مواضيع اليوم

جريمة قطع الطريق في القرآن الكريم

مصـعـب المشـرّف

2023-04-07 03:57:55

0

 


جـريمـة قطـع الطـريق في الشـرع

مصعب المشرّف

5 أبريل 2023


لا نتحدث هنا عن جريمة أو عقوبة قطع الطريق في القوانين الوضعية الأرضية. فميزان العدل يتعطل والقانون يذهب  في إجازة وغيبوبة عندما ترتكب الجريمة سلطة أو مدعومة من السلطة. ولا ينصلح حال الميزان ويستيقظ القانون من غفوته ، ويستعرض عضلاته ويكشر عن أنيابه إلا إذا كان مرتكب  الجريمة من  الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة.

قطع الطريق وإغلاقها أصبح ظاهرة مقيتة إبتدعها فلول حزب المؤتمر الوطني المنحل ، في مخالفة بدرجة قوّة عين لشرائع الدين الإسلامي الحنيف وكافة الشرائع السماوية الأخرى.

وقطع الطريق الممارس الآن لدينا نراه على وجهين. وهو  منع الناس من المرور . سواء أكان ذلك بإشهار السلاح في وجوههم أو بدون إشهار سلاح . ومنع مرور الشاحنات المحملة بالبضائع على شتى أنواعها وأغراضها الغذائية والطبية وقطع الغيار ... إلخ. بغرض الكيد السياسي. وإعادة فرض نظام حاكم فاشل . أشاع في الأرض الفساد ولا يرغب به الشعب.

وجهي قطع السبيل المشار إليهما إبتدعه هؤلاء الفلول قبيل إنقلاب 25 أكتوبر 2021م على يد أحد أتباعهم في شرق السودان.

هذا القطع للسبيل نراه يتحول شيئاً فشيئاً إلى ثقافة أخرى  من ثقافات الكيزان التي كان من أبرزها سرقة المال العام ، وفرض الأتاوات والعمولات على القطاع الخاص ، وسرقة وسوء توزيع أموال الزكاة والصدقات ، وصناديق تبرعات المساجد ، والإعانات ومساعدات الدول الأخرى القادمة من الخارج. ، وتدمير الأخلاقيات عن قصدوسابق إصرار وترصد . وخلط الحلال بالحرام  عمداً ، وإشاعة الجهل بحرممة الحرام ، وتحويل منابر الجمعة إلى مصاطب خرافات ودجل ، وفتاوى شيطانية مفصلة خصيصا على مقاس نظام حكومة حزب المؤتمر الوطني المنحل ودولة الكيزان البائدة .

واليوم وتزامنا مع ظاهرة قطع السبيل بوصفه المنتج الثقافي الجديد ، نلاحظ إمتداد خوف الوُعّاظ وخطباء الجمعة من التطرق له وإدانته شرعاً ، لعلمهم المسبق أنها ظاهرة إجرامية يقف خلفها أكثر من صاحب أموال ونقوذ وسلطان جائر وباطش ومجرم. وما يستتبع ردود أفعال هؤلاء من حرمان مالي وعيني وقطع رزق وإبعاد عن الوظيفة لكل خطيب جمعة يخرج عن الصف وبغرد خارج السرب أو  أن يقول ربي الله.

لقد أصبح المال والمصالح هي الحاكم المطلق لضعفاء النفوس في هذا الزمان . وكذلك يفعل التخويف.في قلب كل رعديد وجبان .

وبالطبع فإن هذه الظاهرة الإجرامية غير الأخلاقية ؛ ما كانت قيادات الإدارات الأهلية الجاهلية هي الأخرى لتقدم عليها إلا بدعم وتشجيع من قوى  خبيثة تتوارى خلف ستار . وجميع هؤلاء مشاركون في الجرم لا محالةأمام الله عز وجل إن لم يكن في هذه الدنيا الزائلة القصيرة وأيامها المعدودة.

للأسف الشديد فإن هذه الجريمة التي حرمها الله عز وجل في كتابه وشرعه الكريم ترتكبها إدارات أهلية تدعي لنفسها الإسلام والعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ومن ثم فنحن هنا أمام إستنتاجين أولهما أن هؤلاء الذين يدعون الإسلام وكانوا ولا يزالون جزءاً من تنظيم الكيزان الخفي وحزبهم المؤتمر الوطني المنحل أو موالين لهم نظير أموال ومزايا وإستثناءات خاصة كانوا ينعمون بها في عصر دولتهم البائدة. هؤلاء إما منافقون ولا علاقة لهم بالدين الإسلامي الحنيف من قريب أو بعيد . أو أنهم لا يفقهون شيئاً من الدين سوى ممارسة العبادات الظاهرة من ترديد للشهادة بهتافات عالية داوية مصطنعة. ووضوء خاطف مع التنحنح وصلاة ثعالب قائمة، وصيام وحج لبيت الله بأموال  مخلوطة قليلها حلال وكثيرها  حرام . ولكن لا أخلاق لهم ولا يدركون ماهية ما يفعلون ، ومدى حجم الجرم ومتى وأين يتم تطبيق شرع الله عز وجل في حالة لو أفلتوا من عقاب الدنيا التعزيرية والحدية التي تص عليها شرع الله.فهناك من البلهاء من يظنون أنهم إن أفلتوا من تطبيق الحدود وحكم السريعة عليهم في الدنيا ؛ فإنهم سيفتلون من تطبيقها عليهم في الآخرة ... ويا بــلاش.

بداية ينبغي الإشارة هنا إلى أن قطع الطرق وما يصحبها من قطع للأرزاق وتضييق على المعايش لم ترتبط العقوبة فيه بالمسلمين فقط . ولكن يظل قطع الطريق على كافة العباد من خلق الله سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين سيان . وعلى درجة واحدة من الإجرام والعقوبة.

وقطع الطريق على المسلم وعلى غير المسلم وحتى الكافر المُسالم والمُعاهِد هو فساد كبير في الأرض بلا شك.

أشهر من مارس جريمة قطع الطريق هم المؤتفكة (قوم لوط عليه السلام) . وكذلك مارسه أصحاب الأيكة (قوم شعيب عليه السلام) .

وقد كان العذاب الذي أنزله الله عز وجل على المؤتفكة هو أن خسف بهم الأرض فجعل عاليها أسفلها . وأما أصحاب الآيكة فقد أصابتهم الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين.

قال الله عز وجل عن قوم لوط في سورة العنكبوت من الآية رقم (29) : [أئِنّـكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل .....] إلى آخر الآية الكريمة. وحيث نستنتج هنا أنه عز وجل قرن ما بين ممارسة اللواط و قطع السبيل في مستوى واحد من فداحة الجُـرم.

وكذلك نلاحظ أن الآية رقم (74) من كلام الله المبين في سورة الأنبياء ؛ وصفه للمؤتفكة بأنهم كانوا يعملون الخبائث وأنهم كانوا قوم سوء فاسقين . وذلك عند قوله جل وعلا في محكم تنزيله : [ولوطاً آتيناه حكماً وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين].

وهو ما يبيح الحكم بأن قطع السبيل من الخبائث . وأن من يمارسها هم قوم سوء فاسقين عند الله عز وجل.

وأما عن أصحاب الآيكة . فقد جاء فيهم قول الله عز وجل من الآية (86) في سورة الأعراف : [ولا تقعدوا بكل صراط توعِدون وتصدون عن سبيل الله من أمن به وتبغونها عوجا ....... ] إلى آخر الآية الكريمة.

وقد ختمت هذه الآية بوصف عمل هؤلاء بأنهم من عمل المفسدين.

وجريمة الإفساد في الأرض من جرائم الحدود المغلظة في الشريعة الإسلامية . وذلك لقول الله عز وجل في الآية رقم (33) من سورة المائدة: [إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلّبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم].

وليكن في المعلوم أن العدالة الإلهية تقتضي قيما تقتضي أن يتم تطبيق هذه الحدود في الأرض. وأن عدم تطبيقها لسبب أو لآخر  في الأرض لايعني تخلص مقترفها من العقوبة المنصوص عليها. فهي في هذه الحالة سيتم تطبيقها عليه يوم القيامة دون أدنى شك . فكلام الله عز وجل تام صدقاً وعدلاً  وإعتدالاً . ولا مبدّل لكلماته ولا ينقص منه حرف ولا كلمة . وأقرأ إن شئت : [وتمّت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم]  (115) الأنعام.

وحيث ينبغي أن يدرك كل مسلم أن كلام الله لاينقضي بإنقضاء أجل الحياة الدنيا ومجيء الآخرة. بل هناك آيات لا يتم تفسيرها وتطبيقها عين اليقين إلاً  في الآخرة .سواء تلك المتعلفة بالبعث والشفاعة والحساب والقضاء والثواب والعذاب ، والصراط المستقيم و الجنة والنار والأعراف . أو  في مسائل أخرى كثيرة جاء ذكرها في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف .. إلخ. من مراحل ما بعد يوم القيامة . وعليه فإن حذر الإنسان العاقل واجب عليه هنا. وأوّل هذه المحاذير هي حقيقة أن ما لم يتم تطبيقه عليه من حدود في الحياة الدنيا سيتم تطبيقه عليه والإقتصاص منه في الآخر ة بحذافيره..... والملك يومئذٍ لله الواحد القهار.

ومن ثم  ؛ فإن على كل من يقدم على قطع السبيل اليوم والنجاة بفعلته بسبب أن هناك من يضمن له الإفلات من المحاسبة والعقوبة في هذه الحياة الدنيا ؛ عليه إدراك مدى فداحة الجريمة التي يقترفها في ميزان سيئاته وكتاب أعماله الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلآ أحصاها. وعلى قيادات الإدارة الأهلية أن تراجع نفسها بدقـة ، وتصبح على قناعة بأن العقاب على هذا الجرم إنما مردّه إيذاءهم لخلق الله بالمطلق ؛ صالحهم وطالحهم ومؤمنهم ومسلمهم وعاصيهم وكافرهم على حد سواء.

إن جريمة قطع السبيل لكونها تعطل مصالح الناس تندرج ضمن المساس بالحقوق .. حقوق الغير من الخلق ... وحقوق الغير لا تغتفر. فالمنطق والعدالة تقتضي ذلك في ساحات قضاء الخلق على الأرض. فما بالك بعدالة وقضاء الله خير الحاكمين العدلُ القهّارُ المُذلّ المنتقم الصمد؟

هو الله الذي يعلم السر وأخفى . فلا مجال هنا بالتهرب والتعلّل بالأعذار الواهية.التي إعتادوا على التعلّل بها في الحيلة الدنيا لتبرير جرائمهم.

وعن يوم الحساب أمام الواحد القهار أحرص أيها العاقل أن لا تعتمد على قدرتك في نظم الكلام والمجيء بالتبريرات وطلاقة اللسان وحسن البيان وأنت أمام الله عز وجل ، فتظن أن بمقدارك أن تتجمل وتقول أنا فعلت كذا عشان كذا ، وتظن أن الله غافل عنك وعن ما يخفيه صدرك وكيف هي نواياك جينذاك وما توسوس به نفسك ويدعيه لسانك. . وعليه فلا ترتكب موبقة وكبيرة وذنباً ومعصية قبل أن تقرأ وتفهم وتقتنع بقوله تعالى في الآية (65) من سورة يسن: [اليوم نختم على أفواهم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون].




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات