جرت العادة (البلدية) سلسلة تبدأ من هنا
جرت العادة أن كل موظفي البلديات فاسدون....
والحقيقة أنني لست من أجرى هذه العادة ولاكنه المواطن المسكين المغلوب على أمره "الشاهد على العصر"هومن أجراها مع تحفظي الشخصي على كلمة "كل" التي تعني من الحارس إلى الوزير,إلا أنني أعترف بأن النسبة مخيفة وأعداد الموظفين الفاسدين في هذا الجهاز كوارثيه .
فميزانية وزارة الشئون البلدية والقروية يشبهها البعض بالكعكة العملاقة التي ينتظرها هؤلاء الفاسدين مشمرين عن خمسهم فاغرة أفواههم ليلتهموها دون هوادة , وطبعاً كلا حسب حجم يده واتساع كرشه ستكون لقمته , ولكونها وجبة من العيار الثقيل فلابد أن يصابوا بعسر هضم وسيتساقط لا أدري من بقاياهم أو فضلاتهم ما يسدون به عيون الحاسدين من المواطنين الحاقدين.
فمن "خمسة وثلاثون مليون" ميزانية لبلدية كبلدية "الدرب" مثلاً ... سينفذ بما قيمته من"سبعة إلى عشرة ملايين" كحد أقصى أي بأسعار السوق الفعلية بما يعادل "ثلاثة ملايين" لأن عقود مشاريع البلديات تحتمل أسعاراً للمواد أكثر من ثلاثة أضعاف سعر السوق والكل يعلم, كما إن نصيب البنى التحتية وما يخدم المواطن فعلاً لا يتجاوز الربع من المصروف الفعلي , وجل ما بقي هو من أجل تزيين المداخل والشوارع الرئيسية بزينة وقتية كعقود الإنارة ذات الجودة الرديئة أو بعض الأضواء الوامضة من العصر البائد وذلك لكي يشاهدها ألمسئول المتعجل دائماً في زيارته والتي يغلب عليها طابع الاحتفاليات والولائم ذات التكاليف العالية, بينما تنعم الأحياء الداخلية بظلام سرمدي وطرقات متهالكة تختصر عمر المركبات إلى الثلث من عمرها الافتراضي .
ولكل من يتعمق في أمور البلديات قليلاً فلابد أنه قد سمع عن الثالث.."باب التشغيل والصيانة" ولابد أنه قد سمع أنه المال السائب الذي لا يوجد عليه حسيب ولا رقيب..ملايين تخرج من هذا الباب ولا تعود إما لعمليات وهمية أو مناقلات على الورق ,وما دامت المتابعة على الورق فكيف نعلم أن السارق قد سرق.
للأسف المال السايب يعلم السرقة وللأسف مات الضمير لدى كثير من موظفي البلديات وأصبحت مصالحهم الشخصية فوق كل اعتبار وحتى في ساعات عملهم الرسمية لا ينجزون أعمالهم إلا بمقابل أو مصلحة متوقعة , وللأسف ساهم بعض ضعاف النفوس من المواطنين أصحاب المصالح لدى البلديات في انتشار هذه العادة حتى أصبحت صفة لدى الموظف , وأصبح المواطن النزيه صاحب الحق في الحصول على خدمات موظف البلدية لا يحصل عليها بسهولة لأنه لا ترجى منه مصلحة .
ـ أين رئيس البلدية من كل هذا الفساد؟
لن نردد المقولة الشهيرة"إن كنت تدري فتلك مصيبة....الخ" لأنها برأيي مشرع رسمي للفساد
فما أسهل أن يقول رئيس العصابة عندما يواجه بأخطاء أفراد عصابته ويكون مصيره أو مصير تجارته المشبوهة على المحك "لا أعلم فقد تصرفوا بدوافع شخصية دون الرجوع إلي ".... وهيهات أن يتم تصديق مبرراته.
فكيف نصدق رئيس البلدية عندما يرمي بفساده على من هم تحت إدارته والأمثلة على فساد رؤساء البلديات واستخدامهم لبعض الموظفين من أجل تمرير بعض الأمور المشبوهه أو إقرار بعض القرارات المخالفة كثيرة ,
فقد جرى العرف أن يقوم بعض رؤساء البلديات بتسخير موظفين لينابوا عنه في التفاوض والقبض من بعض المقاولين وأصحاب المصالح سواء كانوا نظاميين أو مخالفين.
فالنظامي ستوضع أمامه العراقيل ليدفع والمخالف سيدفع لتزال عنه كل العراقيل والعقبات , أما الموظف الواسطة فسوف يتفرغ من أجل السعي والتعقيب وله سوء السمعة ولرئيسة وله تقاسم الغلة.
"الراشي والمرتشي والرائش " الصورة الكاملة.
ـ ما هو الحل لإعادة الأموال المسلوبة للدولة ثم للمواطن مرة أخرى ؟
الأمر بسيط جداً وهو أدق من جهاز كشف الكذب بكثير...
أن يتم تكليف جهة محايدة مشكلة من الأجهزة ذات الطابع الرقابي في الدولة يترأسها مواطن من نفس المدينة أو المحافظة مشهود له بالنزاهة غير مرشح من البلدية أو المحافظة وليكن إمام وخطيب لأحد الجوامع مثلاً أو أي شخص يجمع عليه أهل البلد ولو يتم التصويت عليه من خلال موقع انترنت اوصفحة فيس بوك تنشأ لهذا الغرض.
وتقوم هذه اللجنة بنظرة بسيطة للوضع المالي لرؤساء وموظفي البلديات قبل وبعد الوظيفة بعام وكذلك قبل نهاية كل سنة مالية عن طريق تفحص حساباتهم البنكية وحسابات ذويهم أو عن طريق حصر الأموال المنقولة وغير المنقولة التي هي تحت ملكياتهم وملكيات ذويهم.
الأمر في غاية السهولة مع التطبيق السليم.... وتجسيد لمبدأ " من أين لك هذا" وبذلك نبدأ بخطوة إعادة المال العام للدولة ثم للمواطن الذي خصص من أجله وأن تتم محاسبة الموظف الفاسد إن وجد وإيقاع العقوبة الرادعة في حقه .
ـ كيف نجتث الفساد المستشري في البلديات من جذوره؟
أثبتت التجربة أن علينا الأخذ بتجارب من سبقونا في هذا المجال بعين الاعتبار وأن لا نأخذ جزء منها دون آخر....
الانتخابات البلدية ... خطوة على الطريق ولاكنها عقيمة وفاشلة لسبب وجيه ..
الا وهو أن القائم على رأس الهرم الخدمي "رئيس البلدية" ليس ممن على المواطن اختيارهم, كما إن تقييد صلاحيات أعضاء المجلس البلدي بالإضافة لميلهم للظهور على حساب رغبتهم في الانجاز هو ما أعاق نجاح هذه التجربة,,, وعندما نعود للأصل فأنه من باب أولى والأجدر أن يخضع منصب رئيس البلدية للترشيح والانتخاب من قبل المواطنين على أن يكون المرشح من منسوبي البلدية من الموظفين المهيئين للتعيين على هذا المنصب سواء على حسب المرتبة أو الدرجة العلمية .
أربع سنوات قابلة للتجديد في حال تم إعادة انتخاب المرشح مرة أخرى من قبل المواطنين في الدورة التالية وكذلك كل مرة بعد كل أربع سنوات.
وحينها أجزم بأن الوضع سيتغير وسوف تجف منابع الفساد فالكل يعلم بأن" السلطة المطلقة مفسدة مطلقة "
تم بحمد الله
صورة مع التحية لمعالي وزير الشئون البلدية والقروية
صورة مع التحية لمعالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد
التعليقات (0)