولا عن شمالي .. قلت ربما تمثل أحد الاشباح بهيئة جد ! قلت : لم يبق الا سواي الجد الذي قصدته السيدة بقولها لابنتها ذات الاعوام الثمانية (اجلسي قرب جدك)! أعادتني جملتها الى منتصف التسعينيات حين بدأت أقضم سنوات العقد الرابع ونادى علي أحدهم: (تعال هنا حجي)!!
ها انذا وقد ذرفت على الخمسين أعد جداً بمقاييس تلك المرأة البليدة ! ورحت أفتح ابواب الاحتمالات : ربما بسبب لحيتي الكثة أو للقميص داكن اللون ! ربما بسبب انحناءة عفوية أو لنظارتي الطبية التي تحل لي مشكلتي بعد النظر وضبابية الرؤية اي ما يسمى بـ (الاستكماتزم) لكنها عبء ثقيل على وجهي وضيف غير مرحب به لانها تجعل المرء أكبر من عمره بعقد من السنين ! راحت الافكار تترى ربما ان هذه المرأة تخاف حين تصعد السيارة وتريد ان تبعث الاطمئنان الى نفسها بانها قد وجدت جداً !
وربما تريد ان تسحب البساط من تحت العاطفة الرجالية المفتوحة لتؤمن غطاء أبوياً لاحتمالات واردة في مثل هذه الاماكن المكتظة ! أشرق وأغرب لكن سهم تلك الجملة الثلجية ادخل الاسى الى قلبي .. تساءلت: لماذا يفتقد العراقي الحد الادنى من اللياقة في المناداة ؟
لماذا لم تقل تلك المرأة لابنتها : اجلسي قرب عمك أو خالك ؟ لترتاح وتريح !
لماذا نقلتني الى الجيل الثالث بثانية واحدة من دون الالتفات الى ما تحدثه جملتها من أثر ! لماذا لم تتعلم هذه المرأة من بائعة السمك التي تنادي في السوق : أين الشباب المشترين؟!
كاتب وصحفي عراقي
التعليقات (0)