مواضيع اليوم

جريمة الفضائيات العربية

Michael Nagib

2010-02-22 19:02:58

0

من الجرائم التى تعاطف معها الشارع العربى ، تلك الجريمة التى ترتكبها الفضائيات العربية الشهيرة بإذاعة ما يسمى بالشرائط المسجلة لإرهابيين يزعمون إنتمائهم إلى الإسلام ويقومون بتصوير جرائم الخطف والقتل التى يمارسونها أمام المشاهدين فى أفلام الرعب التى ينتجونها خصيصاً لتلك الفضائيات التى تنتهك كرامة وشرف القيم المهنية وتقوم بترويج قيم الجريمة الإرهابية المبتكرة حديثاً بعرضها تلك الأفلام البربرية وتمريرها إلى المشاهدين بأعتبارها قيم نضالية يوافق عليها ويشرعها المجتمع وأديانه ووسائل إعلامه .
مهما كانت القضية التى يدافع عنها هؤلاء البشر مهما كانت أسمائهم وصفاتهم ، سواء دفاعاً عن دين أو عن دولة أو عن أرض مغتصبة، لا يوجد شريعة أو قانون بشرى يبيح ما تستبيحه وتذيعه تلك الفضائيات من مشاهد مدفوعة الثمن لتنظيم القاعدة وأنصار الإسلام والمجاهدين والمدافعين والقائمة طويلة ، لا يوجد مبرر إلهى أو بشرى لإرتكاب تلك الجرائم .
إن معاناة الضمير العربى الذى يشكل خلفية القائمين على تلك الفضائيات ناتج من غياب الأخلاق الفاضلة وذلك بالترويج المحموم لأفكار المؤامرة والغزو الثقافى والتنصير وتدمير العقيدة وأحتلال الأوطان مستغلين المناخ العالمى الجديد للحرية التى لا يعرفون معناها والتى لم يحلموا بها إطلاقاً لأنهم ما زالوا يعيشون فى عصر الأمية والجاهلية الثقافية .
حتى هذه اللحظة لم نرىأو نسمع عن صدور بيانات للمثقفين العرب تحتج أو تدين بشدة ظهور تلك الأشرطة النرجسية على القنوات الفضائية ، ولم أسمع بمسئولين حكوميين أو إعلاميين يصدرون أوامرهم بإيقاف هذه المسرحيات الهزلية التى تستخف بقيمة الحياة الإنسانية والتى بدأها بن لادن بأفغانستان ومستمرة فى العراق وأخرها الرهينة الفلبينى ، هل أنتهى زمن العقلاء فى عالمنا العربى حتى لا نجد من يجرم سلوكيات القنوات الفضائية فى إذاعة بيانات تلك الجماعات والتنظيمات الجهادية ؟
المسئولية فى جريمة الفضائيات هذه واضحة لا تحتاج إلى تعليقات أو تأويلات كثيرة ، فالعنف والإرهاب والتطرف بدأ يتزايد ويتزامن مع تطور رسالة الفضائية القطرية الرائدة فى نشر أفلام الرعب النازى للإرهابيين والتيقن من دخولها إلى كل بيت عربى لما تحتويه على فكر الجهاد تدعمه كما يقولون الشريعة الإسلامية ويدعمه الفقهاء المختارون فى أرجاء عالمنا العربى بفتاويهم وأحاديثهم التى تحلل أساليب الإرهاب الحديثة ضد الكفار أينما كانوا .
إلى هذه الدرجة يتم الأستغلال القذر لحياة البشر أمام عدسات تلفزيونية بعد أختطافهم وهم يرتعدون ويموتون فى داخلهم آلاف المرات أمام هذه الخبرة التى لم يحلم بها أحدهم وأمام هذه الوحشية التى تزول معها المشاعر الإنسانية الطاهرة ، ينشرح صدر أصحاب المصالح التجارية الفضائية ويهللون مع عشاق إراقة الدماء وينتظرون الشريط القادم حتى يحققوا السبق الخطير فى إذاعته ويحصلوا على الغنائم من أرقام تعد بالملايين من المشاهدين السذج الذين يعلو صوتهم بعد أنتهاء الشريط التلفزيونى بقولهم " الله أكبر " !
دائماً العرب فى قمة السباق ببراءة أختراع تقنية أفلام ترويع البشر ألتزاماً بمشاعر شياطين جهنم الذين يتلذذون بمشاهد الموت والدم ، تلك المشاهد التى تدل على التهاون الفاضح وإضمحلال التربية التى تربى عليها هذا الجيل الذى زاغ وفسد وتناسى مكارم الأخلاق الحميدة وتمسك بالتبريرات القولية والتأويلات الحرفية لنصوص عقائدية يقيم بها من نفسه قاضياً يدين ويصدر أحكامه على من لا يعجبه من بنى البشر ويصبح جلاداً ينفذ ما أصدره من أحكام تعذيب وقتل ، ويتجاهلون ويرفضون الخضوع والطاعة للحقيقة الإلهية أن الله رحمن ورحيم !
القضية ليست قضية أحتلال أرض أو غزو وطن أو تشريد شعب ، القضية أكبر من ذلك ومن المستحيل أن يتم شرعنة مثل هذه الجرائم وفضائيات تنقلها بكل سذاجة أو بتآمر مسبق ، ولا يوجد من يصرخ فى وجه القائمين على هذه القنوات ليوقفوا هذا العبث الدموى ويحرموا إذاعة تلك المشاهد النرجسية لجرائم الثأر والأنتقام .

هل هم فى ظلام لا يدرون ما يرتكبونه من جرائم فى حق الإنسانية يعطلون فيها ضمائرهم وعقولهم ويضللون بها عقول مشاهديهم ويزينون لهم بساطة إرتكاب الجرائم ، فالقتل ما أروعه ولا يحتاج إلا إلى التشبه بما يأتى به هؤلاء الأبطال فوارس العروبة البواسل من تهديد ووعيد بملابسهم المميزة ووجوههم الملثمة والضحية أمامهم وعندما يحين الموعد يرتفع السيف وتطير وتنفصل رأس ذلك الإنسان الكافر وأنتهى الأمر والله أكبر .
لا أعتقد أن هذه هى القيم والأخلاق التى يستقبل بها العرب عصر التقدم وعصر المعلومات ويريدون تصديرها إلى شعوب العالم التى تعيش فى ظلام الديمقراطية والتقنيات العلمية والتكنولوجية .
هل يوجد من يحاكم تلك الفضائيات التى تبيع شرفها المهنى علانية ، ولا تعمل حساباً ليوم الحساب إن كانت تؤمن به ؟
لماذا لا تمتنع القنوات التلفزيونية فضائية أو أرضية بجميع أشكالها عن إذاعة تلك الاشرطة والبيانات الإرهابية التى تشجع على الإرهاب وتجعل له وجود حقيقى؟
متى يزيل العرب من عقولهم العداء الفطرى المستحكم لكل ما هو غير عربى وغير إسلامى ؟
متى يستيقظ ضمير العرب ويستعيد كرامته وكرامة القيم والأخلاق التى زرعها الله فى داخله ؟

2004 / 7 / 12




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !