محمود المصلح
2009 / 3 / 5
في مجتمع يزداد فيه الكبت والقهر والاضطهاد والتمييز على مختلف المستويات ، ينمو فيه الفرد وتنمو معه الكثير من العقد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية على حد سواء .ارى ان انساننا العربي خصوصا والانسان عموما ، يكابد في هذه الحياة ، مالم يكابده اسلافنا على مر التاريخ من صنوف الكبت والتمييز والاذلال ، بداء من لقمة الخبز وشربة الماء وانتهاء بالحريات الشخصية .
وفي هذا الجو المسموم المتشرب لكل صنوف الاغراء والاغواء ، ينمو الفرد وهو يستشعر الحرمان والنقص ، فيولد عنده بالضرورة حقدا طبيقيا لما يشاهد ويسمع ويعرف ، فهذه القصور الفارهة بجانب الخرائب ، وتلك الولائم تلقي بفضلاتها امام اعين الجوعى من ابناء جلدتنا ، ومئات بل آلاف البشر يعيشون عيشة الكلاب بل والله اقل ، وتلك فئة باغية طاغية تتمرد وتتجبر وتتكبر على الخلق ، وكانها تقول بحالها ما لم يقوله لسانها ... انا فقط ومن بعدي الموت للجميع ..
نعم هو صراع طبقي ينز من احياء الفقراء والمهمشين ، يشاهد في كل حي وشارع ، يخلق جيلا جديدا لكنه جيل محبط .. متشائم .. متافف .. عاطل عن العمل .. عديم الانتاجية .. عالة على المجتمع الذي اهمله بالبداية .. ليزعه قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت .. ولو طال الزمن .
هذه الاجواء ( المسمومة ) خلقت مشكلات عصية على الحل ! بعد ان طال الامد وبعد الزمن .. وتراكمت المشكلات التي لم تحل بوقتها .. مشكلات عدة على مستويات مختلفة .. فالجوع والفقر .. والبطالة والجهل بداية كل الشرور ... ( وهنا نحن لا نبرر الرد او رد الفعل وانما نسوق الاحداث الى مراميها لتوضيح الصورة ربما نبحث عن حل او رؤية تؤسس لحل ما ) فالجريمة المنظمة او غير المنظمة البيسطة والكبيرة تبقى جريمة ، والفعل اجرامي .. دون الخوض بالخلفيات والمسببات ..
جريمة السلب .. جريمة السرقة .. جرائم الشرف ...الاحتيال والنصب والتزوير والرشوة .. وما ينطوي تحتها من عوامل ومفردات ذات صلة .. كيف حدثت ولماذا وما هي النتائج المتوقعة الان وبعد حين ..
كل هذا يستدعي ان نطرح السؤال الكبير : ماذا فعلت حكوماتنا العربية ... ونظامنا الرسمي لمجابهة هذه المشكلات التي باتت تعصف بالمجتمع وتزلزل كيانه من جذوره .. اين الدراسات الاجتماعية ..التي توضح النسب الحقيقية لعدد الجرائم .. وتصنيفها .. اين الدراسات التي وضعت لبلورة المشكلات وتحديدها .. وتوض يح اسبابها بموضوعية ومصداقية وشفافية .. كيف يمكن ان تتاح الفرصة لوضع الحلول دون تمكين المختصين من الحصول على المعلومة .. التي باتت حكرا على فئة قليلة لا تسمح بتسريبها .. فالى اليوم لا توجد احصاءات دقيقة وصادقة عن عدد المصابين بمرض ( نقص المناعة المكتسبة _ الايدز ) حيث لا يزال مجتمعنا ينظر الى هذا المرض بعين الشك والاتهام وربما الخوف وقلة الاحترام ..
الى هذا اليوم لا تزال الاعداد الحقيقية للعاطلين عن العمل .. والاعداد الحقيقية لمن هم دون خط الفقر .. لا تزال هذه الاعداد اعداد وهمية تعد في مكاتب دون النزول الى الميدان ودون اجراء المسوحات الاجتماعية الفعالة الفاعلة الصادقة المعبرة عن حقيقة المجتمع .. الى هذا اليوم لا تزال الفئة التي من المفروض ان تكون المستهدفة من صناديق المعونة الوطنية والتنمية الاجتماعية بعيدة كليا او جزئيا عن الاستفادة .. والاكثر من ذلك ان هذه المساعدات تذهب الى من هم ليسوا بحاجة اليها عن طريق الواسطة والمحسوبية .. وما يتم ذلكم الا بغطاء كثيف من صناع القرار . . بما يقدموه من عدم متابعة ومحاسبة واشراف ورقابة .. مما يؤكد بعدهم عن الميدان وضمير الشعب والشارع عموما.
وما نسمع ونشاهد ونعرف اكثر بكثير مما نكتبونتكلم به جهرا نهارا ...
وبعد الا تعد هذه جرائم ضد الانسانية ؟.. الا تعد هذه الافعال انتهاك حقيقي وسافر لحقوق الانسان ؟.. والى ان نسمع الجواب .. سنبقى في صراخ دائم ..
وآه يا عرب !!!
التعليقات (0)