مقدمة:
استقبل المسلمون عيد الفطر بعد أن رحل شهر رمضان المبارك، وقد اعتادوا، عند إقبال هذا الشهر الكريم، أن يقدموا بين يديه كلاما حول فضائله وفضل صومه، وما تحقق للمسلمين فيه من انتصارات عظيمة وفتوحات ربانية جليلة. وهذا عمل جيد ومطلوب، ترغيبا في الاستعداد له بما يليق بجلال شهر الصيام، وهو شهر مرتبط بنزول القرآن الذي منه بدأ انطلاق بناء الأمة، والذي لايمكن أن تحيا إلا به: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (البقرة: 184).
فحياة أمتنا بالقرآن، والقرآن نزل في شهر الصيام، لذا فبالصيام تتجدد الدماء وتتدفق في شرايين جسمها: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (البقرة: 184).
وكي لاتحيا هذه الأمة من جديد، يحرص طغاة الأرض، في بلاد المسلمين، على "علمنة رمضان" كما قال أحد الفضلاء، ببث السهرات الماجنة والأفلام الهابطة، وبالتسامح مع مختلف أشكال انتهاك حرمة هذا الشهر الكريم، وستأتي نماذج لذلك (1).
واعتاد المسلمون أيضا توديع شهر الصيام بالرجاء أن يقبل الله سبحانه وتعالى ما قدموه من أعمال في ذلك الشهر، ثم بمتابعة القيام بالأعمال الصالحة من إخراج للزكاة والتكبير يوم العيد وخروج المؤمنات للصلاة ومخالفة الطريق وصيام ست من شوال ...
هذه الأعمال لايشعر بقيمتها من ابتلي بالبعد عنها، فكيف بمن ينتهك حرمة رمضان بالإفطار بالزور والكذب والبهتان ، بل بالمطالبة ب "حق" الإفطار علنا ؟!!
وفي هذه السلسلة من المقالات سأحاول التذكير بمجموعة من المحاولات الارتدادية الكالحة التي رامت انتهاك حرمة هذا الشهر الفضيل، ثم استنتاج مايمكن استنتاجه منها.
والمنطلق ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية".
وقد شهد بلدنا المغرب، في رمضان السنة الماضية، محاولة من تلكم المحاولات الارتدادية المظلمة، لما بادر بضعة أفراد للمجاهرة بالإفطار في رمضان، وكان ما كان من شأنها مما سنذكره في هذه المقالات المتسلسلة، وحَسِبْنا أن المحاولة لن تتكرر، على الرغم من التساهل الذي ميز تعامل السلطة آنذاك مع أفراد المجموعة. غير أن أحد أفرادها – ممن يصف نفسه في مدونة له بأنه: "منتهك لحرمة رمضان
بالإفطار"(2)- قام بإطلاق دعوة على موقع (الفايسبوك)، قبل رمضان هذه السنة بأيام "لفتح نقاش هاديء وعقلاني حول الحق في الإفطار في رمضان" حسب قوله. ونفى – في دعوته تلك – أي دعوة للتخلي عن أي عقيدة أ اعتناق دين جديد (3).. كما جعل لدعوته هذه السنة شعار : "مفطر أو صائم في رمضان، كلنا
مغاربة"(4).
مثل هذه الدعوات دفعتني إلى طرح الأسئلة التالية:
1- هل سبقت محاولة حركة مالي على الفايسبوك حركات لنقض عروة شهر رمضان في القديم؟
2- ما قصة حركة مالي المفترضة؟
3- ماحكم من أفطر في رمضان عمدا مع الإصرار على رفض تشريع الصيام رفضا قاطعا؟
4- ما هو الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي؟
5- ما "مبررات" المطالبة ب"حق" الإفطار العلني في رمضان لدى من يراه "حقا"؟
وما يلي يتضمن سلسلة حلقات حول مضامين تلك الأسئلة، مختومة بملاحظات وتعليقات.
لكن، قبل الشروع في بسط الكلام عما سبق، يجدر بنا أولا أن نتعرف على نظرة وأداء المسلمين، على عهد السلف أو الخلف، لصيام رمضان، من خلال نصوص شرعية، ووقائع وأحداث تاريخية، وهو موضوع الحلقة القادمة بحول الله تعالى .
الهوامش :
1- ينظرمقالان قيمان حول الموضوع:
- الأول للدكتور خالد محمد الغيث بعنوان: "علمنة رمضان" ،في موقع "طريق الإسلام" وعلى الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=875
- والثاني للسيد حفيظ مسكاوي بعنوان: "علمنة رمضان...حركة مالي للصائمين" وعلى الرابط: http://www.hespress.com/?browser=view&EgyxpID=22672
2- يذكر في مدونة له، في "بيانات المدون"، أنه "fettar ramadan"، والمعنى ما ذ ُكر أعلاه.
3 - لاحظوا كيف أن الدعوة للمجاهرة بالإفطار الجماعي في رمضان، لاتعتبر دعوة للتخلي عن الإسلام الذي يعتبر صيام رمضان ركنا من أركانه . وقد كرر الداعي المذكور كلامه هذا على مسامع المتابعين لنشرة قناة "الجزيرة" القطرية ليوم 15 غشت 2010/04 رمضان 1431 . أما الطالب غسان وائل، والذي كان برفقته مع فتاتين، فقد قال: "نناضل من أجل إلغاء الفصل 222"، وسيأتي الكلام عن هذا الفصل.
وحتى نعرف حقيقة بعض هؤلاء المتجرئين على الله، والذين يزعمون أنهم لايدعون إلى التخلي عن الدين، أذكر أن هذا ال" fettar ramadan" ينشر مقالاته في موقع "الحوار المتمدن"-وهوموقع لشذاذ الفكر –من شيوعيين سابقين وعلمانيين متطرفين.وأذكر بعضا مما نشره في ذلك الموقع، لعله يسهم في بيان شيء من حقيقة فكر هذا الصبي وأخلاقه، ومن ذلك:
أ- مقال عنوانه "الإسلاميون وغزوة الخمور في المغرب"، حيث ينعث فيه الإسلاميين
ب"تجارالدين". ويقول، على طريقة بعض سكارى المثقفين ممن ابتليت بهم أمتنا: "الخمر اليوم مادة
أساسية (كذا) لفئة عريضة من المجتمع المغربي بدونها قد تقع مشاكل قد تأخذ أشكالا عنيفة، بالإضافة إلى اليد العاملة الناشطة بصفة رسمية، كما المداخيل المهمة لخزينة الدولة من الضرائب التي تستخلصها على الخمور..."(من مقاله المذكور على الرابط:
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=161233
ب- مقال: "الإسلاميون في المغرب وحروبهم ضد السينما" (ولايوضح هل حرب الإسلاميين ضد سينما الأفلام الهابطة وذات القيمة الفنية الهزيلة، أم غيرها؟)، على الرابط:
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=160898
ج- مقال "المسيرات الاستعراضية لجماعة الإخوان بالمغرب، على الرابط:
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=160532
د- مقال ذو عنوان ساخر: "حجاب الإخوانيات يدخل الجنة في 24 ساعة وبدون معلم"، حيث يذكر فيه أن دعوة نساء "حركة التوحيد والإصلاح" المغربية النساء المغربيات إلى الالتزام بالحجاب أثارته، معتبرا ذلك الحجاب "تنميطا للمجتمع حسب هوى وذوق ورؤية نساء هذه الحركة الأصولية للباس" !!
الرابط:
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=160322
أما في الجانب الخلقي، فقد نشر مقالا في مدونة له في "إيلاف" كله فحش في الكلام باللهجة المغربية، مما يستحيي عامة الناس من ذكره. ومن شاء الرجوع إليه ليعرف أخلاق مثل هذا الصبي فعلى الرابط:
Ri7ab.elaphblog.com/posts.aspx ?U=2251&A=21651
وعنوان المقال: "سيدي أحمد"ن ومنشور بتاريخ: 08/70/2009
4- الشعار في الأصل باللهجة المغربية كالتالي: (واكل رمضان، صايم رمضان، كلنا مغاربة)، وقد تصدر الصفحة في "الفايسبوك"، متبوعا بما يلي (فيها عبارات باللهجة المغربية، وسأذكرها بالفصحى بين قوسين):
" مغاربة من أجل الحق في إفطار رمضان:
فكرة تأسيس هذه المجموعة، قبل رمضان، هي من أجل فتح نقاشات حول الحق في الإفطار مع لي كيصومو(= مع الذين يصومون) بشكل هادئ، و الحجة بالحجة، و بدون تجريح للعقائد و للأشخاص. إضافة إلى فتح نقاش حول الفصل 222 من القانون الجنائي، و لي كيجرم (= والذي يُجَرّم) الحق في الإفطار في شهر رمضان. نحاولو نبتعد (=لنحاول أن نبتعد) عن نقاش العقائد، و نطلب من الزوار للمجموعة الصايمين ميديروش الموعظة الدينية (ألا يمارسوا الوعظ الديني) باش نركزو (=حتى نركز)على نقاش حرية (ربما المقصود الحريات) الفردية و خاصة حرية المعتقد، على اعتبار أننا كنعتبروها مدخل أساسي (=نعتبرها مدخلا أساسيا) لبناء مجتمع الحريات. نشوفو كيفاش نلقاو شي صيغة نعيشو فيها كاملين كمغاربة(=لنبحث عن صيغة نعيش بها كلنا كمغاربة) ،مع القبول بالاختلاف والتعدد..هي محاولة لتكريس شيء اسمه الحق في الاختلاف، لكن في نفس الوقت ليست دعوة إلى التخلي عن أي عقيدة او اعتناق عقيدة جديدة...
الحل هو الحرية للجميع".
وقد رد شباب مغاربة على هذه المجموعة بإحداث صفحة نقاش على موقع (الفايسبوك)، تحت شعار:(كلنا مغاربة ضد المفطرين في رمضان)، وذكروا تحت الشعار مايلي:
"أعداد العازمين على الصيام الجماعي في تزايد.. انضم وادع معارفك للانخراط في هذه الخطوة للمضادة لشواذ رمضان". ثم قالوا:
"أنشئت هذه الصفحة احتجاجا على من يفطرون علنية في رمضان من مرتزقة حركة مالي".
التعليقات (0)