مواضيع اليوم

جمال عبد الناصر :تاريخ شخص أم ثقافة شعب ؟ !

أحمد قيقي

2014-09-28 09:38:09

0

   تحيى بعض القوى السياسية فى مصر الذكرى الرابعة والأربعين لرحيل جمال عبد الناصر والذى اصطلح على تسميته  بالزعيم الخالد , وبالطبع أنا لست ضد هذه التسمية فكثير من القادة يخلدهم التاريخ بصرف النظر  عن قيمة ما فعلوه لأوطانهم وعالمهم إيجابا أو سلبا , فنحن نعلم أن أمثال هتلر وموسيلينى  هم قادة خالدون على صفحات التاريخ , وبالمثل  فإن جمال عبد الناصر سيكون الأكثر خلودا بين القادة العرب  سابقا بذلك الرئيس السادات  رغم أنه قام بتحويل دفة الأوضاع السياسية بالمنطقة بقرارين هامين هما قرار حرب 73  ,ثم القرار الدراماتيكى بزيارة إسرائيل  عام 77 والذى ترتبت عليه اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل  ثم حادث موته التراجيدى  اغتيالا وسط جنوده وحراسه .

أنا هنا لن أحاول أن أكون حكما على عبد الناصر ولن أقوم بدور التقييم الوطنى لمواقفه وممارساته  ولكنى فقط سأذكر  رأيى  فى هذه الشخصية التاريخية فى إطار الظروف التى مارس فيها حكمه وسياساته .

أولا من المعروف أن عبد الناصر ورفاقه كانوا خلية إخوانية داخل الجيش المصرى  وأن ما حدث من خلاف بينهم وبين الإخوان بعد ذلك إنما يرجع فى جانب منه إلى أن التيار الإخوانى لا يقبل بأنصاف الحلول ولا بالالتقاء وسط الطريق  لأن أديوليجيته غير قابلة للزحزحة وهى أديوليجية أممية لا بد أن تتصادم مع العقيدة الوطنية للجيش المصرى  , وهذا يشبه ما حدث تماما بعد استيلائهم على السلطة عام 2012  حيث استشعر الجيش المصرى الخطر على التراث الوطنى فكانت تنحيتهم عن السلطة

ثانيا لا يستطيع أحد أن ينكر أن جمال عبد الناصر كانت له نزعة استبدادية واضحة ناتجة عن ثقة مفرطة فى الذات وربما عن ثقافة عامة واسعة فقد كان الرجل شرها للقراءة والاطلاع , وأنه كان حالما بمشروع قومى ينسب إليه  وينجزه ويكون به أحد عظماء التاريخ وهو مشروع الوحدة العربية , وأظن أن هذا الحلم بالذات كان الهوة التى حفرها عبد الناصر لنفسه  فسقط فيها وأسقط معه الدولة المصرية وربما المنطقة العربية حيث أرى أننا فى مصر بالذات لا نزال حتى الآن نسدد فاتورة  هزيمة 67 .

 ثالثا هناك دائما سؤال يُطرح على المستوى التاريخى والشخصى وهو سؤال :  ما ذا لو ؟  وهنا أطرح السؤال قائلا : ما ذا لو لم يقم عبد الناصر بانقلابه العسكرى عام 52 ؟   أظن أن الإجابة من وجهة نظرى أن مصر والمنطقة كانت ستتجنب  هذه المخاطر والمصائب التى أوصلتها إلى البركان الذى يتفجر فيها الآن   فالحكم الملكى كان يوفر ديموقراطية  حقيقية , كما ان مصر كانت فى حالة  نهضة  فكرية وثقافية  وسياسية شاملة , وكان حزب الوفد حزبا ليبراليا يفاوض الانجليز على الجلاء , وكان المجتمع المصرى مجتمعا علمانيا بمعنى الكلمة  بصرف النظر عن  التعليم  والشهادات المدرسية  فقد كان العامل أو الفلاح البسيط يقف من الدين والتدين والمختلفين معه دينيا  موقفا عقلانيا  ,كما كان  الجميع يعشق الفن  ويعتبره جزءا من مكونات وجدانه .

 رابعا لا شك ان وهج عبد الناصر أغرى بعض صبيان العسكر فى المنطقة بمحاولة تقليده  ليكونوا معه فى دائرة الضوء أو ليسرقوا منه بعض أضوائه  فكانت انقلابات العراق  واليمن وليبيا على الحكم الملكى فيها  وهى انقلابات سببت الكثير من الويلات لشعوب المنطقة , وأى مقارنة بين الشعوب التى احتفظت بأنظمتها الملكية مثل السعودية  والاردن والمغرب ستوضح بجلاء أن الأنظمة الملكية كانت أكثر رشدا  وحنكة رغم أنها عانت  من  مؤامرات وتدخلات الانقلابيين فى الدول التى اطلقت على نفسها ثورية وتقدمية

. أخيرا  يبقى السؤال  ما محصلة تقييم الرجل التاريخى جمال عبد الناصر ؟  هنا أقول  أن الرجل لم يكن خائنا ولا متآمرا  ولا يدين بفكره للتيار الدينى بل كان الرجل وطنيا مخلصا   تقدمى الفكر   واسع الثقافة  ولكنه كان  شاطح الخيال  مستبدا برأيه , وهنا لا يمكن تبرئة الشعوب أو ثقافتها السائدة  فى  تضخيم  شخصية الرجل  والنفخ فى ذاتيته   ونحن جميعا لا ننسى كيف خرج الشعب المصرى كله يوم 9و10 يونيه غداة الهزيمة  هاتفا باسمه مطالبا  ببقائه على عرشه !  نعم  من المهم جدا ونحن فى هذه المرحلة التى يتنادى فيها البعض بالديموقراطية أن نركز أولا على  زرع وعى جديد فى عقل ووجدان الشعب حتى يعرف كيف يختار ربان سفينته .

  تلك محاولة للإطلال  على هذا الرجل الذى ملأ الدنيا صخبا وضجيجا  , ولا تزال صوره ترفع فى ميادين مصر حتى الآن  والذى ازدادت شعبيته بسبب كراهية الإسلاميين له ,وبعد أن رأى الشعب أن أعداء عبد الناصر هم أعداؤه وهم من يخربون مرافقه  ويستهدفون أمنه وحضارته




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !