بالرغم من ان الرأي العام في العراق كان ولازال يهاجم الأدوار السلبية للدول العربية وحكوماتها تجاه بلده . الا ان الحكومات العراقية المتعاقبة ومنذ بدء الأحتلال الأمريكي للعراق كانت حريصة دائما على كسب ود الدول العربية وتأسيس علاقات متينة معها وعلى كافة الأصعدة وليس الدبلوماسية منها فقط .
الا ان معظم هذه الحكومات العربية اثرت التريث في الأنفتاح على العراق لحين انجلاء غبار العمليات العسكرية للأحتلال والحراك السياسي العراقي العاصف , ومن ثم الأنتقال الى دراسة المشهد السياسي العراقي النهائي واللذي جاء اخيرا بعد أتخاب الحكومة العراقية الحالية بصورة ديموقراطية .
بعد ان شكل السيد المالكي حكومته بأيام بدأ بمحاولات غير منقطعة لمد الجسور بن حكومته والحكومات العربية . ولم يترك رئيس الوزراء ولا وزراء حكومته أي فرصة للأجتماع بالمسؤولين العرب في كافة المناسبات لمحاولة اقناعهم بفتح سفاراتهم في بغداد وذلك لعدة اسباب .
من هذه الأسباب وكما جاء في عدة تصريحات للسيد المالكي ايمانه وحكومته بأهمية هذه العلاقات للعراق لمساعدته على سرعة الشفاء من اثار السنين الماضية بامراضها ولضرورة التنسيق مع دول المنطقة فيما يخص مواضيع الأرهاب والقضايا المهمة الأخرى وهذا صحيح .
كما ان انعدام الأسباب اللتي كان نظام صدام مسؤولا عنها واللتي كانت السبب في قطع علاقات معظم الدول العربية ان لم يكن جميعها مع العراق , سببا اخر كان يشجع حكومة المالكي على الطلب من العرب لأعادة هذه العلاقات الى مجراها الطبيعي وهذا ايضا صحيح . كما ان الأسباب التاريخية والروابط القومية والعشائرية والجغرافية , كلها اسباب تجعل من اعادة العلاقات العربية العراقية امرا حتميا وطبيعيا .
الا ان الحكومات العربية استمرت بالمماطلة والتأخير في اعادة علاقاتها مع العراق لأسباب تبدو غير منطقية. الا ان دراسة متأنية لتصريحات الساسة العرب ستكشف ان الجميع كان متخوفا من علاقة معظم الأحزاب اللتي تشكل الأئتلاف العراقي الحاكم بطهران .
قد لا تكون الطريقة الديموقراطية والأنتخابات هي السبب الرئيس للتصرفات المتشنجة للحكومات العربية تجاه العراق بقدر ما هي النتائج اللتي تمخضت عنها هذه الأنتخابات الديمقراطية . فلو ان الأنتخابات قد جائت بحكومة علمانية او كردية او سنية لكانت الحكومات العربية اول من يفتح سفاراتها في بغداد . لأنها كانت ستضمن عدم وجود علاقات مهمة بين طهران وبغداد , واستحالة وجود أي نوع من التحالفات او الأتفاقات السرية بينهما . وهذا ما نفهمه من تصريحات المسؤولين العرب اللذين دائما ما يرددون عبارات مفادها ان بغداد كان قد طلب منها عمل وضمانات لم تنفذها .
ان التباطؤ في مد يد العون للشعب العراقي من قبل اخوانه العرب شيء لايمكن تبريره لأي سبب . وامرا غير مقبول تحت أي ذريعة , فهذا الشعب قد حمل كما من الويلات ما تنوء عن حمله الجبال . ولا اعتقد ان من الأنسانية والأنصاف والأخوة تحميله بالمزيد منها .
ولكني هنا اود ان الفت النظر الى موضوع اخر . حيث اننا اذا نظرنا الى الموضوع من زاوية اخرى , سنجد ان كما هائلا من التصريحات اللتي تحض الدول العربية على اعادة علاقاتها بالعراق كانت تصدر عن الساسة الأمريكان اكثر مما تصدر عن الساسة العراقيين . فالعراقيون كانوا على علم ببواطن الأمور ويعرفون جيدا سبب هذا الفتور في العلاقات . الا ان ادارة بوش الأبن كانت تلح وتضغط على الساسة العرب والعراقيين بكل قوة لتطبيع العلاقات بين بلدانهم وذلك لسبب واحد ووحيد يتمثل بارغام الدول العربية على تحويل اموالها الى العراق وحمل عبأ كبير عن كاهل الأقتصاد الأمريكي اللذي انهكته حرب العراق وافغانستان لدرجة ادت الى تباطؤه فيما بعد .
لقد تنصلت الولايات المتحدة عن وعودها للشعب العراقي بتحويله الى جنة الله في الأرض وارادت ان تجبر الآخرين على دفع تكاليف حروبها الغير محسوبة بدلا عنها وذلك باستعجال دول العالم كافة وليس العربية فقط على فتح سفاراتهم في بغداد واستثمار اموالهم في العراق حتى والعراق كان يعاني من شبه حرب اهلية وقبل تحسن الوضع الأمني فيه .
وحتى في مسألة تحريض الكويت لمجلس الأمن على عدم اخراج العراق من البند السابع للقرارات الأممية توجد شكوك ( وان كانت ضعيفة ) على ان الولايات المتحدة هي اللتي ترغم الحكومة الكويتية على اثارة هذا الموضوع لأبتزاز العراق وتهديده , ولكي يضل بحاجة للقوات الأمريكية لأن استمرار وقوع العراق تحت هذا البند يمنع تسليح جيشه تسليحا مؤثرا وينهك اقتصاده لدرجة منعه من استعادة عافيته . والا فما اللذي يجعل حكومة الكويت تطلب هذا الطلب وهي اللتي تربطها بعدد كبير من اعضاء الحكومة والأحزاب العراقية علاقات متينة وقوية منذ التسعينات من القرن الماضي .
روابط ذات صلة
www.radiosawa.com/arabic_news.aspx
local.taleea.com/archive/column_details.php
www.altwafoq.net/v2/art9251.html
التعليقات (0)