تزخر الساحة الجمعوية في العديد من المدن المغربية بقائمة طويلة تتضمن أسماء جمعوية تعمل بكل ما أوتيت من ملكات الإبداع وجهد التطوع على جعل أحياء المدن التي تنتمي إليها في غاية الجمال و التنظيم .
و أصبحت الجمعيات المذكورة إطارات مناسبة للسهر على خدمة السكان و مجالا لهم للتعبير عن نظرتهم و تصورهم لقضايا الحي الذي ينتمون إليه ، و لتكون في آن الوقت الوسيط و المدافع أمام السلطات المحلية و المجالس المنتخبة و الذي ينقل رسائلهم المحملة بطموحات و آمال يسعى هؤلاء السكان إلى تحقيقها على أرض الواقع .
كما يعهد إلى هذا النوع من الجمعيات ، الذي أضحى معروفا لدى كل الفاعلين الجمعويين ب" جمعيات الأحياء " ، تدبير أمور الأحياء و السهر على صيانة كافة مرافقها و إيجاد الحلول لكافة المشاكل التي تعرفها ، بالإضافة إلى كونها مدرسة لخلق جو من التضامن و المساندة بين السكان .
و هكذا ، وبهذا الجهد الجهيد الذي تبذله هذه الجمعيات، يتأسس مستوى آخر من الوعي بقضايا المدينة ... تكمن من خلاله الأهمية القصوى لهذه الجمعيات من باب أنها ترقى بالمواطن العادي إلى مستوى الاهتمام بقضايا وطنه و المساهمة في حلها مساهمة واعية و منظمة و كفيلة بجعل عجلة التنمية و التقدم تدور بشكل صحيح و على المسار الصحيح وتصنع لنا مواطنا واعيا و إيجابيا ناقد لا يدير ظهره للمفسدين الذين ينخرون جسد الوطن الحبيب، بل مواطن يعمل انطلاقا من إطاره التنظيمي، مدفوعا بروح التضامن و الغيرة على وطنه ، بالدفاع عن حقوق السكان ابتداء من الحي و المدينة.
ففي كل المدن المغربية هناك العديد من المشاكل التي يعاني منها السكان ، مشاكل بيئية، وصحية و أمنية و لوجستيكية ... يبقى المنفذ المؤدي إلى تجاوزها و القضاء عليها هو التشكل في إطارات جمعوية خدماتية جادة لها من الرغبة و القدرة ما يكفي للقضاء على كافة النوازل التي تعرفها أحياءنا المغربية.
و تبقى النقطة السوداء التي تشوه سمعة جمعيات الأحياء هو إقدام بعض الجهات على تأسيس جمعيات صورية تحاول من خلالها القيام بحملات انتخابية وتسعى عن طريقها إلى الوصول إما لقبة البرلمان أو للمجالس الجماعية .
ولو أن هذه الجمعيات التي تؤسس بناء على رغبات أشخاص استمرت في عملها لكان الأمر أهون من أن تصير الأحياء التي أسست بها تلك الجمعيات بدون إطارات جمعوية تترافع من أجل قضاياها ... و تصبح الجمعيات التي تم تأسيسها لغاية ما عبارة عن هياكل جمعوية تموت وتحيى ببروز استحقاق انتخابي معين .
إن بلادنا اليوم في حاجة أكثر من ذي قبل إلى جمعيات تُفعَّل لكي تؤدي دورها المنوط بها وتخدم المجتمع وتربي فيه ثقافة المجتمع المدني , ولكي تؤدي هذا الدور يجب أن تختفي من قوانينها و أهدافها الظاهر منها و الباطن ثقافة ( الاستهلاك) والنفعية والمصالح الفردية التي تستخدم الجمعية لتحقيقها .
عادل تشيكيطو
tchikitou@yahoo.fr
التعليقات (0)