يعتقد الكثير من المتابعين للإنتخابات الرئاسية في إيران بأنّ "جليلي" وهو كبيرالمفاوضين الإيرانيين في الملف النووي هو نسخة طبق الأصل من الرئيس الحالي "نجاد" وذلك لعدة مقارنات بين الإثنين تضعهما في مقاربة فكرية وأيدولوجية تجعل من حكومة جليلي إمتداداًطبيعياً لحكومة نجاد بأشكالها السياسية والإقتصادية والثاقافية.
فمن أوجه الشبه بين الإثنين هي أنّ هنالك إشارات واضحة بين الحملة الإنتخابية التي يقودها جليلي والتي يرفع خلالها شعارا المقاومة و الصمود وهي مشابهة لحد كبير للشعارات الإنتخابية السابقة لحكومة نجاد. ثانياً:خلافاً لمعظم المرشحين للرئاسة والذين يصبّون جام غضبهم على حكومة نجاد واتهامها بالفشل التام في جميع المجالات يتحاشى جليلي توجيه سهام نقده لنجاد وحكومته في دعايته الإنتخابية أو في مناظراته الإنتخابية. ثالثاً:يتبّع جليلي نفس المدرسة الدينية التي أسسها ويديرها رجل الدين البارز في النظام الإيراني أية الله مصباح يزدي الرجل الروحي الملهم لنجاد. و هو أي جليلي عضو في تيار يعرف بتيار الصمود"بايداري" وقد أسسه ويرعاه أنصار أية الله يزدي ومعروف عن هذا التيار الدعم المطلق لنجاد خلال ترؤسه لحكومتيه السابقتين.
أضف الى ذلك إنتماء جليلي لنفس التوجه الإقتصادي لنجاد فيما يتعلق بدعمه مواصلة خطة الغاء الدعم الحكومي المثيرة للجدل هي نفس التوجهات الإقتصادية لنجاد و كذلك إيمانه بالثوابت الثقافية والدينية التقليدية بقراءة خاصة للدين وتطبيقه على المجتمع باستخدام قوات التعبئة الموالية له .يجعل منه "الرجل الثاني" الأكثرشبهاً بسلفه نجاد أكثر تشابهاً من الشبهين الأسبقين رفسنجاني لخاتمي لو أصبح رئيساً للجمهورية.
من هنا يمكن فهم صمت نجاد إزاء رفض مجلس صيانة الدستور مرشحه المفضل " مشائي" حيث كان قد هدد بكشف المستور لو رُفض مشائي من خلال السماح لأحد أتباع التيار بالترشح وهو مقرب من المرشد أيضاً و محبذ من الحرس ما يجعل حظوظه بالفوز كبيرة بالمقارنة مع بقية المرشحين .
هل كان قرار جليلي بالترشح ضرب عصفورين بحجر هو إرضاء نجاد أولاً و إزالة رفسنجاني من حلبة السباق بعد وجود دليل مقنع برفض خصمه مشائي ثانياً حيث كان الأخيرين الأكثر حظوظاً من بقية المرشحين ذهاباً للدور الثاني لو كُتب لهما السماح بالترشح. لكن لعبة الشطرنج الإيرانية تختلف عن نظيراتها حيث تبدأ بالهجوم على الوزير وتنتهي بالقلاع و الفيلة.و تبقى البيادق الأخيرة وهي الجند هي الأكثر حظوظاً لو تحوّلت الى وزير و هي التي تقلب المعادلة . فهل سيتحول جليلي الى وزير بعدما كان جندي إحتياط في صفحة السياسة ؟ وبعد ذلك سيكون حصان طروادة لنجاد؟! الأيام كفيلة بالإجابة على اللعبة الإنتخابية في إيران التي تشبه لعبة شطرنج أكثر ما تكون انتخابات.
التعليقات (0)