عندما أطلق بعض المنافقين على الرئيس الراحل أنور السادات لقب الرئيس "المؤمن" لم يعلموا أنهم بذلك منحوه وصفاً إيمانياً - لا نشكك فيه - وفى نفس اللحظة قد أعطوا لغيرهم الحق فى سحب ذلك الوصف منه ومن غيره من الرؤساء ، وأخطر ما فى هذا الموضوع هو أن كثيراً من الكتاب والمفكرين قد تهكموا على ذلك الوصف فكانوا يكتبونه ويضعون خلفه علامة تعجب وهذه العلامة قد توحى بسحبهم – دون قصدٍ منهم – صفة الإيمان عن الرئيس الراحل .
وعلى نفس السياق وقبله ظهرت جماعات إسلامية تعتقد أنها تملك الحقيقة المطلقة فى أمور الإسلام وتفسره طبقاً لرؤيتها ، ونواة تكوين أفكار تلك الجماعات بدأت فى عقول شباب صغير متحمس وحسن النية ومع زيادة أعدادهم إغتروا بقوتهم ، وبإعتقادهم الخاطىء تحولوا مع الأيام إلى شباب متعصب .
ومعظم تلك الجماعات خرجت من عباءة جماعة الإخوان المسلمين وكانت الطامة الكبرى أن قام بعضها بإستنساخ الجناح العسكرى أو التنظيم الخاص للإخوان .
وكانت ضربة البداية مع الشاب الصغير حسن البنا والذى وجد أمامه مجتمع غريب فأمامه إحتلال وإنحلال فى دولة تدين بالإسلام ، وهذه البيئة مناسبة تماماً لتكوين جماعته ، وشق طريقه بحسن خلقه وبتأثيره فى الناس وبخاصة المعدمين منهم وأنصاف المتعلمين .
وهناك حالات معينة يمكن للإنسان أن يصاب ب"الخضة" أو "يتوهم" عندما يرى شيئاً أمامه فجأة ككنز مثلاً وقد يصاب فى تلك اللحظة بسكته قلبية قد تودى بحياته ، والإمام الشهيد وجد كنزاً أو جيشاً من المريدين ومع السمع والطاعة وجب إبعاد العقل والتفكير وبذلك أصبح أمامنا جيش مدنى من الأيدولوجيين .
ومع مرور الأيام أصبحت دويلة الإخوان داخل المملكة المصرية تحتاج إلى جيش عسكرى يحمى تخوم هذه الدويلة الوليدة ، فكانت النقطة الفارقة وبداية المأساة بتكوين الجناح العسكرى ، وبهذا أصبحنا أمام شباب متحمس يشبهون الإنسان الآلى فهم يحملون السمع والطاعة قبل السلاح وعقلهم مبعد سواء إختيارياً أو إجبارياً ، فكان لابد عندما يسمع ذلك الإنسان "المبرمج" جملة ( لو ربنا ياخد الراجل ده ) من الإمام حسن البنا ويفسرها خطئاً "السندى" زعيم الجناح العسكرى ليأخذ روح الرجل للدار الآخرة ، وكانت تلك أول جريمة قتل بإسم الله تتم فى العصر الحديث بيد بشر إتخذوا - دون وجه حق - من أنفسهم ظلاً لله عز وجل .
وتمر الأيام بسرعة ويقول الشيخ الشهيد بعد تكرار عمليات القتل عن هؤلاء القتلة "لا إخوان ولا مسلمين" فلماذا فرق الإمام بين هؤلاء الإخوان وبين المسلمين أنفسهم ؟!
إن أخطر ما فى تلك الجماعات أنها لم تحتكر تفسير الدين على هواها فقط ولكن الخطير أنها إحتكرت الحديث بإسم الدين والدين لله أى أنها إحتكرت الحديث بإسم الله ولم تكتفى بذلك بل إقترفت جرائمها بإسم الله ، وذلك منذ نشأتها "فإذا كان الشعب مع النحاس فإن الله مع الملك" فمن أعطاهم - وهم بشر أمثالنا - ذلك الحق الإلهى على الأرض ؟! .
وإذا كان هؤلاء وحدهم إخوان مسلمين وأنا لست منهم فهل يمكن إعتبارى – وأنا الموحد بالله – من إخوان الشياطين ؟! وإذا كان هناك جماعة إسلامية فماذا عمن لا ينتمى إليها وهل يمكن إعتباره تابعاً للجماعة الإلحادية ؟! وكذلك جماعة الجهاد الإسلامى وغير ذلك كثير من الجماعات المحتكرة للدين .
ألا تعلم تلك الجماعات أنها وبسبب أسماءها الإقصائية تخرجنا جميعاً من ملة الإسلام ، وأن أى جماعة تقوم - حسب أهواءها - بإحتكار أى ديانة سماوية إنما هى فى الحقيقة تعمل فى غير صالح تلك الديانة , وكما قال الأستاذ هيكل فى مقالتيه الجميلتين " عن المسلمين والأقباط فى مصر " ( لا يمكن لجماعة أن تضع عمامة الإسلام على رأسها ، فالإسلام لا يعرف التيجان ) .
التعليقات (0)