جلسة رمضانية
حلقة (6) ...
ملائكةُ المَوْت ومُنْكَرٌ ونَكِيرٌ
(الجزء الثاني)
املخص:
جرى في الجلسة رقم (5) التطرق للموت بوجه عام وإيراد بعض الذي جاء ذكره في الأثر عن كراهيته والنفور منه وسكرات الموت وتوقف الحديث عند ملائكة الموت.
..................
ملائكة الموت:
ورد في حديث الإسراء والمعراج ، أن عدد ملائكة الموت العاملين تحت إمرة عزرائيل عليه السلام يبلغ 5000 (خمسة آلاف). ولكن لم يجري تفصيل ما إذا كان هؤلاء هم رؤساء مُشْرِفِين ، ويعمل تحت إمرتهم ملائكة جنود آخرين أم لا ؟؟
وحيث لم يرد في الصحاح ما يفيد بعدد ملائكة الموت على نحو جازم ، فلا يعرف عددهم بالتالي إلا الله عز وجل.
لكن الثابت أنهم يعملون جميعا تحت سلطة عزرائيل عليه السلام ، لا يعصون له أمراً.
والأرجح أن المعالجة لروح الإنسان والجان الواحد تتم على يد (40) ملكا من الملائكة الجنود ، يمكن وصفهم بـ (طاقم المعالجة الملائكية للروح ) ....... معالجة الروح للخروج من الجسد البشري أو الطبيعة التي خلق عليها الجان .
وتعرف هذه المعالجة الملائكية عادة بمصطلح (سكرات الموت) أو بما يعنى شدته على النفس.
ويختلف حال المعالجة في التسهيل والتشديد من إنسان إلى آخر . وحيث ينبغي التفريق هنا بين سكرات الموت من جهة ، وبين إلتقاط عزرائيل للروح من جهة أخرى ......
فسكرات الموت يتولى متابعتها الملائكة الجنود تحت إشراف رئيس منهم ...... وربما تكون سهلة على البعض أو قد تكون قاسية ويكون في تشديدها على المؤمن الصالح نعمة لتكفير كافة ما تبقى من صغائر . وبحيث يخرج العبد المؤمن من الدنيا إلى بارئه كيوم ولدته أمه. أو لا يحمل في كتابه سوى الحسنات المنجيات.
وبالمقابل تكون سكرات الموت سهلة على الكافر حتى لا يتبقى له من الحياة الدنيا سوى ذنوبه ، فيذهب إلى ربه دون حسنات. وتطرح روحه النتنة في سِجِّينْ.... أو ربما تكون سهلة ؛ فهذه أمور لا يمكن تحديدها على نحو إنطباعي خاصة وأن علماء الفقه يتحدثون عن صعوبة خروج الروح من جسد الكافر دون أن يتحدثوا عن صعوبة المعالجة وإذ قد تكون المعالجة سهلة ولكن إلتقاطها قاسي لأسباب سيتم التطرق إليها لاحقا في هذا المقال.
ملك الموت كما يتخيله بعض أصحاب الديانات من غير المسلمين ..... وهو هنا عبارة عن هيكل عظمي بشري أو هيئة بشرية بدون ملامح في الوجه ويحمل (حاصدة) زراعية من أيام القرون الوسطى وما قبلها .... رؤية ساذجة وضحلة للغاية تنم عن جهل معشعش في ما يتعلق بمجال الغيبيات والروحانيات وحقيقة ملائكة الموت وعزرائيل عليه السلام
إلتقاط الروح عند القرقرة:
أما التقاط الروح على يد عزرائيل عليه السلام بعد وصولها مرحلة القرقرة ، فهذه تكون أسهل على العبد المؤمن حتما وبلا جدال ؛ لأن عزرائيل هنا ياتيه في صورة حسنة ويطمئنه ويسكن روعه ويبشره بالجنة .. قيل يُقَرّبُ إليه مَقْعَده (مكانه) في الجنة فيرى ما فيه من النعيم والحور العين ما يبهر الأعين ويخلب الألباب . فيحاول من جمال وبديع ما يراه ان يشرئب إليه بعنقه . فيلهيه ذلك حتى عن عزرائيل وعن ألم التقاط روحه ؛ فلا يحس بها وهي تُنْزَعُ أو كقول عزرائيل عليه السلام لمحمد ثلى الله عليه وسلم (في حديث المعراج) : "ألتقطها كما تُلتَقَطُ الشّعَرَةُ البارزة الرأس من العجين" من شدة سهولتها ونضرتها وارتخاء جسد صاحبها.
...........
امَّا المشرك والمنافق والملحد فمشكلته تكم عند إلتقاط الروح لا محالة ...... ذلك أنه عندما يشاهد عزرائيل عليه السلام قادم نحوه تعود روحه بعد المعالجة السهلة ووصولها مرحلة القرقرة ... تعود فتتفرق في داخل جسده من جديد من شدة الهلع والخوف . لأن عزرائيل هنا يأتيه في منظر مخيف ويفزعه بالنار وسوء العذاب والجحيم .. قيل ويُقَـرّب إليه مقعده من النار وسواء الجحيم . فيرى فيه من الأهوال المفزعة ما لا يخطر بعقل بشر . فينكمش حلقه على عنقه ويضيق صدره .فبنزع عزرائيل الروح من كامل جسده نزعاً فوريا دون معالجة ..... يستلها منه بالقوة القاهرة كما يستل السَّفّـودُ (وهو حديدة ذات شُعَب) من داخل الصوف المبلول بالماء . فتتقطع عروقه وأوردته وشرايينه ، وتتمزق اعصابه وأوتاره ويتطاير لحمه وتتفتت عظامه داخل جلده وهو ينظر ويعاني ويتألم. ولكنه لا يقوى على الصراخ أو ان يستغيث فيقع فَـكـَّهُ أسفل راسه ، وقد ألجمه شدة الألم ؛ ولو صرخ لما وجد من يغيثه .... وأهله الكفرة فوق راسه وعلى جانبي سريره كأنّ على رؤوسهم الطير ينظرون ولا يدركون ما يجري له ويظنون في جحوظ عينيه مجرد سبب طبيعي لخروج الروح ....
بل وربما زادوه ألماً على ألم بإمساكهم لفكه الأسفل ، وضغطهم عليه أثناء ذلك حتى لا يقع أكثر مما وقع ... ولكن هيهات ؛ فيرتخي ويتدلى فكه الأسفل بقوة وينثني كأنه مكسور ويخرج لسانه ممتداً . فيضطرون إلى إعادة حشر اللسان سريعا كيفما اتفق ، وربط فكه الأسفل بمنديل ابيض لضمه بالقوة إلى الفك الأعلى ...... وهذه المناظر نشاهدها دائما في موتى غير المسلمين ممن كفر برسالة محمد عليه الصلاة والسلام وبدين الإسلام ، وأشرك بالله الواحد الأحد تعالى الله عما يصفون. ..... وهم يرون أنها من العلامات والأمور الطبيعية المصاحبة لخروج الروح والموت ويعطونها بعدا طبياً كالعادة ...... ولكننا لا نرى هذه الظاهرة إلا فيما ندر وسط موتى المسلمين.
..................
وبالطبع فإن ملائكة الموت الجنود ، يعملون جميعا تحت سلطة عزرائيل عليه السلام ؛ لا يعصون له أمراً ..... ولكل مجموعة من ملائكة الموت مهام محددة . وتختلف هيئتهم باختلاف الدرجات الإيمانية للمحتضر الذين هم في سبيل التعامل معه ... وحيث لا ينفع مال ولا زوجة ولا بنون أو سلطات وأصدقاء ومحاسيب.
إذن ملائكة الموت الجنود غير موكلين بقبض الأرواح . ولكن مهمتهم العامة كما سبق هي (معالجة) روح المحتضر فقط حتى يخرجونها من أظافر قدمية مرورا بجسده حتى القرقرة.
تَعَدُّدُ طُرُقُ إخْراج الروح:
من خلال النص القرآني الكريم يتضح لنا أن طرق إخراج الروح تتعدد ولا تقف عند وجه واحد . وقد جاءت الصحاح مؤيدة لهذه الحقيقة . وبإمكاننا على سبيل المثال عرض النص القرآني الآتي حول طريق آخر من طرق إخراج روح الكفار وهي قوله عز وجل ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ 50 - الأنفال
ووفقا لرواية إبن عباس رضي الله عنهما فقد نزلت هذه الآية في المشركين من قتلى بدر الكبرى .. إذا أقبل المشركون بوجوهم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيوف وإذا ولوا أدركتهم الملائكة يضربون أدبارهم.
يقول إبن كثير في شرح هذه الآية: وحيث يقول عز وجل ولو عاينت يا محمد حال توفي الملائكة ارواح الكفار لرأيت أمر عظيما هائلا فظيعا إذ ﴿ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾ ويقولون لهم ﴿َذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾. وقال ابن جريح عن مجاهد ﴿أَدْبَارَهُمْ﴾ هي أستاهم (جمع أُسْتْ وهي فتحة الشرج) ولكن الله يَكْنِي . وكذلك قال التابعي سعيد بن جبير رحمه الله.
• و الكُنْيَةُ من أصول البلاغة في اللغة العربية وهي على ثلاثة أوجه: أَحدها أَن يُكْنَى عن الشيء الذي يُستفحش ذكره، ..... وكَنَى به عن كذا يَكْنِي ويَكْنُو كِنايَةً: تَكَلَّمَ بما يُسْتَدَلُّ به عليه، أو أن تَتَكَلَّمَ بشيءٍ وأْنتَ تُرِيدُ غيرَهُ،
وعن الحسن البصري رحمه الله قال: قال رجل يا رسول الله : إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشوك ، قال عليه الصلاة والسلام [ذلك ضرب الملائكة] رواه ابن جرير وهو مرسل .... وحديث مرسل بمعنى أنه ذلك الحديث الذي سقط من آخر إسناده الصحابي.
وأجمع الفقهاء أن سياق هذه الآية وإن كان سببه وقعة بدر . إلا أنه عام في حق كل كافر ولذلك لم يخصصه الله عز وجل بأهل بدر بل قال ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾ ..... وكقوله عز وجل ﴿ َلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ﴾ 93 – الأنعام ........ قال إبن كثير: أي باسطوا أيديهم بالضرب فيهم بأمر ربهم إذ استصعبت عليهم أنفسهم ، وامتنعت من الخروج أن تخرج قهرا وذلك إذا بشروهم بالعذاب والغضب من الله ، كما في (حديث البراء بن عازب) رضي الله عنه. .. وهناك من يرى أن سياق هذه الآية يشمل الظالمين بوحه عام كافرهم ومسلمهم ولهؤلاء أنذرهم الله بـ ((عذاب الحريق)) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: [إن الله تعالى يقول ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه] صحيح مسلم
عزرائيل عليه السلام:
عزرائيل عليه السلام هو الملاك الرابع من الملائكة المرسلين الأشراف ... وقيل أن ترجمة معنى عزرائيل هو ((عبد الجبار)). وهو وحده عليه السلام الموكل بقبض الأرواح.... لكن أختلف فيمن يقبض من الأرواح .. هل أرواح الإنس والجن فقط ، أم كذلك أنفاس وحياة غيرهم من بقية الخلق ؟؟
وحيث تجدر الإشارة إلى أن الحيوانات والنبات وغيرها من حلق لا توجد في اجسادها أرواح وإنما (حـيــاة).
ويرى المعتزلة أن ملك الموت يقبض أرواح الإنس والجن فقط. ويموت غيرهم بأمر الله عز وجل إذا جاء أجلهم بحول كن فيكون .. ويرى غيرهم أن ملك الموت موكل بالجميع... وفي الأمر سِعَة والله اعلم.
................
وعن التساؤل حول كيفية قبض عزرائيل أرواح عديدة في لحظة واحدة ، ورد عن أنس بن مالك قال: لقي جبريل عليه السلام ملك الموت بنهر فارس فقال: [يا ملك الموت كيف تستطيع قبض الأنفس عند الوباء ؟ فهنا عشرة آلاف .. وههنا كذا وكذا؟] فقال له ملك الموت : [تُزْوَىَ لي الأرض حتى كأنهم بين فخذي فالتقطهم بيدي].
تزوى : تُقْبَضُ وتُجْمَعُ
...............
وقيل سأل إبراهيم عليه السلام ملك الموت وله عينان في وجهه وعينان في قفاه فقال: [يا ملك الموت ما تصنع؟ إذا كانت نفس بالمشرق ونفس بالمغرب ، ووقع الوباء بأرض ، والتقى الزحفان (أي الجيشان) كيف تصنع؟] قال: (أدعو الأرواح بإذن الله فتكون بين أصبعي هاتين) .. قال: [ودُحِيَتْ له الأرض فتُركَتْ مثل الطَّسْتُ يتناول منها كيف يشاء].
والدَّحْوُ: البَسْطُ. يقال: دَحَا يَدْحُو ويَدْحَى أَي بَسَطَ ووسع.
.................
وقد ورد عن كتاب [الإسراء والمعراج] لإبن عباس في شأن الجزئية الخاصة بمشاهدة الرسول لعزرائيل عليه السلام وحواره معه مايلي:
أنه بعد دخوله صلى الله عليه وسلم إلى (الزاهرة) السماء الرابعة قال: [ثم رأيت ملكا عظيم الخلقة والمنظر قد بلغت قدماه تخوم الأرض السابعة ورأسه تحت العرش . وهو جالس على كرسي من نور والملائكة بين يديه عن يمينه وعن شماله ينتظرون أمر الله تعالى عز وجل وعن يمينه لوح وعن شماله شجرة عظيمة ، إلا أنه لم يضحك أبدا ، فقلت : يا أخي يا جبريل من هذا؟ قال جبريل: [هذا هادم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب البيوت والدور ومعمر القبور وميتم الأطفال ومرمل النساء ومفجع الأحباب ومغلق الأبواب ومسود الأعتاب وخاطف الشباب. هذا ملك الموت (عزرائيل) فهو و (مالك) خازن النار لا يضحكان أبدا . أدن منه وسلم عليه]. فدنوت منه وسلمت عليه فلم يرد علي السلام . فقال له جبريل: [لِمَ لَمْ ترد السلام على سيد الخلق وحبيب الحق؟؟]
فلما سمع كلام جبريل وثب قائما ورد السلام وهنأني بالكرامة من ربي وقال: {أبشر يا محمد فإن الخير فيك وفي أمتك إلى يوم القيامة} ، فقلت يا أخي يا عزرائيل هذا مقامك؟ قال: {نعم منذ خلقني ربي إلى قيام الساعة}. فقلت: كيف تقبض الأرواح وأنت في مكانك هذا؟ قال: {إن الله أمكني من ذلك وسخر لي من الملائكة خمسة آلاف أفرقهم في الأرض فإذا بلغ العبد أجله واستوفى رزقه وانقضت مدة حياته أرسلت إليه أربعون ملكا يعالجون روحه فينتزعونها من العروق والعصب واللحم والدم ويقبضونها من رؤوس أظافره حتى تصل إلى الركب ثم يريحون الميت ساعة ثم يجذبونها إلى السرة ثم يريحونه ساعة ثم يجذبونها إلى الحلقوم فتقع في القرقرة فأتناولها وأسلها كما تسل الشعرة من العجين. فإذا انفصلت من الجسد جمدت العينان وشخصتا لأنهما يتبعان الروح فأقبضها بإحدى حربتي هاتين} ، وإذا بيده حربة من نور وحربة سخط ، فالروح الطيبة يقبضها بحربة النور ويرسلها إلى عليين والروح الخبيثة يقبضها بحربة السخط ويرسلها إلى سِجِّين . وهي صخرة سوداء مدلهمة تحت الأرض السابعةالسفلى . فيها أرواح الكفار والفجار.
قلت وكيف تعرف حضر أحل العبد أم لم يحضر؟ قال: {يا محمد ما من عبد إلا وله في السماء بابان ؛ باب ينزل منه رزقه وباب يصعد إليه عمله . وهذه الشجرة التي عن يساري ما عليها ورقة إلا عليها إسم واحد من بني آدم ذكورا وإناثا . فإذا قرب أجل الشخص اصفرت الورقة التي كتب عليها اسمه وتسقط على الباب الذي ينزل منه رزقه ويسود إسمه في اللوح فأعلم أنه مقبوض فأنظر إليه نظرة يرتعد منها جسده ويتوعك قلبه من هيبتي فيقع في الفراش فأرسل إليه أربعين من الملائكة يعالجون روحه} وذلك قوله تعالي:[ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ] 61 – الأنعام
قلت: يا أخي عزرائيل أرني صورتك التي خلقك الله عليها وتقيض فيها الأرواح ، قال : {يا حبيبي لا تستطيع النظر إليها} فقلت : [أقسمت عليك ألا فعلت] ، وإذا بالنداء من العلي الأعلى: [لا تخالف حبيبي محمداً] ، فعند ذلك تجلى ملك الموت في الصورة التي يقبض فيها الأرواح .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: فلما نظر ملك الموت إلي وجدت الدنيا بين يديه كالدرهم بين يدي أحدكم يقلبه كيف يشاء فارتعد قلبي ورجف منه فوضع حبريل يده على صدري وقال: [يا محمد ما بعد القبر إلا ظلمة القبر ووحشته وسؤال منكر ونكير ] . قال النبي صلى الله عليه وسلم فودعته . يقصد عزرائيل عليه السلام.]
حاشية:
في بعض ما جاء في هذا الحوار ما يخالف الصحاح وهو تسمية الرسول صلى الله عليه وسلم لملك الموت بإسمه (عزرائيل) ..
...........
وفيما يتعلق بعدد ملائكة الموت تحت إمرة عزرائيل فقد جاء في حديث إبن عباس أنهم خمسة آلاف .... ولا يدرى هل هؤلاء هم فقط الرؤساء ويعمل تحت إمرتهم مشرفين آخرين وجند كثيف من الملائكة أم لا ؟؟ ولكن بالإمكان إجراء مقارنة بسيطة بين عدد هؤلاء على قدر جسامة مهمتهم وبين عدد ملائكة السماء الدنيا الذين يعملون تحت إمرة الملك الموكل بها وإسمه إسماعيل حيث قيل (في كتاب الإسراء والمعراج لنجم الدين الغيطي) أنه يعمل تحت إمرته مباشرة سبعون ألف ملك رئيس مع كل ملك منهم جند من الملائكة عددهم سبعون ألف ملك. أو بما يفيد أن العدد الإجمالي لهم هو [أربعة مليار وتسعمائة مليون ملك].
قبض الـروح:
أشهر الأحاديث النبوية الصِحَاح رصدا بين التابعين والأئمة فيما يتعلق بهذا الموضوع هو حديث البَرَاء بن عازب رضي الله عنه ... فقد قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن المنهال عن ابن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولَمّـا يُـلْـحَـدْ . فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجلسنا حوله وكأن على رءوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر (مرتين أو ثلاثا) ثم قال:
[إن العبد إلمؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة (يعني: قرب انتهاء أجله) نزلت إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة ، أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان – قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء (يعني من خَشْمْ قِرْبـَة الماء) ، فياخذها فإذا أخذها لم يَدَعُوهَا في يده طرفة عين ، حتى يأخذوها ، فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وحدت على الأرض قال: فيصعدون بها فلا يمرون (يعني بها) على ملآ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون : فلان بن فلان بأحسن اسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه في كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها جتى يُنتهَى بها إلى السماء السابعة فيقول الله: أكتبوا كتاب عبدي في عِليِّين وأعيدوه إلى الأرض .. فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى.
قال: فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان (يعني مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ)]
وهذا ما سنفرغ له حلقة أخرى للحديث عن منكر ونكير عليهما السلام.
(يتبع الجزء الثالث من الملائكة (حلقة 7) – منكر ونكير - إنشاء الله)
التعليقات (0)