جماهيــر أجـــــــرة
لا أحد يستطيع أن ينكر بأن أي شخص يذهب إلى أي مكان لابد من وجود دافع أوسبب أومبرر يدفعه للذهاب إلى هذا المكان ومن هنا يمكن القول بأن جميع المتواجدين داخل الملعب لابد أن يكون لديهم دوافع وأسباب معينة لتواجدهم داخل المدرجات ولكن شتان الفارق بين الأشخاص التي تذهب إلى الاستاد لكي تؤدي عمل معين مقابل أجر مادي محدد وبين تلك الجماهير التي تخرج من بيتها وتتنازل عن وقت من الأوقات المخصصة لأسرتها أو ذلك المشجع الذي يأخذ اذن من دوامه الرسمي و يذهب بسيارته الخاصة الى الملعب و يقوم بشراء تذكرة للمباراة إيماناً منه بدعم ناديه يشجعه ويؤازره و يقف خلفه في السراء و الضراء و يعبر عما بداخله من حب وولاء لهذا النادي الذي قد يمثل جزء من شخصيته .
فالأشخاص التي تذهب إلى الاستاد لتقوم بتشجيع فريق معين مقابل اجر مادي لا يمكن بأن نطلق عليها اسم جماهير عادية وذلك من وجهة نظري الشخصية لأنها لا تشجع ولا تؤازر إلا المادة فقط و لا تعرف سوى لغة الأرقام وكم سيدفع الفريق الذي سنقوم بتشجيعه لذا فلابد وأن نطلق على تلك الفئة جماهير أجرة أو بمعنى أدق جماهير تحت الطلب و ذلك النوع من الجماهير للأسف الشديد منتشر بملاعبنا خلال الفترة الحالية وأظن بأنه لا يعبر عن الحقيقة دائماً ولا يعبر عن العقل الجمعي الذي يتميز به أي جمهور واع بل أنني أرى أنه لا يمثل إلا انعكاساً لأراء و أفكار شخصية لمجالس الإدارات التي تقوم بدفع الأموال لهؤلاء المأجورين لكي يعبروا عما يريدون سواء من سب وقذف لبعض الفرق أو في بعض القنوات الفضائية أو تشجيع وتعاطف مع بعض الأفراد الذين يريدونهم .
أما الجمهور الحقيقى الذي يذهب للمباراة ليشجع فريقه فهذا هو الجمهور الوفي و الذي لا يعلا صوت فوق صوته و لا يستطيع بأن يقف أي فرد أمامه وهذا الجمهور هو الذي يقوم بصناعة النجوم و هو الذي يقوم بإنهاء عمل المدربين و هو الذي يعبر عن الحق وهو الذي لا يخاف أي شئ لانه ببساطة صاحب الفضل على الفريق وانه يعلم بان الفريق يلعب من اجله فجميع من يجلس منهم داخل المدرجات سواسسية ليس لهم رئيس وليس لهم ثمن هذا بعشرين درهم وهذا بخمسون درهم وهذا بمائة درهم .
واسمحوا لي بأن نطلق سوياً علي تلك الظاهرة أيضاً .. ظاهرة التشجيع الكاذب لأنها غير مبنية في الأصل على تشجيع الفريق بل تعتمد على المادة ويمكن القول بأن هناك اثار سلبية يمكن بأن تؤثر على الكيان الرياضي من وجهة نظري بسبب تلك الظاهرة وهى كالأتي :-
ان كرة القدم منظومة مكونة من عدة عناصر و جميع العناصر المشتركة بها لابد وأن تكون محترفة عدا الجمهور فهو العنصر الوحيد الذي لا يجوز أن يتم منحه أموال لكي يقوم بالتشجيع لأن اللعبة تقوم اساساً عليه وعلى إمتاعه و بالرغم من ظهور روابط للمشجعين مؤخراً في معظم الدول إلا أن هناك فارق كبير بين تلك الروايط وبين الروابط التي توجد داخل بلادنا ألا وهى ان روابط المشجعين تقوم اساساً على مبدأ حب النادي حيث ان أعضاء تلك الروابط يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم بحيث يصرفون من أموالهم الخاصة على رابطتهم التي تمثلهم وتمثل ناديهم وكل ذلك حباً وتقدريراً للنادي الذي يقومون بتشجيعه على العكس تماما في الروابط الأخرى التي تقوم على التشجيع مقابل المال و أعطني أكثر اشجع أكثر فمن وجهة نظري المتواضعة فإن تلك الظاهرة ( التشجيع الكــــاذب للجماهير الأجرة ) ستقلل القيمة الجماهيرية لأي بطولة عريقة بالنسبة لمتابعي وعشاق الساحرة المستديرة (كرة القدم) وبالتالي لم تعد البطولات ذات قيمة شرائية بالنسبة للقنوات الفضائية مثلاً في المستقبل لان القنوات تشترى مايشاهده الناس و بالتالي في هذا الوقت قد تصبح البطولة بلا ثمن هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد تفقد البطولة الرعاه الرسميين لها و ذلك بسبب عدم وجود جماهير وبالتالي فإن إدارات الأندية المحترفة لن تجني درهم واحداً مقابل اسعار التذاكر لأنه ببساطة تعتبر كل الجماهير غير حقيقة .
ومثلما يوجد لتلك الظاهرة سليبات كثيرة فلها أيضاً إيجابايت و تتلخص تلك الإيجابيات من وجهة نظري الشخصية أنه لم تعد البطولات حلم بعيد عن بقية الفرق ولم يعد هناك فرق بطولات وأخرى كمبارس فمن يدفع أكثر يتم تشجيعه أكثر .
وأخيراً .. أدعوا جميع إدارات أنديتنا العربية بالتخلي عن تمويل ذلك النوع من الجمهور وأن يتم توجيه الإمكانات المادية لفرق الناشئين و البراعم والألعاب الفردية أفضل من توجيهها للإستقطاب جمهور أجرة وأوجه لهم سؤال وهو هل هذا الجمهور الأجرة منافسة للمنظرة أم فعالية لدعم ومساندة الفريق ؟ و أناشد أيضا الجماهير الوفية بأن تذهب خلف ناديها حتى تدعمه و تؤازره في محنه وتفرح في فرحته وإن لم يحدث هذا فحقاً سنقول للجماهير الحقيقة .. إلى الوراء در وسنقول للجمهور الأجرة ... إلى الأمام سر .
التعليقات (0)