جمعيات المبادرة
ترسخ الإيمان في بلدنا بأن إحراز أي تقدم حضاري ﻻيمكنه أن يتحقق دون امتلاك القدرة على تأسيس جمعيات مبادرة تساهم إلى جانب باقي مكونات ومؤسسات الدولة في الدفع بالبلاد من أجل تحقيق تنمية بشرية قوية وتوفير وسائط حياتية تسعى إلى الرقي بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة .
وهو أمر رافقته تعبئة شاملة للموارد البشرية الحية القادرة على العمل المنتج، فتكونت بعد هذا الإيمان جمعيات غير حكومية تبذل ما في وسعها من جهد وما أمكنها تجميعه من معرفة علمية لتحقيق التنمية والتقدم الحضاري في نطاق جغرافي محدد ، تعمل في مجاله على إشاعة ونشر الوعي بأهمية البذل والتطوع و ترسيخ ثوابت المشاركة المواطنة في تحقيق التنمية واستدامتها عبر التخطيط العقلاني والحكامة الجيدة، وفق نظرة مستقبلية بمختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتعزز دور المجتمع المدني بصفة عامة باستجابته للدعوة إلى المشاركة في تحريك عجلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك محمد السادس في ماي سنة 2005 . فبادرت جمعيات إلى صياغة مشاريع ووضع
استراتيجيات عملية للنهوض والإقلاع بالمحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لمناطقها معولة في ذلك على دعم صندوق المبادرة وعلى تعاون كل من الجماعات المحلية والسلطات الإقليمية ومساعدات الحكومة التي من بين أولوياتها ضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفق نظرة شمولية لتجاوز التجاوزات والتمايزات التنموية على مستوى الجهات أو على مستوى فئات المجتمع.
وقد برزت بشكل جلي أهمية المبادرات التي تقوم بها الجمعيات بتشارك مع الفعاليات المذكورة سالفا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، حيث ساهمت هذه المشاريع في الحد من كافة أشكال الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي، لأن أغلبها انبني على القيم المتمثلة في احترام الكرامة الإنسانية، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان ، فضلا عن كونها عملت على بعث الثقة في نفوس المواطنين وتعزيز اندماجهم داخل الدورة الاقتصادية، وقد تجلى هذا الانطباع في إحساس المواطن العادي بنتائج المشاريع الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة التي تراعي احتياجاته أينما كان، ولا شك أن تحقيق هذا الهدف لم يكن ممكنًا إلا من خلال تضافر جهود كل الفعاليات من أجل دعم سبل ووسائل تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة .
غير أن العملية التشاركية التي تم التطرق إليها سالفا والتي تفرز لنا إنجازات كبرى تكون الجمعيات الدافع الرئيسي نحو خروجها للواقع ، تتعرض في العديد من المناطق للتشويش عبر سيطرة مجموعة من العقول السلطوية على أمور اللجن الاقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث تعتمد هذه الجهات في انتقائها للمشاريع التنموية التي يتم طرحها من قبل الجمعيات على منطق المحسوبية والزبونية وفي أحايين كثيرة تنظر إليها بعين الموالاة والمجاملة .
وقد لامسنا في مناطق متعددة بالمغرب إقدام اللجن الإقليمية بإشراف من السلطات على قبر عدد من المشاريع التي لو تمت أجرأتها لما عاشت تلك المناطق العديد من المشاكل والتي تأتي المشاريع في إطار حلول لها .
بل إن الأدهى من هذا كله هو ما تداولته مجموعة من الجرائد الوطنية حول إقدام جهات محسوبة على السلطات الإقليمية على تفريخ جمعيات جديدة يكون الغرض منها الحصول على دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مما يحول دون تحقيق الأهداف النبيلة التي أسست من أجلها المبادرة، بل إن هذه المشاريع غالبا ما تقبر ويصير أمر منحها دعم المبادرة ضربا من ضروب تبذير المال العام.
إن الطرق الملتوية التي تتم بها عملية الموافقة على مشاريع مشبوهة من قبل اللجن الإقليمية لدعم مشاريع ،تنتهي إلى الفشل، تستوجب مراقبة صارمة من قبل المسؤولين حتى تقطع الطريق على ذوي النيات السيئة، والذين يستعملون أموال الأمة في قضاء مآربهم و تصريف مجاملاتهم على حساب مشاريع جادة توسعت أنشطتها وتنوعت برامج الجمعيات المقترحة لها وكذا آلياتها وكفاءات مكوناتها.
عادل تشيكيطو
tchikitou@yahoo.fr
التعليقات (0)