مواضيع اليوم

جريمة قرية الصول..التواطؤ بين الحكم والناقوس والقلنسوات الصفر..

جمال الهنداوي

2011-03-10 05:19:03

0

حصاد وجني مر لعقود من التشظية المقصودة الممنهجة للمجتمع هو ما جرى في قرية الصول الصغيرة والوادعة والغافية على الجانب الشرقي من نهر النيل..

 ونتيجة حتمية ومنتظرة للاختلال الواضح والمحزن والكبير في سلم الاولويات ما بين الشباب المصري الثائر وقوى الشعب الوطنية المسلحة من جهة وما بين الفعاليات المتأسلمة المتقوقعة خلف شعارات ايديولوجية فضفاضة من جهة اخرى..هو المآل الذي آلت اليه الاحداث المأساوية التي شهدها مركز أطفيح والتي تنذر باستعادة مبالغ في سرعتها لزمن الاحتقان والفورات الطائفية المنفلتة..

ان مثل هذه الاحداث تسفر عن مدى التباين العميق في الرؤية والاهداف ما بين الشباب الذين يحاولون صناعة تاريخ جديد وساطع لوطنهم مبني على مبادئ الحرية والتعددية واحترام حق الآخر في الانتماء والتعبير واولية الدولة ككيان جامع ضامن لحق المواطنة والحريات الاساسية ومتسامية عن الميول والانتماءات العرقية والطائفية..وما بين القوى الطائفية الفئوية ضيقة التفكير والافق الساعية لاستهداف اللحمة المجتمعية وتفكيكها الى مرجعيات طائفية أو دينية أو عرقية أو مذهبية متغولة ومتقاطعة ومهيئة للانقضاض على المكتسبات الوطنية بما يهدد باقتتال الأخوة والأشقاء وإلى عمليات تطهير عرقي وإبادة جماعية..

هذا التباين المؤسف يمكن لنا ان نعده تحصيل حاصل للممارسات المتقادمة الاقرب الى التقليد الراسخ من التغاضي الرسمي عن التحشيد الطائفي والعنصري الذي يمارسه فقهاء السلطان بسم الدين الحق والفئة المنصورة والبحث عن النقاء الديني والمذهبي..والتعامي الممنهج عن تفعيل السياسات الرامية الى زرع بذور الانتماء وترسيخها في منظومة الدولة واستبدالها بصيغة ضيقة مختزلة لا توفر مساحة للاقليات العرقية والمختلفة ايديولوجيا وفلسفيا ..

تلك الممارسات التي انتجت واقعا مخيفا يتجلى في بروز الشعارات الطائفية والعنصرية لدى أي احتكاك او حادث اجتماعي او جنائي بحت يكون طرفاه من المختلفين عرقيا او طائفيا..كانعكاس متوقع لحالة الاحتقان التي يعيشها المواطن والتي تعبر عن ما يعانيه من تردي اوجده التقادم المفرط لغياب العدالة الاجتماعية الناتجة عن السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة..

ان الجهات او الاشخاص الذين اقترفوا جريمة الاعتداء النكراء والتي اصابت النسيج الاجتماعي في اعمق مرتكزاته يتشاركون في الاثم مع الحكم السابق الذي لم يعل مبادئ المواطنة والعدالة الاجتماعية.. ومع المنظومة الفقهية المفشية لمبدأ تقسيم المجتمع ما بين الغر المحجلين وما بين احفاد القردة والخنازير..وهذا الكهنوت الظلامي يتحمل القسط الاكبر من المسؤولية لانه لم يستخدم الامكانات الهائلة التي استأثر بها ولا مقبوليته ولا سطوته البالغة على الناس في اشاعة قيم التسامح والاخاء والوحدة الوطنية..

ان هذا الحادث المخزي وهذا التجاوز المدان على دور العبادة انما يعبر عن قرون متطاولة من التحريض والتنفير المبرمج بين مكونات المجتمع الواحد والتواطؤ بين منظومة الحكم وروايات الزنانير والناقوس والقلنسوات الصفر التي ينشرها فقهاء السلطان بين الناس تجذيرا للنوازع العنصرية والطائفية في احط صورها وادنى دركاتها والتي يكذبها ويلعنها دماء الشهداء القبط التي اختلطت مع نسغ شرايين المسلمين الذين سقطوا في حومة النضال من اجل الاستقلال والحرية واعلاء كلمة الشعب والانسان..وهذه الكنيسة وان كان البعض لا يرى قدسيتها فهي تنزل في منزلة المساجد المحترمة لدى نظراء المسلمين المصريين في الخلق وشركاءهم في الوطن..

 ومهما يكن من أمر، فإن المطلوب الان من الشباب المصري الذي اثبت أهليته لمهمة قيادة الامة نحو مستقبلها الآمن الزاهر العمل على اعادة ترتيب اولويات الشعب وتجديد الوعي بوحدة هذا الشعب العظيم..ومنع الممارسات التي تؤدي بالمجتمع نحو الاستغراق في الصراعات الجانبية والقضايا الجزئية المعوقة لمسيرة البناء والتقدم والانشغال بالتوافه وفضول الكلام..وتهيئة الذهنية الشعبية الجامعة لتقبل التدافع الفكري المثمر المؤدي لاستنباط الحلول الناجعة الواقعية للمشكلات وترميم الانهدامات المجتمعية التي تسببت بها السياسات التشطيرية للنظام السابق..مما سيكون له الاثر الفاعل في تجنيب الشعب السقوط في مهالك الفشل أو إلى الفوضى التي قد تنعكس بدورها خطلا وارتباكا  في مسار الحراك الفكري والسياسي للجماهير والوطن والامة..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !