مواضيع اليوم

جرداء جرداء!

حنان بكير

2012-02-15 12:45:03

0


خلف الابتسامات العريضة التي يوزعها "الممثلون" على السكان، هذه الايام، وبسخاء، مخاوف حقيقية، انعكست على سلوكاتهم اليومية، الى درجة انه حتى "الكومبارصات" انفسهم، والذين يحومون حول رئيسهم "المخلوع"، فقدوا اعصابهم واصبحوا يحاولون، وبكل الاقنعة الممكنة، لعب دور البطولة في المسرحية الهزلية التي تدور وقائعها في شوارع المدينة التي كساها "النيلو"، بعد عقود طويلة من زمن التهميش.
فيبدو ان رياح "الشرقي"، التي هبت على سيدي افني، والتي تبشر بقدوم تغيير مرتقب، تجري بما لا تشتهيه سفينة رئيس " الغفلة" الغارقة، ومنذ مدة، في بحر الوهم السحيق، والتي قفز منها اقرب الاقربين أملا في إنقاذ وجهه من
" الحرش " الذي ينتظرهم في نهاية المغامرة!
ولعل هذا ما عجل "بالنزول الاضطراري" من موقع "النفخة"، فبين القبلات الحارة والعناق الطويل حديث لا ينتهي الا ليبدا، يأمل الرجل ، من خلاله، غرس فسيلة "الانجازات الخالدة" قبل موسم الحصاد الانتخابي المنتظر.
ولربما نسي او تناسى ان الموسم ليس موسم زراعة، في السياسة على الاقل، ولهذا فالأمل في حصاد رضا الناس قد ولى الى غير رجعة، بعدما فوت الفرصة المتاحة في الوقت المناسب حين كانت الارض خصبة ، أما وقد مرت كل هذه السنين، مخلفة جفافا في الرؤية وجفاء في السلوك، فلا فائدة تُجنى من غرس فسيلة "الحملة الانتخابية" على مبعدة اشهر قليلة من موسم الحصاد الانتخابي المبكر!
واذا كان الرأي العام يدرك جيدا أن لا شيء استطاع محمد (الباعمراني) تحقيقه، عدا انه بقي لوحده ــ تيمنا بلقبه ــ ، وجعل البلدية تتحول الى مقر للسكنى و"تعمير" كؤوس "اتاي" لبعض المقرين من فلكه، فهذا لم يمنعه من "الهجوم" على المارة، بمناسبة او بدونها، في مسعى للفت انتباههم لحالته، وهو يهم بنفض الاتربة، الى جانب "الكاوريات" التي افلحت صدورهن المكتنزة في عقد "جمع عام " على الهواء مباشرة لحزب اركانة الذي اختفى، ومنذ مدة، من الخريطة السياسية المحلية.
فالرجل، ورغم فشله المدوي وفقدانه لمصداقية لم يكن ليحظى بها مطلقا لولا انه "سند" على اكتاف "رجال البلاد"، مصمم على اجترار نفس اللغة المملة، اينما حل وارتحل، حتى أن الكثير ممن ابتُلُوا بلقائه صاروا يتهامسون فيما بينهم قائلين: "السيد طار ليه الفريخ!".
إن الازمة المرضية التي يعاني منها بعض المبتدئين في السياسة، ولا يروا ضرورة لتجنيب انفسهم من ويلاتها، رغم كل التجارب التي مرت أمام عيونهم في هذه المدينة، هي انقلابهم على اعقابهم بمجرد وصولهم الى حيث ارادوا، دون ان يدور في خلدهم، ولو لوهلة، ان الانتخابات ليست، في نهاية المطاف، إلا محطة عابرة على مسار الحياة الطويل، ولهذا فمن عين العقل أن يسعى الانسان للحفاظ على زاده من التواضع، الذي يسمح باحتلال دائم لموقع في قلوب الناس، و يكفي لمواصلة ما تبقى من حياة المرء على هذه الارض الفانية.

ولأننا ندرك جيدا أن "النكير" مصدر لفعل سياسي مغربي بامتياز، فما أن يقترب أحدهم من خط الوصول حتى يبدأ في رسم خريطة للتخلص من منافسيه وينسب الانتصار لنفسه دون أن يكلف نفسه عناء الالتفات عرفانا أو تقديرا للذين كانوا سببا أو ساهموا في وصوله دون مشقة تذكر.
وهذا ما وقع بالفعل، فالرئيس الذي منحنا له الرئاسة، دون أن ينافسه أحد عليها، واعتقدنا أنه سيعرف قدره و سيحرص على بناء تجربة جماعية وتعزيزها على اساس من الثقة والانسجام، سارع الى البحث عن معاول لهدمها لتنتهي الى حيث هي الآن، تئن، و في صمت، تحت وقع سوء التسيير وعشوائية التدبير.
فحين اشعل محمد (الباعمراني)، ــ الذي يدعي الانتساب الى آيت باعمران، والحال ان شجرته، المغروسة بعيدا عن هذه المنطقة، تقول عكس ذلك ـ ، النار في قمرة القيادة كان يوهم نفسه ، ربما، بأنه سيخرج سالما، والحال أنه كان أول من اكتوى بنارها، التي أحرقت أوراقه كاملة، دون أن يجد، والى اليوم، وصفة سليمة لإطفاء جذوتها.
ولهذا فالمحاولات المتأخرة، والتي يحاول من خلالها، يائسا، تسجيل اهداف في الوقت الضائع، بهدف إضافة نقاط الى رصيده السياسي النافد، ليست ذات جدوى، فحالة الشرود لا غبار عليها، وما عليه إلا انتظار صفارة الحكم اليقظ لتعلن نهاية لعبة لم يحترم ، وللأسف، قواعدها الصارمة!
فحالة الشرود هذه، و على ما يبدو، ستحرمه حتى من تذوق طعم انجازات حقيقية على الارض ، ــ أغلبها لا يمت للبلدية بأية صلةــ ، و ستُجرعه مرارة الحلقة الدرامية الاخيرة التي ستتوج حتما مسلسلا طبعته "كوفرات" منذ انطلاقته في صيف 2009.
أما اذا كان لهؤلاء متسع من الوقت، واستطابوا اللعب في " الجرادي"، كالاطفال الصغار، مرددين : " جردا جردا! فشخصيا ليس لدي أي مشكلة، فليواصلوا تمثيليتهم وليغرسوا فسائلهم ، إلا انني، ومع ذلك، لا أستطيع أن أمنع نفسي من إخبارهم، من هذا الموقع، بأن التعويل على حصاد كاف لأصوات الناخبين، في موسم الانتخابات الجماعية المبكر، هو أمر مستحيل ، فلقد ضاقت الارض عليكم بما رحبت، ونبذت زرعكم، وغدت ، بعد طول جفافكم النضالي ، جرداء جرداء!



 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !