بداية إقتضى التنويه أن الأمر ليس بمسأله شخصية وأنه ليس لدي ضد السعودية أو أي شخصيات وقيادات سياسية فيها أي ضغينة ولست أحقد على السعوديين بسبب ثروتهم النفطية ففي النهاية المال لا يصنع رجالا ولا يصنع كرامة دولة. فعلى سبيل المثال إن دوة كوبا وعلى الرغم من ضئالة مساحتها الجغرافية وإمكانياتها الإقتصادية المتواضعة فقد حققت نجاحا في التصدي للهيمنة الأمريكية وقامت بخدمة شعوب الدول الفقيرة والنامية بإرسال مئات الأطباء وإستقبال المرضى من الدول النامية للعلاج وساهمت جامعاتها في تخريج ألاف الطلاب الدوليين. الأمر برمته متعلق بالتاريخ ولن أقول حقائق لأن تلك مسألة نسبية تختلف فيها وجهات النظر, الحقيقة عند طرف ما قد تكون ليس إلا مجرد أكاذيب عند الطرف الأخر. كما أنه ليس عندي أي مشكلة في أن تقوم حكومة أي بلد بتوظيف مجموعة من العاطلين عن العمل للترويج لإنجازاتها(ذباب إلكتروني ويطلق عليهم في السعودية دبابيس) فلو كانت هناك إنجازات على أرض الواقع لما إحتاجت الحكومات للترويج لها عبر نشرها في مواقع ومنتديات بعضها يسبق وسائل الإعلام الحكومية في نشره للخبر. إن حجم تهويد أو لأكون أكثر دقة صهينة العقل العربي هو أحد أهم إنجازات الألة الإعلامية الغربية والصهيونية الجبارة والتي تعمل بلا كلل ولا ملل منذ ألاف السنين وليس منذ سنة 1948 أو حتى سنة 1917 تاريخ وعد بلفور المشؤوم.
الصراع السني-الشيعي هو أحد أهم الأدوات التي إستثمرتها الألة الدعائية الغربية خصوصا بعد أن إنتهاء صلاحية الصراع الإسلامي-المسيحي ولم يعد ذا منفعة لخدمة مشروع تقسيم الوطن العربي. السنة والسلفية والوهابية لا تهم التسميات قد دعموا المشروع الأمريكي لإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين بإعتباره بعثيا وكافرا ثم أقاموا البكائيات على سقوط حارس البوابة الشرقية لأن البوابة بقيت بدون حارس حتى دخلتها المعارضة العراقية على ظهور الدبابات أمريكية(كما يزعمون) ثم قام إعلامهم المتصهين بذرف دموع التماسيح على سقوط العراق بيد إيران والشيعة. وفيما بعد دعموا كل مشروع أمريكي للعبث بالمنطقة بداية من ربيع أوباما ونتنياهو والفوضى الخلاقة وليس إنتهاء بدعم جماعات إرهابية فيما يعرف بالبؤر الساخنة بالمال والسلاح والإرهابيين وتسخير الإعلام لتلميع صورتهم تحت مسمى مجاهدين أو معارضة معتدلة أو نشطاء حقوقيين أو حتى قبعات بيضاء. أسقطوا حسني مبارك وهو حليفهم ثم ساهموا في صعود الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ثم بدؤوا في التامر عليه ومحاولة الضغط عليه إقتصاديا ليقبل بإسقاط الجيش المصري في مستنقع اليمن مع أنهم لم ولن يتعلموا من دروس التاريخ فهم يكررون نفس الأخطاء.
الرئيس الأمريكي أوفى بوعده للمواطن الأمريكي بانه سوف يحلبهم حتى أخر قطرة وذالك لا يشمل فقط السعودية بل حتى قطر تقوم بالتوقيع على صفقات سلاح لن يتم إستخدامها حيث أنها سوف تصدأ في المخازن. المضحك في الموضوع أن محطة الجزيرة تقوم ببث البرامج عن ثروات اليمن المنهوبة وعن المبالغ التي دفعتها السعودية على الحساب خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, ولا نسمع خبرا من سطر أو سطرين عن ثروات قطر المنهوبة وعن حجم الفساد والسمسرة في إقامة منشئات إستضافة كأس العالم 2022 ولا عن حجم المبالغ المدفوعة كرشى للفوز بحق تنظيم المونديال. المشكلة أن ممارسة المراهقة السياسية إنتقلت من المنتديات والمواقع لتشمل كبار الصحف والإذاعات ووسائل الإعلام بشكل عام التي تروج لأخبار مكذوبة ليس فقط عن قطر وسوريا بل عن إيران كخبر مكذوب عن وكالة أخبار إيرانية نشره موقع العربية بدون ذكر رابط أو مصدر مباشر من موقع الوكالة للخبر وملخصه أن ولي العهد السعودي هو من يحلب الغرب وأن السعودية لن تضر بالقضية الفلسطينية على الرغم من خروج ولي العهد السعودي في مقابلة مع صحيفة أتلانتك الأمريكية أجزل في المديح لدولة الإحتلال الصهيوني وأنه لا مانع من التعاون في المستقبل بينها وبين السعودية وأعلن أنه يحق للإسرائيلين أن تكون لهم أرضهم الخاصة بهم. الإعلام العربي بشكل عام والسعودي بشكل خاص مصاب بإنفصام الشخصية وهو إعلام منافق مع شهادة أيزو 9001 في الكذب والتملق, فهو ينشر أخبار عن مشاريع عملاقة تكلف المليارات من الدولارات مترافقة مع إستثمارات في الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا وفرنسا بمئات المليارات بدون أي توضيح كيف لدولة مصابة بعجز في ميزانيتها وتطلب إقتراض 16 مليار دولار من أسواق المال الدولية أن تقوم بتمويل تلك المشاريع. تخيلوا أن الإستثمارات السعودية وصلت إلى كل مكان بإستثناء السعودية نفسها حيث أعلن مؤخرا عن نية شركة النفط السعودية(أرامكو) بناء مصفاة نفط في الهند بطاقة تصل إلى 60 مليون طن سنويا ومصنع للبتروكيماويات على الساحل الغربي للهند في تناقض مع خبر بدء عملية بيع الشركة نفسها(تخصيصها) سنويا بنسبة 5% وصولا للتخصيص الكامل.
والأن نأتي للمسألة السورية, والتي تم إتباع النموذج السابق سنة-شيعة في محاولة لإسقاطها في الفوضى الخلاقة, وذالك خصوصا مع التهديدات الأمريكية وهي ليست الأخيرة بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا بذريعة إستخدام السلاح الكيميائي والتناغم بين الإعلام الأمريكي والإعلام العربي المتصهين الذي يمارس دبلوماسية الشيكات وشراء الذمم والمواقف لأنه لا يملك أي كفائات أو مؤهلات محلية قادرة على القيام بعبئ حتى الدفاع عن بلدانهم إعلاميا, فهم فاشلون في ذالك فكيف بهم بشن حملات إعلامية ضد الأخرين. ومرة اخرى أكرر أن البعض مصرون حماقتهم وعلى عدم قرائة التاريخ وأجزم بأنه لو أشعل الرئيس السوري أصابعه العشرة فلن ترضى عنه الولايات المتحدة والسعودية ودولة الكيان الصهيوني حتى يلبي الشروط التالية:
1- القبول بمشروع خط أنابيب القطري-التركي لنقل النفط والغاز إلى أوروبا.
2- القبول بخصخصة البنك المركزي السوري وفق نموذج بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنوك مركزية أخرى حول العالم مملوكة ليس للحكومات بل لمستثمرين من القطاع الخاص.
3- القبول برفع الدعم بشكل كامل عن كافة الخدمات والسلع وتحرير كامل للتجارة وقطاع الخدمات والبنية التحتية في سوريا وذالك يشمل خدمات المياه والكهرباء وخدمات أخرى أساسية تشمل قطاعات كالتعليم والصحة.
4- القبول بمنح إمتيازات التنقيب عن الثروات الطبيعية خصوصا النفط والغاز لشركات أمريكية وبريطانية ومؤخرا دخلت فرنسا على الخط لتطالب بحصتها بإعتبار سوريا مستعمرة فرنسية سابقة.
5- القبول بإتفاق سلام مع دولة الكيان الصهيوني مقابل إستعادة الجولان ناقص 400-500 متر تتحكم ببحيرة طبرية والقبول بسفارة صهيونية في دمشق وتطبيع كامل للعلاقات.
6- التخلي عن حركات حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي وعدم السماح لهم بالعمل إنطلاقا من الأراضي السورية أو التواجد حتى على مستوى مكاتب تمثيل.
إن تلك هي شروط الولايات المتحدة وأذنابها في المنطقة مقابل التخلي عن المعارضة السورية فالمسألة ليست حقوق إنسان والرئيس يقتل شعبه فحتى المملكة العربية السعودية قد تم قبولها في لجنة حقوق المرأة ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على الرغم من إدانة ممارساتها المتعلقة بحقوق الإنسان من قبل دول غربية ووصفها بأنها ممارسات تعود للقرون الوسطى. إن ذالك يذكرني بالإتهامات المتبادلة بين السعودية وقطر والمتعلقة بدعم الإرهاب كمثال على إزدواجية السياسة الأمريكية وكيف أنها تلعب على جميع الحبال وتوهم كل طرف بأنه هو المنتصر, فكلا البلدين تم توجيه الإتهامات لهما في وسائل الإعلام الغربية بدعم الإرهاب ومؤخرا تم إخراج قانون جاستا من الأدراج ونفض الغبار عنه والتلويح به كعصا لكل دولة في المنطقة لا تقبل بأن تسير في ظل السيد الأمريكي ولا تقبل بدعم سياسات الولايات المتحدة في المنطقة. الولايات المتحدة توجه الإتهامات للجميع وتقبض من الجميع وتبيع السلاح للجميع كما جرت العادة خصوصا خلال الحرب العالمية الأولى حيث كانت تبيع السلاح لألمانيا وعندما قامت الأساطيل البريطانية بحصار طرق الإمداد الألمانية إحتجت شركات السلاح الأمريكية لدى حكومتها والتي إنضمت سنة 1917 للتحالف ضد ألمانيا وخلال الحرب العالمية الثانية حيث إستمر الدعم الأمريكي لألمانيا الهتلرية خصوصا في مجال التمويل عن طريق بنوك سويسرا خصوصا بنك التسويات الدولي. إن سوريا سوف تنتصر والنهديدات الأمريكية بضرب سوريا ليست إلا دليلا على أنها تقف حجر عثرة في وجه المخططات الأمريكية والوهابية في المنطقة وأنها أخر قلاع الصمود قبل أن تبتلع الفوضى الخلاقة الأمريكية الوطن العربي بأكمله.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والمعرفة
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
https://science-culture-knowledge.blogspot.ca/2018/04/blog-post_13.html
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية
التعليقات (0)