على الرغم من استمرار الاستيطان وتهويد القدس وما تقوم به الآلة الإسرائيلية من تجريف قرى بأكملها في منطقة النقب، وما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي ومليشيات مستوطنيه من استهداف للمواطنين على الحواجز، ومن حرق للمساجد، وتجريف للمزارع، ورزمة القوانين العنصرية التي تستهدف الوجود الفلسطيني، ومن استمرار حصار غزة، ذهب المفاوض الفلسطيني إلى العاصمة الأردنية عمان من أجل استئناف لقاءات استكشافية مع الجانب الإسرائيلي تحت رعاية الرباعية الدولية، وعقد ثلاث لقاءات مباشرة بين السيد صائب عريقات ومبعوث الحكومة الإسرائيلية اسحق مولوخو، حيث قدم السيد عريقات ورقة عمل حول الأمن والحدود وينتظر اللقاء الحاسم يوم 26/1/2012م، لمعرفة موقف إسرائيل من هذه الورقة، مع العلم أن يوم 26/1/2012م هو تقريباً موعد ولادة الحكومة الفلسطينية الجديدة، وهذا سوف يطرح ماذا لو وافقت إسرائيل على تلك الورقة التي لا يعلم أحد عن فحواها...؟ هل ستتوقف عجلة المصالحة لتتقدم عجلة المفاوضات وتبدأ بالدوران من جديد...؟
لقد استثمرت إسرائيل تلك اللقاءات من أجل الخروج من عزلتها وأزمتها السياسية، وتركت لتلك اللقاءات أن تنعكس سلباً على مسار المصالحة الفلسطينية كونها تجاوزت الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن لابد من طرح بعض الأسئلة على السيد الدكتور صائب عريقات، وخصوصاً بعد إعلان السلطة الفلسطينية مبرراتها في الذهاب إلى مفاوضات عمان والتي تقوم على إحراج إسرائيل أمام الرباعية الدولية ...
ما هي أهداف السلطة الفلسطينية في الذهاب إلى المفاوضات؟ ولماذا تجاوزتم الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية؟ وما هي خيارات السلطة الفلسطينية البديلة عن المفاوضات؟ وهل خيار المصالحة استراتيجي أم تكتيكي؟
ننتظر الإجابة من السيد عريقات، ولكن نتمنى أن تنسجم الإجابة مع السلوك السياسي على الأرض، فالشخصية الإسرائيلية لا تريد السلام ولا تؤمن به، فهي شخصية انعزالية عبر التاريخ، لها طقوسها الدينية وعقليتها الأمنية وثقافتها تجاه العرب، وترغب في أن تعيش في جيتو، وبذلك هي تقيم الحواجز والجدران كي تعزل نفسها عن العالم الخارجي، وتطالب بيهودية الدولة كي تهجر فلسطينيو عام 1948م من أراضيهم من أجل صفاء العرق اليهودي، فهم شعب الله المختار كما جاء في تلمودهم، ويمتلكون مشروعاً استيطانياً توسعياً، ومجتمعاً متفسخاً يتوحد عندما يشعر بتهديد خارجي، وهذا أكبر دليل على أن إسرائيل تصنع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط من أجل أن يبقى المواطن الإسرائيلي في حالة حرب واستنفار، فلا يلتفت حوله لقضاياه المجتمعية...
ومن هنا أعتقد أنه بات من الضروري على قيادة السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير بإطارها المؤقت الجديد أن تبحث في خيارات بديلة، مثل التلويح بورقة أخرى أمام العالم وهي تبني مشروع الدولة ثنائية القومية، لأن هذا المشروع كفيل في الحفاظ على فلسطين التاريخية، ويصب في المصلحة الوطنية الفلسطينية، وينهي أزمة اللاجئين، ويحرج إسرائيل أمام الرأي العام الدولي، التي لا يستطيع رعاياها أن يعيشوا في كنف دولة ديمقراطية مدنية لكل مواطنيها، لأن الغلبة الديموغرافية للعرب، ولأنهم لا يمتلكون ثقافة العيش المشترك لأنهم انعزاليون....
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)