"جمعة الحِجـِلْ في الرجـِلْ"
"الحجل في الرجل .... يا حبيبي سوقيني معاك"
رحم الله شاعرنا عبد الرحمن الريح صاحب قصيدة "الحجل في الرجل" وتغمد الله برحمته أمير العود حسن عطية الذي لحنها وغناها .. ثم وعلى مر الأيام سار "الحجل في الرجل" مثلا يعرفه الصغير والمتوسط والكبير من أبناء شعبنا النبيل ..
وهذا المقال يطالب في عاموده الفقري بأن تحدد الأحزاب السياسية التي تزعم أنها أحزاب معارضة بالإضافة إلى من يسمون أنفسهم بقوى المجتمع المدني .. يطالبهم أن يحددوا موقفهم بشجاعة الرجال بعيدا عن أساليب ربات الخدور وصويحبات يوسف ... فإما أن يخرجوا إلى الشارع العريض ليشاركوا عامة جماهير الشعب (الحِجـِلْ في الرجـِل) في التظاهرات بأنفسهم وفلذات أكبادهم وأمرائهم وخلفائهم وكوادرهم وحملة راياتهم ، ومواجهة الرصاص الحي والمطاطي والهراوات والغاز بشجاعة ونكران ذات .... أو أن يتركوا سياسات التحريض من خلف الجدران والغرف الباردة .. وحيث يا للفضيحة ؛ لم نشاهد البعض من هؤلاء "الكبار" أو أقرباء لهم من الدرجتين الأولى والثانية والثالثة يلبي نداء صلاة الجمعة يوم شذاذ الآفاق ....... ولا ندري هل كانت أيديهم وارجلهم محننات أم ماذا ؟!
إذن وعلى ضوء هذا المطلب الذي بات حديث الشارع والأزقة والحيشان والمنازل .... ما أحوجنا اليوم إلى إستذكار وإستحضار مقولة "الحجل في الرجل" لتشفع لنا في أحداثنا الوطنية الجارية ، كي ما نكون قد إستفدنا من دروس الثورات والإنتفاضات السابقة عامي 1964م و 1985م ، التي بذل لأجلها وعلى حياضها فلذات من أكباد البسطاء والعامة من المواطنين الدماء الذكية ؛ قبل أن يستيقظ السواد الأعظم صباح يوم فيكتشف أن ثورته وإنتفاضته قد سرقتها الأحزاب والطوائف تجار السياسة.
وأسفاي على وطني الذي يبدو وكأنه قد كتب عليه أن يتقلب في الضياع والتيه مابين تجار الإستعمار ، وتجار الرقيق ، وتجار السياسة ، والمغامرين من حملة السلاح ، وتجار الدين ، والتنابلة واللصوص الأنجاس سارقي المال العام .. ولاعزاء للغبش الناس عباد الله في أرضه وأولاد الناس.
في خضم ثورة الجياع مابين جمع الكتاحة وشذاذ الآفاق مرورا بإستحالة لحس الكوع ؛ خرج علينا يوم الخميس 5 يوليو ؛ الأستاذ فاروق أبوعيسى المحامي متحدثا رسميا بإسم (جمهرة ألـ 17 ) من الأحزاب السياسية ليدلي لوكالات الأنباء بتصريح غريب من نوعه جاء أهمه في قوله:-
"أعلنت أحزاب المعارضة السودانية الخميس التزامها بدعم الحركة الاحتجاجية الشعبية ضد ارتفاع الأسعار وسياسة الحكومة ، وتصعيد التعبئة لوضع حد لنظام الحزب الواحد".
العبارة جاءت منتهية الصلاحية هزيلة مليوكة لدنة كاللبانة ؛ ترتجف رعبا وتحاول إمساك العصا من المنتصف .... وبدلا من التأكيد على "المشاركة" إذا بنا نفاجأ بالتلويح بـ "دعم الحركة الإحتجاجية" ... وشتان ما بين معنى "الـدعـم" والمعنى المراد "بالمشاركة"...... الدعم وادي .. والمشاركة وادٍ آخــر.
خلاصة القول إذن أن "جمهرة ألـ 17" التي يتحدث فاروق أبوعيسى بإسمها ترغب في الجلوس بعيدا. وأن لاتشارك الناس وعامة الناس في التظاهرات والإحتجاجات ؛ رغم أنها أعلنت هدفها المتمثل في "الإطاحة بنظام الحزب الواحد وإرساء نظام تعددي".............. لكنها وعلى ما يبدو تريد ثورة يدفع فيها جماهير عامة الشعب وحدهم الثمن . وأن تأتيهم السلطة وعسلها بعدها طازجة حلوة على طبق من ذهب ، وأباريق وأكواب من فضة.
ومن جهة أخرى وفي جانب الحركات الجهوية المتمردة وعلى رأسها الحركة الشعبية قطاع الشمال لم يتوفر لنا من مشاركاتها في الجمع السابقة سوى لافتة قماشية صغيرة علقت على إستحياء فوق سور جامع ودنوباوي تعلن عن نفسها في غياب أبائها وإخوانها وكوادرها . وسمعنا أن ياسر عرمان ومالك عقار يحاولان تكسير الدقائق وإضاعة زمن المباراة عبر مزاعم بزيارات ومواعيد عرقوب في عواصم الدنيا الحلوة الندية ؛ في مسعي ذكي لإقناعنا (نحن البلهاء) بأنهم ليسوا بهاربين ولا فارين من مواقع النزال الحقيقي ؛ وإنما مشغولان بلقاءات (هامة) مع مسئولين في الإتحاد الأوروبي ، وقصر الأليزيه .... وحيث يبدو أنهما لايعرفان أن الجميع قد بات يعرف وفي عصر تفشي المعلوماتية أن العديد من ابواب قصر الأليزيه والإتحاد الأوروبي تظل مفتوحة للسائحين العرب والأفارقة واللاتين والآسيويين ليل نهار .. وأن الخارجية الفرنسية ليست معنية بما يدور في السودان سوى بتلك الحدود وخطوط التماس التي تربطه مع إبنتها غير الشرعية تشاد.
والشيء الذي عرفه الجميع ولا مدعاة لذكر الأسماء ، فإن البعض قد أحيا صلاة الجمعة بعد أن إغتسل وتوضأ وخطب في جموع المصلين ثم ترك المساجد وهرع إلى ركوب سيارته الفارهة على عجل تاركا أتباعه ومريديه لمصير الغاز والحصار المحتوم ؛ ودون أن يسأل في صحتهم.
إذن وعلى ضوء كل هذا وبعضه .. هل من جمعة "الحجل في الرجل" لإخجال ولإجبار رموز وزعماء وكوادر الأحزاب وعموم تنابلة المعارضة (وفي مقدمتهم فاروق أبوعيسى) على النزول إلى الشارع ، والمشاركة بحناجرهم وأيديهم وسيقانهم وأقدامهم في المسيرات والتظاهرات ؛ قبل أن يطالبوننا نحن البلهاء والدهماء والعامّة والرعـيّة بالخروج في مسيرة "جمعة الشمّاسة" ؟
إذا خرج زعماء وكوادر وأصحاب الرايات من الخلفاء والأمراء وأبناء المصارين البيض في جمهرة الأحزاب وتنابلة المعارضة . وشاركوا الناس والرعِـيّـة "الحجل في الرجل" المظاهرات والإحتجاجات بعد صلاة كل جمعة ؛ كان بها وسمعاً وطاعة ...... وإذا لم يفعلوا فمعنى ذلك أن الجميع يتاجر ويناور ويبيع ويشتري ويقايض ويسمسر ويتتنبل ... ولن يكون هناك شعب في هذا الزمان على إستعداد أن يصبح سلعة رخيصة حاضرة أو غائبة للمتاجرة والسمسرة والمقايضة بارواحه وفلذات أكباده في أسواق الدين أو السياسة وعلى وقع أنخـاب التنابلة.
..................
لمن أراد الإستماع إلى أغنية "الحجل في الرجل" بصوت محمود عبد العزيز وأسلوبه الخاص به يرجى النقر على الرابط التالي:-
ولمن رغب في الإستماع إلى الأغنية بصوت الفاتح ميرغني ؛ باسلوب وطريقة صاحبها الأصلي حسن عطية ؛ يرجى النقر على الرابط التالي:-
التعليقات (0)