مواضيع اليوم

جرائم الطاعة والولاء : قراءة أولية

sulaiman wwww

2011-05-07 16:37:27

0


شهدت الثورة الكبرى للشعوب العربية التى نعيش مراحلها ارتكاب جرائم حرب فظيعة عبر الاجهزة القمعية للانظمة العربية التي تحاول احتواء الثورة والابقاء على الاوضاع القائمة واعادة الشعوب الى سكونها وخضوعها وقبولها لتلك الانظمة التي أطلق عليها الطيب تيزيني مصطلح أنظمة الحطام العربي لمرحلة ما بعد الاستعمار والتي يمكن وصفها بكافة الصفات المرتبطة بالاستبداد والقمع و غياب القانون والدولة المدنية وتهميش الارادة الشعبية .
بعض تلك الجرائم يرتكبها مرتزقة يتم استجارهم للقيام بتلك الجرائم وهذه الظاهرة واضحة ولا تحتاج الى الكثير من التحليل لفهمها خارج اطار الخدمات المدفوعة الثمن ضمن السوق ولكن ما سأتناوله في هذه الورقة هو ظاهرة مشاركة أبناء الوطن بارتكاب تلك الجرائم بحق المواطنين الاخرين من شعبهم . وهذه الظاهرة هي ما سأتناولها بالبحث في الفقرات التالية لأنها أقل وضوحا مقارنة بظاهرة المرتزقة اذ تكون المبررات والدوافع أقل وضوحا في الحالة الاخيرة.
خضعت ظاهرة ما يسمى بجرائم "الطاعة " والولاء ( crimes of obedience and loyalty) لكثير من البحث ضمن الدراسات في حقل المؤسسات والبيروقراطية وعلم الاجتماع . وقد تم تناول الظاهرة عبر اخضاع العديد من جوانبها للبحث والتحليل ، وأحد تلك الجوانب يتمثل بخصائص الأتباع ( followers ) وتنشأتهم الاجتماعية ـ حيث تشير الدراسات الى أن هؤلاء الاتباع يكونون قد حصلوا على تغذية راجعة لوقت طويل عبر التنشأة الاجتماعية حول امكانيات القيادة التي ترقى الى درجات اسطورية : فالقائد هو صاحب الرؤية الثاقبة والحكمة الفريدة الذي يمجده الشعراء في قصائدهم وتعدد الأغنيات ذكر مناقبه وانتمائه الى سلالة وأسلاف يتمتعون بالمنزلة العظيمة الامر الذي قد يتم توظيفه لايجاد الشرعية التاريخية في غياب الشرعية العقلانية القائمة على الانجاز، وتبرز لغة الخطاب الاعلامي المتداولة ومناهج التعليم موقع الحاكم الفوقي ومنزلته السامية ضمن العلاقة المشوهة بينه وبين شعبه مما قد يصل في بعض الحالات ان لا يكون للبلاد نشيد وطني بل مجرد نشيد شخصي أقرب الى قصائد المديح التي عرفها الشعر العربي في عصور التراجع والتي تمجد الحاكم وتؤكد منزلته الفوقية بالنسبة الى الشعب . وبذلك فالتغذية الراجعة المستمرة في مناهج التعليم والخطاب الاعلامي تسهم في تعزيز الايمان بموقع التبعية وضرورة الطاعة المطلقة حتى في الحالات التي تفتقر فيها المهام الى الصفة الأخلاقية .
كما أن ارتكاب جرائم الولاء والطاعة قد يعزى الى الخبرة العملية الطويلة والتي تشير الى مكافئة الملتزمين بالطاعة العمياء مقابل العقوبات للمخالفين حتى في الحالات التي يتناقض فيها الالتزام بالطاعة مع القناعات الاخلاقية ويصل الحال بالاتباع لرؤية أنفسهم على انهم مجرد ادوات لتنفيذ الاوامر بحيث لا يرون أنفسهم مسؤولين عن تصرفاتهم (Milgram,1974).
كما تشير الدراسات الى أن أحد أهم الادوات التي يتم توظيفها لاقناع الاتباع بارتكاب جرائم الطاعة تتمثل بتشويه صورة الضحية ونزع انسانيتها : فالمواطنين الذين يتعرضون لتلك الجرائم يكون قد تم تصويرهم في الخطاب الاعلامي على أنهم مخربون غايتهم احداث الفوضى أو انهم مدفوعون من قبل جهات خارجية تسعى الى تخريب البلاد .
حاولت الدراسات تقديم اقتراحات لتجنب ارتكاب جرائم الطاعة والولاء ومن تلك الدراسات دراسة ( Kim Hinrichs,2007 ) والتي أشارت الى ضرورة توظيف اجراءات للوصول بالتابعين الى احساس في التكافؤ بالمسؤولية الاخلاقية بينهم وبين القادة .كما قدمت دراسات أخرى مقترحات بتوظيف تقنيات انتقاء مصممة لابقاء بعض الشخصيات خارج المواقع القيادية (99Bandura,19) ولكن تلك التقنيات غير قابلة للتطبيق في حالة الانظمة السياسية العربية حيث تورث المناصب ولا تخضع للانتقاء مما قد يتطلب توظيف تقنيات بديلة قد لا يكون تقبلها سهلا ولكن حماية المواطنين العزل ونشاطاتهم السلمية وتجنب الجرائم الفظيعة التي قد يتم ارتكابها تبرر تلك البدائل .

References :

 
• Bandura, A. 1999, Moral disengagement in the perpetration of inhumanities. Personality and Social Psychology Review. [Special Issue on Evil and Violence], 3, 193-209.

• Kim T. Hinrich ,Kim,2007, Follower propensity to commit crimes of obedience: the role of leadership beliefs, Journal of Leadership & Organizational Studies August, 2007: http://www.entrepreneur.com/tradejournals/article/167430596_1.html .

• Milgram, S. 1974. Obedience to authority: An experimental view. New York: Harper & Row

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !