مواضيع اليوم

جمعة شذاذ الآفاق .. كيف وإلى أين؟

مصعب المشرّف

2012-07-05 08:57:09

0

جمعة شــذاذ الآفاق ..

كيف وإلى ايــن ثم ماذا؟

بعد جمعة "لحس الكوع" التي خرج فيها لفيف من السودانيين النبلاء البسطاء بالعاصمة والمدن والأقاليم إلى الشوارع من داخل الأحياء وقلب المساجد بعد أداء صلاة الجمعة . تنادى ما يعرف بـ "تجمع شباب السودان الحر" إلى جمعة أخرى تحت شعار "جمعة شذاذ الآفاق" فيما يرون أنه رد عملي على وصف الرئيس عمر البشير للمطالبين بتغيير النظام ؛ والمحتجين والمتظاهرين بسبب غلاء المعيشة والبطالة بأنهم "شذاذ آفاق".

يطلق وصف "شذاذ الآفاق" كما هو معروف لدى معظمنا على الناس الدخلاء الغرباء الذين لاوطن لهم ..... وهو حال ووصف إرتبط وإلتصق أكثر ما إلتصق ببني إسرائيل ومعيتهم من الشعب اليهودي ، بعد فراق موسى عليه السلام لهم عندما أحجموا جبناء عن دخول الأرض المقدسة . فحرمها عليهم الله (على الإطلاق) ، ودخلوا بعد تلك الحادثة في التيه 40 سنة.

على أية حال ؛ وبغض النظر عما إذا كان المتظاهرون جميعهم من ابناء السودان أو غير ذلك . فإن هذا الوصف يشكل حساسية من نوع خاص لدى بعض أهل الأطراف والمهمشين السودانيين . وكذلك لدى السودانيين المجنسين عقب إستقلال البلاد عام 1956م إلى تاريخه ممن تسودن بطول الإقامة داخل أراضي السودان ؛ أو تم تجنيسه لأسباب سياسية تتعلق بتنافس كل من حزبي الوطني الإتحادي بزعامة الأزهري و حزب الأمة بزعامة السيد الصديق عبد الرحمن المهدي.لضمان أكبر نسبة تصويت في إنتخابات رئاسة الجمهورية التي كان يرجوها أهل السودان عقب الإستقلال.

ثم أنه ؛ وبرغم القناعة الذاتية بأن التاريخ مرآة المستقبل . فإننا نترك تاريخنا ليستلقي ويستريح هنا ، بهدف الإنتقال للحاضر . وكي نتحدث عن توقعات حصاد جمعة شذاذ الآفاق المرتجاة .. فهل ستكون "شذاذ الآفاق" مفصلية ؟ أم حاسمة ؟ أم أنها ستمضي هباءاً منثوراً .... تذروها رياح إحجام قوى الشعب العامل من جهة ؛ وإستبسال شرطة مكافحة الشغب الموالية للنظام من جهة أخرى؟

أغلب الظن أن جمعة شذاذ الآفاق لن تكون مفصلية ولن تكون حاسمة ... لكنها حتما سيترنح من وقعها جسد النظام . وستشكل إضافة إلى لبنات مشروع تغيير النظام الذي تسعى إليه قوى التمرد المسلحة والأحزاب والتنظيمات والتكتلات السياسية كهدف في حد ذاته . مثلما كان عليه الحال في ثورة أكتوبر 1964م ، وإنتفاضة أبريل 1985م... ثم وبعدها تعود ريما الديمقراطية الحزبية الليبرالية إلى عادتها القديمة ؛ أو يحلها إنقلاب عسكري (كالعادة) بعد مرور 6 أو أربع سنوات.

ولكن هل يكفي خروج المصلين من جامع ودنوباوي إلى الفناء دون أن يقودهم الصادق المهدي أو أحد أنجاله وأحفاده (من الجنسين) لضرب المثل الأعلى للفداء وشفاعة الأقوال بالأفعال والأماني العذبة بالسعي على درب الفلاح؟

وهل يكفي خروج المصلين من مسجد الميرغني للعراء دون صاحب سجادتهم السيد محمد عثمان الميرغني أو فلذات كبده ؛ أو الخلفاء الصالحين ... بل وحتى حواره الأليف وسكرتيره الشخصي؟

وعلى نحو ذلك أجعل مقياسك بالنسبة للشيوعي والبعثي والقومي وكاودا .. وهلم جرا من أحزاب الشخص الواحد ؛ إلى أن تلقي بك عصا التسيار في جوف المؤتمر الشعبي الذي لانرى فيه ترابي يحك بمركوبه التراب ، ويعفر به وجهه النضر ونواجذه البائنة من الضحك في مسيرة أو تظاهرة.

الترابي

يقول المولى عز وجل في محكم تنزيله "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" .... فهل يجد القادة الرموز وقادة الصفوف الأوائل ، والأعضاء العاملون في الأحزاب والتنظيمات والتكتلات السياسية .. هل يجد هؤلاء في أنفسهم القدرة على التضحية بما يحبون حتى ينالوا بر الشعب السوداني العريض . فيخرجوا معهم وإليهم متنادين مهللين مكبرين ملبيين من كل حدب وصوب ، حِلّة حِلّة ، طريق طريق ، لفّـة لفّـة ، زُقاق زُقاق؟ مَسيد مَسيد؟

من واقع ما يجري فإن الذي يلفت النظر الآن أن هناك قيادة تسمى "تجمع شباب السودان الحر" آلت على نفسها التعبئة الجماهيرية وتوجيه من يرغب في إسقاط النظام ، ومن يرى أن قرارات التقشف غير منصفة لقطاع الشعب العريض وسواده الأعظم للنزول إلى الشارع والتضحية بالجوارح والأرواح والأرزاق والوظيفة .....

ولكن ؛ فإن حب الإستطلاع ناهيك عن التساؤل المنطقي الذي يثور هنا هو من هؤلاء "تجمع شباب السودان الحر" ؟ ومن أي موقع جغرافي يمارسون نشاطهم على التويتر التفاعلي وغرف الفيس بوك؟؟؟؟

هل هم شباب يعمل من خلف لوحة مفاتيح الكمبيوتر وفي مواجهة شاشاته الكريستال السائل داخل الغرف الآمنة المكيفة وسط أكواب الشاي والنيسكافيه والكاكاو المحمص خارج حدود السودان في دول الهجرة والإغتراب المرفهة؟ أم هل هم داخل السودان ؟ ثم من هي القيادات البديلة الخامرة في الأذهان ؟ وماهو شكل و " أ .. ب .. ت ... ث" النظام بعد الإنقاذ؟
قديما كانت التظاهرات والإنتفاضات على عهد عبود ونميري تخرج من جامعة الخرطوم ، وفرع الخرطوم ، والمعهد العلمي ، والثانويات ، وورش السكة الحديد ، والمصانع ، وبطون الأحياء وأسوار الحيشان ... وبالتالي لم تكن هناك هواجس ومطالبات بأن يشارك ابي وأخي وأختي وجاري وزميلي قبلي أو معي أو بعدي وإلى جواري على طريقة حذوكَ النعلَ بالنعلِ ........... كان الرموز في مقدمة الصفوف ، وأوائل من ينخدش وينجرح ويدفعونه إلى الكومر ويدخل المعتقلات ..... وكان العضو العامل على رأس حراك مجموعة ومريدي حزبه وطائفته .. كانت الأمور واضحة جلية عكس ما هي عليه الآن.

محمد عثمان الميرغني (يمين) والصادق المهدي (على اليسار)

بإختصار ؛ ودون لف ودوران . فإنه إذا كان هناك من رغبة شجاعة وإرادة حقيقية في تغيير النظام ، وثورة شعبية يراد لها أن تثمر ؛ فعلى كل من يرى ويأنس في نفسه الرغبة الدخول في إعتصام بميادين العاصمة المثلثة والمدن الكبرى (والفسحات ماشاء الله كثيرة) .. وأن تضرب الخيام وتنصب المنابر . ويأتي ويتدافع الرموز والقادة والخلفاء بالمناكب للمقيال والسهر والمبيت وسط الغبـش بين كل يوم وآخر . والإنبراء للخطابة بمكبرات الصوت ليدلوا بدلوهم ، ويشاركوا على نحو لايحتمل المواربة والبهتان ، ولايتطلب الحليفة والطلاقات ، ولا يقبل القسمة على إثنين أو ثلاثة.

ربما وساعتها فقط ينجلي الموقف ويعرف كل ذي حق حقه .. ولن تثمر ثورة يحجم وجوه وقادة الناس عن رميها بأبنائهم وفلذات أكبادهم ، وربيع أحفادهم . ثم يأملون إثمارها بالسعي إلى تأجيج نارها وتسعيرها بدماء وأرواح وجراح غيرهم من الناس وأبناء الناس من شذاذ الآفاق وغُـبُشَ الناس وعامة أولاد الناس.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات