مواضيع اليوم

جدل وحوار حول العلمانية

عنوان المشاركة: العلمانية : ما لها وما عليها
مرسل: 01 سبتمبر 2009, 13:09

العلمانية مبدأ بسيط يقوم على فكرة الفصل بين الدولة والدين هذا المبدأ يشكل عماد وركيزة حركة فكرية غربية برزت كردّة فعل على مساوئ مظاهر سيطرة رجال الدين والفكر الديني عموما على الحياة السياسية والاجتماعية في الحضارة الغربية خلال ما يصطلح على وصفه غالبا بعصور الظلام، تلك السيطرة ولّدت جوا من الضبابية وعدم الوضوح يختلط فيه ما هو غيبي لاهوتي غير خاضع لإمكانية التحقّق والإثبات وتقبل الاستفادة منه التأجيل بما هو دنيوي ضروري العلم والحسبان كي يكون جليا بمجرّد النظر إليه والبحث عنه بقليل من الموضوعية والإرادة الجادة لفهم الأمور والتعامل معها بما يحقّق قليلا من النفع والاطمئنان للفرد وللمجتمع.
والمبدأ في حدّ ذاته – وقبل الابتعاد عن مضمونه كثيرا – يحتاج في فهمه إلى فهم ما يتّصل به من مصطلحات، فالدولة مجموعة من الأبعاد المتشابكة تبدأ بالحيز الترابي المحدّد الذي يقوم عليه تناسق بديع بين ما هو بعد بشري اجتماعي بالبعد الهيكلي من إدارات وأجهزة ومؤسسات بالبعد الاقتصادي وآليات إدارة كل ذلك المتمثلة أساسا في السياسة. أما الدين فهو عبارة عن مجموعة الماورائيات التي تشكل الثقل في الميزان الذي تتأرجح عليه النفس البشرية في الوجود وعليه تبرز كل نقاط ضعفها، بغض النظر عن مصدر تلك الماورائيات أكان سماويا أو بشريا عقائديا، كلها تشترك بالضرورة في منطلق التسليم بأن مصدر تلك المنظومة هو المسؤول عن خلق وتنظيم الكون وهو من يتحمّل عبأ وهموم النفس البشرية وعليه تعلّق أملها في تخفيف همومها وآلامها وهواجسها في الدنيا وراحة نفسها وسعادتها في الآخرة، ذلك المصدر بالنسبة للدين الإسلامي وغيره من الديانات السماوية هو الله خالق الكون ومنظمه وعليه التعويل في تحقيق الخير والمنفعة والسلامة في الدنيا وفيه الطمع بالمغفرة والرحمة والسعادة في الآخرة.
والدين بمفهوم آخر أكثر بلاغة وأقرب للفهم - بحسن صياغته - هو العكّاز الذي يلازم النفس البشرية في فترة هرمها، ذلك الهرم الذي يبدأ بمجرّد اكتمال نضج العقل والجسد معا، إذ بنضج العقل يصبح إدراك حجم المسئولية حقيقة تفرضها صيرورة وأعباء الحياة وهاجسا دفينا تتحسّسه الساعة البيولوجية انطلاقا من إحساسها بمخاطر نضج الجسد الذي به تتوقّف وتيرة البناء ويصبح الهدم البطيء هو التوجّه العام.
وكلمة الفصل في المبدأ العلماني لا تعني غير معناها الواضح وما يتضمنه من أن يكون لكل من المصطلحين ما به يستقيم ويتطوّر بمعزل عن المصطلح الآخر. أي أن غاية العلمانية لا تتعدى ضمان أن تكون المعتقدات والماورائيات التي يتوازن بها العقل الفردي أو الجماعي في كل مجموعة بشرية بعيدة كل البعد عن مجريات تنظيم الحياة الجماعية في الشكل الذي لا محيد عنه والمتمثل في الدولة، إذ تنظيم حياة الجماعة وضبط ضروراتها لا يحتمل التعويل على الغيبيات والبناء على تلك الغيبيات كما لو كانت معلومة الحسابات. قد تصلح الغيبيات في تحقيق التوازن النفسي لمخلوق بملكات تمكنه إدراك أنه خلق بغير إرادته ولا يتحكّم تماما في كل ما قد يتعرّض له من مخاطر في محيط الجهل بملابساته وتعقيداته هو القاعدة ناهيك عن قدرته على إدراك أن له مصيرا محتوما يعلمه، لكنها منطقا وعقلا لا تصلح لأن تكون أساسا صلبا يضمن أن يأمن الأفراد في المجموعة شرّ بعضهم بعضا ومنهجا يتم به تحديد حجم المسؤوليات وما يترتّب عنها من ضرورات التنازل عن ميزات وخصائص تحدّد في المجموعة مسؤولا عن تنظيم حياتها والتحكم فيها لمدّة محدّدة، ذلك التنازل لا يكون إلا بنسق توافقي يتم بموجبه وضع صيغ وأطروحات محايدة يُتّفق عليها مسبقا على أنها – وهي وحدها – الحكم بين الأفراد في تنظيم شؤونهم، تلك الصيغ يعبّر عنها بالقوانين وقد شكّل بروزها في تاريخ تطوّر الحياة البشرية مفصلا واضحا بين أنماط الحياة الفردية على النسق الحيواني وبين الحياة الاجتماعية وما تمتاز به من تعقيد يستدعي الإدارة والتسيير بشكل منهجي.
لا يعني هذا الطرح إنكار أن الدين جاء بمجموعة من القوانين تصلح بدورها لتنظيم حياة البشر لكن تلك القوانين تختلف عن القوانين الوضعية بكونها تشريعات إلهية متعالية في صياغتها عن قدرة البشر وممتنعة عن إمكانية التعديل أو التغيير بما تقتضيه ضرورات الحياة، هذا التعالي وذلك الامتناع لا يجعلان منها غير صالحة لتنظيم بعض أمور البشر لأنها في الأساس تنظم أمورا قاعدية في الحياة البشرية صالح تنظيمها لكل زمان ولكل مكان وهي من المنطق بدرجة تجعل أي سعي لصياغة قوانين وضعية تخالفها يولّد نتائج أقرب إلى إفساد أمور البشر منه لإصلاحها، من تلك القوانين – على سبيل المثال لا الحصر - تحريم استباحة النفس البشرية مثلا وتحريم بعض الروابط الجنسية وعلاقات التزاوج بين البشر......
وتشترك القوانين الإلهية جميعها في كونها تأسيس للثوابت التي بدون تثبيتها وإقرارها لا تتوفّر شروط وظروف استمرار الحياة البشرية على الوجه الأكمل.
ممّا تقدّم يمكن استخلاص أن الفصل بين الدين والدولة وضع ضروري وأكيد ولا يتناقض مع روح ومصلحة كل منها، إذ يضمن لكل فرد في المجتمع حريّة التمسك بثوابت دينه وحرية ممارسة شعائره دون أن تكون لممارستها تبعات دنيوية سلبية على علاقته بغيره وفي نفس الوقت يكفل للمجتمع حريّة التمسك بحقّه في وضع النصوص التي بها يكون ضامنا لآليات تسيير شؤونه بصفة نهائية وحاسمة وفق التوافق المنبعث من مبدإ الإيمان بإيجابية الاختلاف والتنوع في الأفكار والمعتقدات والقبول بأن التوافق عامل إلزام لجميع الأفراد في المجتمع به يكون القبول بقوانين لعبة الحياة بناءً، تلك القوانين التي تقضي دائما بأن يكون هناك قوي وضعيف، ظالم ومظلوم، مسيطر وتابع، حاكم ومحكوم دون أن تكون إمكانية تكريس وضع كون الغالب غالبا دائما والمغلوب مغلوبا باستمرار، الحاكم ما دام والمحكوم على الدوام، وحتى إن توفّرت مثل هذه الوضعيات لا تكون أبدية أو على الأقل لا تكون فرصة ديمومتها أمرا محسوما سلفا.
قد تفهم العلمانية على أنها جاءت لتكون نقيضا للدين أو للتديّن من زاوية فهم أن الدين ما جاء إلاّ ليكون المنظّم المطلق لحياة البشر لكن هذا الفهم يحتاج – في إقراره – للاتفاق، وقبوله دون ذلك يشكّل حدّا من حرية العقل والبشر معا، وإن افترضنا سلامة طرح أن الدين منظّم مطلق لحياة الناس نكون قد جرّدناهم من كل أساس لمسئولية قد تترتّب عن إدارة أمورهم وهذا طعن في ضرورة ومعنى العقل باعتباره أساس ومنطلق ومدعاة المسئولية.
كما قد يعاب عليها أنها انطلقت من تقويض فكرة القداسة التي تشكّل ميزة تتحلى بها معظم أطروحات الأديان لتجرّد الدين بذلك من درع حمايته الأول والأخير تمهيدا لتكريس مكانة ودور العقل في فهم وتفهّم سبل إدارة صراع الحياة، وهو أمر مردود من أساسه إذ لا تشكل القداسة درعا واقيا بقدرما هي مدعاة للاحترام وللتقدير، إضافة إلى أن مفهوم القداسة يحتاج في تثبيته للقبول، والقبول والرفض مبدءان يقرّهما الطرح الديني نفسه ومن غير المنطقي أن تكون أداة الحماية الأولى التي تؤمّن للدين سبل بقائه خاضعة لرغبة المطالب بتقبل المنظومة الدينية. صحيح أن العلمانية حاربت استخدام مفهوم القداسة كحجّة تمنع على غير رجال الدين التفكير في المسائل الدينية وهو منهج سليم لكن غايته لم تكن تجريد الدين من وسائل حمايته بقدرما كانت تروم قطع الطريق الذي يسلكه رجال الدين وفيه يتّخذون من القداسة ذريعة لاستمرار تحكّمهم في الناس وشؤون حياتهم بقراءاتهم المتعدّدة للمسألة للدينية، تلك القراءات التي كانت ولا تزال نابعة من غايات وأهداف معظمها لا يمتّ إلى الدين بصلة.
والمأخذ الذي يمكن إقراره دون عناء كبير وإسناده للتفكير العلماني هو ما برز في المجتمعات الغربية من جفاء وابتعاد عن الدين والتديّن، على افتراض أن ذلك عيبا إذا ما قبلنا تنزّل المسألة الدينية ضمن إقرار مبدأ الحرية والمسئولية، حيث مثّل التفكير العلماني ملجأ آمنا للنفس البشرية به حقّقت عامل توازن بديل للركيزة الدينية من خلال الثقة – المبالغ فيها ربّما – في العلم وقدرة الإنسان على تطويره والتحكم فيه بما يؤمّن ضبط حسابات المستقبل. وحتى هذه تبقى مسألة فيها نظر، إذ السؤال الكبير الذي ينتظر الإجابة قبل اعتبار التفكير العلماني مسئولا هو: هل جفاء الإنسان الغربي وابتعاده – دون أدنى ندم – عن الدين ومناهجه يرجع إلى ثقته في التفكير العلماني البديل أم مردّه في الأساس إلى حجم انعدام الثقة في مصداقية ما كان يقدّم له من قراءات للدين على أنها الطرح الديني السليم؟
ولئن رجحت الإجابة في البداية قبول الطرح الأول من حيث بداهة العلاقة السببية بتلازم طغيان وسيطرة التفكير العلماني وجفاء الناس للدين زمنيا فإن هذا التفسير قد لا تؤيّده عواقب تطوّر كل من الحالتين، تلك العواقب التي أبرزت عجز التفكير العلماني عن منع عبور النفس البشرية في تلك المجتمعات للصحراء وما ولّده من مظاهر الفردية وانحلال الروابط الأسرية والتأزم النفسي والانتحار..... مما ساهم في البحث الدؤوب عن بديل البديل. وقد شكّلت سيطرة أطباء وعلماء النفس على المجتمع المظهر الأكثر قبولا والنتيجة الملموسة لذلك البحث إلى جانب العودة إلى أشكال متطرّفة من الممارسة الدينية المتعصّبة في شكل فرق ونحل مغلقة متشبّعة في ممارستها وفهمها للدين بمظاهر الداء أكثر من كونها أملا في الدواء، ولا أدلّ على ذلك من أسلوب الانتحار الجماعي الذي قامت به بعض تلك الفرق في التسعينيات في سويسرا وفرنسا.

زيني محمد الأمين عبّاس
(24 ماي 2007)

Mkhattry ( مرسل: 14 سبتمبر 2009, 01:00)

أخي (abass) أرجوا أن تسمح لي بأن أقدم بعض النقاط حول مشاركتك وكذلك أن يتسع صدرك للحوار في بعضها لو شئت....وهذه النقاط تنقسم إلى قسمين: الأول يعنى بالقالب أو الشكل الذي قدمت به المشاركة والثاني بالمضمون منها.
فمن ناحية الشكل أرى أنك تحاول إنتاج مقال أو نص من النوع الطويل أكثر مما تحاول تقديم موضوع للنقاش, فأنا_وهذا رأي شخصي جدا _عندما أتصفح المنتديات فاني أبحث عن أفكار للنقاش تكون عميقة المعنى موجزة الشكل لا عن نصوص طويلة في الغالب تكون ضحلة المعنى وفيه كذلك أن أصحابها يحاولون جعل المنتديات صفحات للنشر _لسهولة ذلك_ لا أن يقدموا مواضيع للنقاش, وللأمانة فاني ما كنت لأقرأ هذه المشاركة لولا ردك على الأخ(mauritanien)في مشاركته المتعلقة بمقال أبو العباس _المشكلة الموريتانية _ حين تحدثت عن الإنتاج وعمق الحوار وأشياء من هذا القبيل وذلك فعلا أحسبه لك أنه استفزني إلى درجة دفعتني إلى قراءة مشاركة طويلة, طويلة جدا....
أما النقطة الثانية التي أريد الحديث عنها فهي العنوان الذي اخترته لمشاركتك(العولمة ما لها وما عليها) فهو من الناحية الفنية الإعلامية جد متواضع لا يدفع القارئ دفعا إلى قراءة ما بعده فهو رتيب واعتيادي وكأنك تسمع نفس الشريط للمرة الألف في أقل من نصف ساعة عنوان من النوع الذي تأتي بعده عبارة "حلل وناقش في ما لا يقل عن عشرين سطرا " .
وكذلك النص إجمالا في بنيته الشكلية لا يحمل صورا بديعة أو محسنات لفظية أو بعض طرافة على الأقل تشفع له فيقرأ فهو نص من الطراز الذي يهز رأسه قائلا بحكمة "المقال بكماله لا بجماله".
هذه كانت النقاط المتعلقة بالشكل وصراحة فيه _أي الشكل _ بحثت لك عن نقطة تحسب فلم أجدها وقد يكون ذلك راجعا لكونك حصرت نفسك في زاوية بين إنتاج مقال وتقديم موضوع نقاشي لكني مع ذلك أحسب لك من ناحية المعنى أنك قدمت نصا اسقاطيا علميا من بعض التحفظ بمعنى أنك قسمت نصك إلى ثلاث فقرات والعنوان من ثلاث كلمات وكأنك تأخذ بمبدأ الإسقاط وهذا أسلوب علمي منهجي. فالفقرة الأولى من النص تتحدث عن العولمة من حيث التعريف وتقدم فيها تعريفات لمصطلحات كالدولة والدين وهذا أسلوب علمي شكلا منحاز مضمونا لكون التعريفات المصاغة غير حيادية وليست دقيقة ولا واضحة حتى مما يدفعني لسؤالك من أين لك هذا؟ من أين نقلتها من أي مصدر بل من أي كتاب؟ ولا تقل لي إنتاجا شخصيا فحتى العباقرة والمخترعون لا يأتون بشيء جديد مطلقا بل إنهم يحاكون أو يستنبطون, وسأبدأ من استنطاقي لهذه الفقرة من تعريفك للدولة() وفيه جعلت دائرة كبيرة سميتها الحيز الترابي تتقاطع داخلها مجموعة أبعاد تحيط بها دائرة أخرى صغيرة أسميتها السياسة وهذا جميل بديع لولا لفظة الهيكلي التي نعتت بها البعد الإداري فالهيكل هو الأساس الذي بدونه ينهار البناء أي أنه يفهم من تعريفك أن الحكومة (الإدارة)هي الأساس في قيام دولة وأن الأبعاد الأخرى تنصب فيها وهذا مبالغ فيه بعض الشيء يعطي الشعب أقل من حقه أما تعريفك الذي يعتبر قادحا أكبر في علمية المقال هو تعريفك للدين بل هو كذلك يشي بالاقتباس فتعريف التعريف كونه عبارات واضحة موضحة متعارفا عليها بسيطة غير مركبة فتعريف الشيء بشيء أكثر منه تعقيدا لا يعتبر في ذلك من شيء وبذلك أصل إلى كلمة "الماورائيات " التي قد تختصر تعريفك للدين وقد ذكرتها معرفة وكأنها كذلك فما المقصود عندك بها؟ أهي مجموعة أفكار أم أفعال أم تصورات؟ والذي يفهم من ظاهرها أنها تعني الغائب أو ما لا يمكن إدراكه ومع ذلك فهذا لا يضع تفسيرا واضحا لها من حيث الوجه التطبيقي وحتى لو سلمت لك بمعناها الظاهر فهي لا تنطبق على الإسلام بتاتا فالإسلام فيه غيب وشهادة, ما غاب فهو "يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وترى الناس سكارى وما هم بسكارى " وما هو مشاهد أن "لكم في رسول الله أسوة حسنة" ولا فصل بينهما. ولعلمك فان رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم هو رجل دولة من الطراز الأول.
ويا أخي لو سلمت لك بصحة التعريفات المذكورة ألا ترى أنها منفصلة لا تحتاج إلى الفصل, ففي الدولة تتكلم عن جماعة وفي الدين عن نفسية الفرد...
والله أعلم وهو الموفق للرشاد والسداد وان شاء فللحديث بقية عن ما تبقى من نصك وشكرا....

Abass ( مرسل: 14 سبتمبر 2009, 01:00)

أخي حياك الله، الحديث في المقال -وكتب ليكون كذلك فعلا- يدور حول العلمانية وليست العولمة. أنصحك بأن تعيد قراءته جيدا وبروية متجردا من الحكم المسبق باستكثار صفة الإبداع على كاتبه وبعد ذلك يفتح باب النقاش وفي الأثناء أنصحك بالبحث ما وسعتك التقتيات الحديثة ودور النشر عن المصادر التي عساني اقتبست منها التعريفات لكل ما تعرضت له من مصطلحات، وهي تهمة لا أبرء منها نفسي.


Mkhattry ( مرسل: 15 سبتمبر 2009, 16:48)

حييت خيرا أخي العزيز
أنا لا أستكثر عليك صفة الإبداع لكني كنت أحاول إلقاء نظرة ناقدة على مقالك والنقد يا أخي هو ما يرفع بمستوى العمل الأدبي بل إنه يصنع المبدعين كذلك أما فيما يخص القراءة فالواضح أنك من لم يقرأ كامل مشاركتي وقد يكون ذلك راجع إلى نفس العيب الذي يشكو منه مقالك وهو الطول ومع ذلك سأعاود قراءته مرة أخرى وسأحاول وأقول أحاول البحث عن مصادرك لكن من الأسهل أن تكفييني عناء ذلك وأدام الله عليك وعلينا نعمة التفكير السوي وشكرا...

 

Abass ( مرسل: 16 سبتمبر 2009, 09:29)

حياك الله أخي،
اعلم -والعلم لله- أن الرغبة في تلقي النقد البناء هي السبب وراء نشر المقال هاهنا وهي رغبة تريد أن تجعل من مثل هذه المنتديات مجالات ذات فائدة إضافة إلى صقل الأفكار وتصويبها.
والإطالة ليست عيبا بقدرما يكون العيب أكثر في الإيجاز إن صاحبه الإبتذال.
وعن المقال لمجرد الفائدة دون مصادرة حقك في أن تتثبت من صحة ما أعطيك عنه من معلومات هو ثمرة وعي بأن مصطلح العلمانية -كغيره من المصطلحات الأخرى- يستخدم في لغتنا وعلى شاشات التلفزيونات بصفة خاصة كرديف لضدية الدين والتدين وما يصاحب ذلك من نعوت بالمروق والزندقة الضمنيان لمن يتبنى فكرة جدوائية الطرح العلماني في تخطي عويص مشكلات الحياة، وهو ما أرى أنه مجاف لحقيقة المصطلح لغويا وتاريخيا ومن هنا جاءت فكرة المقال وبناؤه بالنسق الذي هو عليه وما به من تعاريف لمصطلحات أخرى كالدولة والدين والسياسة.... هو ثمرة مستوى معين من فهم اللغة والقدرة على استخدام بسيط ألفاظها دونما غوص في التكلف للبحث عن صور بلاغية لغرض التحسين لذات التحسين أو لإضفاء صبغة أدبية من أي نوع كانت وإنما الرغبة في أن يكون المقال فكريا هي الأساس.
والحكم لمدى توفيق كاتبه في بلوغ الهدف يبقى لك ولمثلك من متصفحى هذه المنتديات
وشكرا

Mkhattry ( مرسل: 17 سبتمبر 2009, 17:42)

السلام عليك يا أخي
يبدوا أنك تعاني من المشكل ذاته دائما لا تقرأ إلا ما تريد أن تقرأه بمعنى أنك لم تقرأ كامل ردي الأول علي مقالك فأنا حين عبرت عن طول المقال إستعملت العبارات التالية :[size=150]فمن ناحية الشكل أرى أنك تحاول إنتاج مقال أو نص من النوع الطويل أكثر مما تحاول تقديم موضوع للنقاش, فأنا_وهذا رأي شخصي جدا _عندما أتصفح المنتديات فاني أبحث عن أفكار للنقاش تكون عميقة المعنى موجزة الشكل لا عن نصوص طويلة فهذا واضح رأي شخصي جدا وهو من حقي حسبما أعتقد هذا من جهة أما من جهة أخرى فإن المحسنات اللفظية يا أخي ليست للإبتذال أو للمبالغة فالمقال أي مقال لابد له من جانبيين شكلي ومعنوي الأول إعلامي بحت وهو من حق القارئ ما دمت تكتب لغيرك والجانب الثاني فهو للكاتب ومعتقداته وأفكاره .
ولكن قبل أن أنسى أجبني على سؤالي المتعلق بالماوراءيات ما المقصود بها ?
وألهمنا الله الرشاد

Abass ( مرسل: 18 سبتمبر 2009, 09:48)
أخي العزيز، تحية من جديد تحمل إضافة لمعنى وغايات التحية عطر التهاني بمناسة حلول عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعليكم وعلى سائر أمتنا بالخير واليمن والبركات، وبعد،
تجاوزا لكثير الحديث حول ما بات قبولي له من انتقاداتك بخصوص طول المقال وعدم التوفيق ربما في اختيار مكان نشره بديهيا من خلال مشاركاتي ألفت انتباهك إلى أنني من الذين يقيمون وزنا كبيرا لبنية اللغة ولا أقبل اتهامك لي بوصف المحسنات اللفظية والبلاغة عموما بالإبتذال، العبارة جاءت ضمن أسلوب شرطي واضح يجب أخذه في الإعتبار عند الحكم على الأقوال.
وبخصوص مصطلح "الماورائيات" الذي ورد في المقال على النحو التالي:
"أما الدين فهو عبارة عن مجموعة الماورائيات التي تشكل الثقل في الميزان الذي تتأرجح عليه النفس البشرية في الوجود وعليه تبرز كل نقاط ضعفها، بغض النظر عن مصدر تلك الماورائيات أكان سماويا أو بشريا عقائديا، كلها تشترك بالضرورة في منطلق التسليم بأن مصدر تلك المنظومة هو المسؤول عن خلق وتنظيم الكون وهو من يتحمّل عبأ وهموم النفس البشرية وعليه تعلّق أملها في تخفيف همومها وآلامها وهواجسها في الدنيا وراحة نفسها وسعادتها في الآخرة، ذلك المصدر بالنسبة للدين الإسلامي وغيره من الديانات السماوية هو الله..."

فهو يعني -في فهمي الخاص ولا تبحث عنه في أي مرجع كان- كل ما احتاج إقراره إلى ملكات تتجاوز المستوى المحسوس عند الإنسان من قبيل الإيمان والإعتقاد والتسليم.... سواء أستعان الإنسان بدلائل محسوسة أم لم يستعن.
وبهذا المعنى تندرح فكرة الإله مثلا ضمن الماورائيات مثلها أيضا فكرة الجنة والنار والآخرة.... وعديد العبارات التي تدخل جميعها ضمن السجل الغيبي للدين في مقابل كل الأفكار الملموسة والمحسوسة الأخرى ذات الصلة بالحقل الدنيوي.
أرجو أن لا يصدق على مبادرتي للشرح هذه المثل القائل بأن شرح البسيط يزيده تعقيدا.
وعلى كل حال إن كنت تروم مزيد فهم المقال وغرضه عليك بتكلف عناء قراءة المقال المطول الآخر المعنون بـ"الدين والسياسة: زواج بعقد طلاق"
ومرحبا بك محاورا دائما والسلام

Mkhattry ( مرسل: 22 سبتمبر 2009, 19:50)

أحييك تحية الإسلام، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وعيد سعيد مضمخ بعباءة التسامح وأعاده الله علينا وعلى أمة الإسلام وكلها عزة في عزة.....
أخي لا أخفيك قولا بأنك تستفزني بقدر ما أجد أنك مثقفا من النوع العتيق_وعذرا على العبارة_ فالمستفز هكذا يتكلم فأنت تطالبني بأن أقرأ وأنت لا تفعل ولكي لا يأخذ الحديث منحا آخر فإني أقدم لك ردا على مشاركتك الأخيرة مقطعا قد كتبته لك من قبل علك تقرأه وهو الآتي:
"وبذلك أصل إلى كلمة "الماورائيات " التي قد تختصر تعريفك للدين وقد ذكرتها معرفة وكأنها كذلك فما المقصود عندك بها؟ أهي مجموعة أفكار أم أفعال أم تصورات؟ والذي يفهم من ظاهرها أنها تعني الغائب أو ما لا يمكن إدراكه ومع ذلك فهذا لا يضع تفسيرا واضحا لها من حيث الوجه التطبيقي وحتى لو سلمت لك بمعناها الظاهر فهي لا تنطبق على الإسلام بتاتا فالإسلام فيه غيب وشهادة, ما غاب فهو "يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وترى الناس سكارى وما هم بسكارى " وما هو مشاهد أن "لكم في رسول الله أسوة حسنة" ولا فصل بينهما"[size=150][/size]
وأرجو أن تكون الفكرة قد وصلت وللإسهاب فالإسلام أركانه خمس، والإيمان والإحسان من جدرانه والبناء أركان وجدران...فلا تختلط عليك المعاني فتعدد مفاهيمها ليس من هدفه الخلط بل التكامل...
وأعدك أخي سأقرأ مقالك الذي ذكرت

Abass ( مرسل: 23 سبتمبر 2009, 10:04)
أخي mkhattry إني أعيذك ونفسي الله من النعرات والتعصب التي تؤدي للاستجابة للإستفزاز، استفزازك ليس غاية ولا أرضاه لك منهجا.
ما تصر على أنه عيب في من عدم القراءة لا أنكره لكنه ليس للدرجة التي تجعل منه موضوعا لحوار بيني وبينك أريد له أن يخرج عن هذا الإطار الضيق لدرجة الحشرجة.
قراءة ردودك بكثير من التأني قمت بها وامتناعي عن الإلتزام بحرفية الرد عليها لا رجعة فيه إذ لا أرضى لنفسي أن أصر على أن أمحص كل جملة من قبيل الإشارة إلى أن مأخذك على تعريفي للدولة مثلا ليس في محله إذ: الدولة في التعريف حيز جغرافي يقوم عليه تناسق وتفاعل مجموع من الأبعاد الأخرى هي : البعد البشري، البعد الإقتصادي، البعد الإجتماعي، البعد التاريخي.... هذه الأبعاد كلها تجمعها الهيكلية الإدارية (شكل الدولة) و تدار بما يعرف بالسياسة، وليس النقد السليم في اختلاق إشكاليات من قبيل مكانة الإدارة في موازاة الشعب، أو دائرة كبيرة وأخرى صغيرة....
هذا تعريف صاغه صاحبه (محاورك لمجرد التأكيد) وفق ما أشرت إليه سابقا من أنه مستوى معين من التحكم في اللغة واحترامها ونفاذ بالعقل لتبصر الأشياء، لك أن تستكثر ذلك علي وتعويلك حينذاك يكون على مهارتك في إثبات عكس ما أدعي من أن الإنتاج ملكي والله لك بحوله معينا على مجهوداتك وأنا أول من سيقدر لك النتائج التي عساك تتوصل إليها.
نقطة أخرى ذات أهمية كبرى وجوهرية:
عندما أتحدث عن الدين أتحدث عن ظاهرة عند الإنسان وليس عن دين بعينه ولا أنصب نفسي ولا أرضى لغيري أن يعتبر نفسه مدافعا عن دين ما حاميا له.
ولعلم أخي كل ذي دين بارع في الدفاع عن دينه ومنهج دفاعه قديم قدم الدين ذاته، بمعنى أن حميتك للدين الإسلامي كما لو كان دينك دون سائر خلق الله لا تعد ذخرا يعول عليه الدين ذاته ولا كل المتدينين وأنا أولهم، أنا وأنت ومن تثق في أنهم بلغوا درجات متقدمة في الفقه والعلم كلنا إلى زوال والمنظومة الدينية باقية ، إن لم يكن منهج دفاعها عن نفسها مخالفا لمجهودي ومجهودك وبراعتي وبراعتك تكون الهشاشة سمتها الأبرز والأكثر وضوحا.
دور الدين - كما ورد في التعريف الذي لا يرضيك- هو توفير ظروف التوازن النفسي لمخلوقات تتفوق على غيرها من سائر المخلوقات بملكة العقل محنة، تمكنها إدراك مالا تدركه الكائنات الأخرى مما يولد الخوف والرعب ويخل بكل توازن.

Mkhattry ( مرسل: 24 سبتمبر 2009, 19:29)

جميلَ جميل جميل يا أخي العزيز ها قد سرنا على الطريق الصحيح لكي نستطيع أن نتحاور
أولا أنت تمتلك فعلا ناصية اللغة _وإن كان قد فهم من كلامي غير ذلك_وأنا أقدر لك تلك الملكة وبهذا نتجاوز هذه النقطة ...
وثانيا النقطة الجوهرية هي فعلا كذلك وموفقة الإختيار ولذلك فإني أرى أن الدفاع عن الدين جزء من ديننا الإسلامي فأبو بكر الصديق رضي الله عنه مثلا قال أو بما معناه (والله لو منعوني عقالا كانوا يعطوه لرسول الله لحاربتهم عليه) فها هو الخليفة الأول يقدم لنا مثالا واضحا في الدفاع عن الدين باعتباره واجبا يستدعي حتى سفك الدماء والله أعلم ومن جهة أخرى فإن الحمية في الحق شرف يفخر كل ذي قضية بمناله فلا كل الناس لهم القدرة على التعبير عن أنفسهم فكيف بالحق الذي رأوه ومع ذلك ليس من حقنا أن نمنعهم حق الحمية لما رأوه
وأنا أشاطرك الرأي في كون جهودنا المبذولة دفاعا عن الدين الحق ضئيلة بالمقارنة معه لكن على المرء أن يسعى ويبذل جهده فقط يبذل جهده ...
أما دور الإسلام فهو إخراج الناس من جور العباد إلى عدل المعبود أي بين قوسين في الأرض ومن ضيق الدنيا إلى سعة الجنة ...
وشكرا لك من صديق وزادنا الله وإياك في سعة الصدر ....

Abass ( مرسل: 25 سبتمبر 2009, 09:51)
تحية طيبة وبعد،
أنا حذر دائما عندما أستخدم أي مفردة من هذه اللغة احتراما لها وحذرا من أن أقول ما لا أقصد، فعندما أستخدم كلمة "الحق" مثلا أعني بها "الله" ولا شيئ آخر سواه وعندما أريد أن أتحدث عن الدين الذي ارتضيته لنفسي أقول "الإسلام" وكما سبق وقلت كلمة "الدين" في حد ذاتها بالنسبة لي لا تعني الإسلام بقدرما يمكن أن تدل على البوذية أو المجوسية أو اليهودية..... مع علمي المسبق أن الله جل وعلى في محكم تنزيله قال بالحرف "إن الدين عند الله الإسلام" لكن هذا القول في إطاره لا يحمل صبغة الإطلاق.
دفاع المرء أيا كان عن دينه مسألة مشروعة غير أن خيارات واستراتيجيات الدفاع محل تقدير، أنا مثلا أرى أن غاية ما يشرع للفرد المسلم في زمننا الحاضر من وسائل دفاع يكمن في كف أذاه وجهاد نفسه والإحجام عن كل ما قد تسول له نفسه أو من يعتبرهم قادته من أعمال يراها أو يرونها دفاعا عن الدين وهي في الواقع تقزيم للقيم والمبادئ التي تشكل عماد المنظومة الدينية.
إشارة أخرى بسيطة تعليقا على ما أوردته من استشهاد بمقولة أول الخلفاء أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه -ومثل هذه الإستشهادات يتكرر دائما- أقول إن بعض ما كان صالحا في زمن أبي بكر وعمر وغيرهم من الصحابة والتابعين لم يعد كذلك اليوم في زمننا، لا الظروف التي مارسوا فيها الشأن العام هي نفسها اليوم ولا أهل الزمان هم ذواتهم ولا الأماكن وما يحكمها من موروث بشري هي ذاتها.
ما هو أحرى بالمسلم أن يبحث فيه عن بصيص نور يهتدي به في القرن الواحد والعشرين هي القيم والمبادئ التي أسست لها الرسالة المحمدية، تلك القيم التي تحض على الصدق والأمانة واتقاء الله في مخلوقاته والكف عن كل ما من شأنه إلحاق الأذى بهم ناهيك عن عدم استباحة أرواحهم.....
إضافة إلى ما تقدم أشير - عل الشك بأن فطنتي لم تنفذ للمسألة يخامر قارءا- إلى أن ما أشرت إليه من دين حق وبشر أقدر على رؤيته من غيرهم وطاعتهم في ما يرونه مطلوبة... إنما ينم عن نية في التمهيد لتمرير أفكار مجموعة بعينها من المصرّين على أن ما يرونه ويطرحونه من أفكار سياسية نابعة من الدين وهي أفضل ما يستقى من الدين ، ويستغلون في استدراج أصحاب النوايا الطيبة من عامة الناس صفات الورع والتقوى والعلم.... وهم بما يرتكبونه من فظاعات في حق هذا الدين وأهله إنما يحاربون الإسلام ويأخذون أهله وقيمه أسرى .
وإلى لقاء

Mkhattry ( مرسل: 26 سبتمبر 2009, 22:13)

تحية طيبة وبعد،
أحترم لك حذرك في إستعمال الكلمات وعساك تعكسه على مقالاتك القادمة، أما ما يتعلق بالإستشهادات بالسلف الصالح فأنت مخطئ تمام الخطء أو على الأقل من وجهة نظري أنا فالإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم هم نجاة للبشرية بكاملها أولها وآخرها على حد سواء فالظروف التي نعيشها اليوم لا تختلف إختلافا كثيرا من ناحية الأخلاق والبنية النفسية على ما كان عليه مجتمع البعثة ويا أخي كيف بنا نتوقع لأنفسنا نجاحا يأتي به الغرب وعندنا كتاب فيه كل سبل النجاح وفيه"أن لكم في رسول الله أسوة حسنة" والرسول الصادق يقول أو بما معناه "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين"....
وثانيا أكرر لك الإحترام على الفطنة، وأضم لك رأي في أن الذين يلبسون عباءات دينيية ليخفوا تحتها أجساما شيطانية قد جنوا على الإسلام وعلى المسلمين كثير الجناية إلاّ أن ذلك لا يعطينا الحق في تعميم حالتهم والنظر من خلالها لسواهم...
وعلي فهمت من كلامك فصلا بين أخلاق المسلم وبين أحقيته في السيادة وممارسة السياسة الإسلامية و]أكرر وأقول علي، علي فهمت وجود فصل أرفضه تماما فابن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم هو نبي ورجل سياسة من الدرجة الأولى....
وشكرا مع كامل التقدير والإحترام موصول بالرجاء من ذي الرجاء بالتوفيق والرشاد...

Abass ( مرسل: 27 سبتمبر 2009, 11:57)

أخي العزيز، تحية الإحترام والتقدير وبعد،
جميل أننا بدأنا نجد بعض القواسم المشتركة حول بعض القضايا الجوهرية التي هي في الأساس موضوع الجدل والنقاش انطلاقا من هذه القواسم المشتركة يمكن لبعضنا أن يقرب أفكاره للبعض الآخر وتنجلي بذلك الشكوك حول نقاط سوء التفاهم.
وقبل أن أخوض في جوهر الموضوع الذي اخترت أن تدور حوله مداخلتي لهذا اليوم أود أن أشير -وأشهدك بالمناسبة- إلى أنني لم أوجه لك قط اتهاما من أي نوع كان وأشمئز من اشتمام رائحة تهمة أنني أدعو للإبتعاد عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن محكم التنزيل من خلال مداخلتك السابقة. كما لا أنكر على الرسول (ص) أنه كان رجل سياسة إضافة إلى أنه نبي معصوم والعصمة ضمان لتفادي انزلاقات السياسة البنيوية، وكلك فهم أن لا أحد من بني البشر معصوم بعد رسول الله (ص) حتى يحتج على بني جلدته بعصمته من الخطإ في مجال السياسة.
وبالعودة لموضوع اليوم أود أن أشير إلى أن ما ذكرته من مقابلة بين ما جاء به رسول الله (ص) و ما يقدمه لنا الغرب في غير محلة. الأخذ بما صلح ويصلح في تجربة الغرب لا يعني بالضرورة التخلي عن ما جاء به الرسول (ص) والتقيد بما جاء به الرسول (ص) لا يعني بالضرورة رفض كل ما يصلح في تجربة الغرب.
مصدر المقابلة الضدية في مداخلتك -وفي الفكر العربي الإسلامي بشكل عام والإسلاموي بشكل خاص- هو خلل جوهري في إدراكنا نحن العرب المسلمون لذاتنا تلك الذات التي تحددها ثوابت الهوية، والهوية بالتعريف هي ما شكل الخصوصيات التي تميز الشيء عن غيره.
هذا الخلل يكمن في أن فهمنا لهويتنا يكاد يقتصر -من خلال الممارسة- على أننا غير الآخر في الوقت الذي يجب أن تكون مقومات الهوية هي الثوابت من قيم ومبادئ نمتاز بها عن غيرنا.
أنا كمتعقل عربي ومسلم لا أكاد ألمس للعرب والمسلمين من مقومات هوية غير أنهم أعداء للآخر، ذلك الآخر الذي يبدأ بالغرب ثم المسيحية فاليهود وإسرائيل ولا ينتهي عند الرأسمالية أو الليبرالية والعلمانية.....
والميزة الجوهرية لمظاهر هذا الإدراك الخاطي للهوية هي غياب الحضور المحسوس للمبادئ التي جاءت بها الرسالة المحمدية في معاملاتنا في ما بيننا وفي تحديد استراتيجيات علاقاتنا مع الآخرين مما يثير عديد التساؤلات:
كيف يمكن أن نفسر اجماع البشرية جمعاء عند الحديث عن الإرهاب في انصراف الأذهان للإسلام أو ما علق به؟
هل سهولة استباحة أرواح الناس دونما أدنى استحضار لمستوى تحريم استباحة الروح البشرية في الإسلام ميزة إسلامية أو سلوك منحرف لبعض المسلمين؟
أين القيم في الإسلام؟
هل كل ما يقدم لنا اليوم من ادعاءات بالتمسك بالدين هو الدين القيم أم مجرد قراءات متعددة للمسألة الدينية لكل منه خلفياته ودوافعه؟
وفوق هذا وذاك: هل حسم تنظيم شؤوننا اليومية (السياسة) رهين تقيد حرفي بقراءات ورؤى لثوابت هي في الأساس خطاب لأفراد في مستوى معين من النضج والمسؤولية (مفهوم التكليف الشرعي)؟
الإصرار على أن السياسة -التي هي مجال التجربة والخطأ المباح بامتياز- تكون ضرورة رهين قراءة من نوع ما لثوابت عامة (الدين) هو حسب وجهة نظري الخاص تبييت لنية الإستبداد والتصرف في رقاب الناس بما لا يرضي الله ولا رسوله.
أحسن ما نتعلمه من الإسلام أن نكون ملتزمين بالقيم التي يمثلها من صدق وأمانة وإخلاص...وأن تتجسد فينا ميزة خوف الله في واتقائه في مخلوقاته

Mkhattry ( مرسل: 27 سبتمبر 2009, 20:27)

أخي سلام الله عليك وبعد،
يبدو أنك قد فتحت مجموعة من النقاط الرد على واحدة منها يستدعي مقالا كامل فكيف بها كلها _وأنا كما لاحظت مولع بالرد على جميع النقاط لو أمكن ذلك_ فمثلا كون الرسول"ص" معصوما منزها لايحول بيننا وبين محاولة تقليده في كل مناهج حياته فلو كانت العصمة مانعا لما كان لإتباع السنة معنا....
وأما مسألة إتباع الغرب فأنا لست ضدها من حيث المبدأ فالإستعانة بهم وبخبراتهم وبأخذ المفيد من تعاملاتهم أمر حسن مطالب به مندرج تحت خانة "سؤال أهل الذكر" لكن المقصود سابقا ليس هذا المعنى بل الجانب الآخر المتمثل في هيستيريا إتباعه في كل شيء وأي شيء بعتباره طوق النجاح ولكي تكون الرؤية عملية أكثر فلك في اليابان مثالا لذلك ....
وتعريفك للهوية جميل من نوعية السهل الممتنع إلاَ أني لا أرى فيه منافات ليكون الآخر يمثلا عدوا دائما ومع ذلك ليس من الفهم الصحيح خلق عداوة بيننا كمسلمين و بين الآخر أيا كان فالشخصية الإسلامية متميزة ومن اليوم الأول بمبادئها وحبها للآخر وذلك متمثل في الرعيل الأول إلاَ أن ماقلته عن الهوية في هذه الأيام صحيح وذلك ناتج عن كون الإعلام يحاول ترسيخه في عقول العامة لتضل إسرائيل تملك حقا في البقاء في فلسطين بإعتبارنا عدوانيين برابرة ...
أما مايتعلق بالتساؤلات بوضع إجابات مختصرة علها تفي بالغرض:
السؤال الأول : النفط في العراق التي ثضنف دولة مسلمة
السؤال الثاني : إنحراف بدرجة 100في 100
السؤال الثالث : القيم في القرآن والسنة وسيرة السلف الصالح
السؤال الرابع : ذلك حسب من يقدمه لنا والحكم فيه للعقل السليم
السؤال الخامس : عقلاء كل زمان لهم الحق في ذلك إنطلاقا من الكتاب والسنة
الدين بين قوسين الإسلام ليس مفاهيم عامة فقط والسياسة جزء منه فصلها عنه ينم عن عدم فهم للإسلام الذي جاء لتأسيس دولة....
وأحسن مانتعلمه من الإسلام أن نتعلمه كله متجردين من أي تأثيرات أخرى .
والله أعلم المستعان على مانقول وجميلة وعميقة عبارة الأخيرة "أن تتجسد فينا ميزة خوف الله فيه وإثقائه في الناس".....
وشكرا مع دوام العافية.


Abass ( مرسل: 28 سبتمبر 2009, 10:16)

تحية أخرى أزكى مما سبقها من التحايا وبعد،
لم أدرك جيدا ربطك بين الإجابة على سؤالي حول إشكالية الربط الذي بات بديهيا بين الإسلام والإرهاب وبين العراق كدولة نفطية، كل ما استطعت النفاذ إليه : اعتبار الغرب الإرهاب مبررا لتغطية نواياه التوسعية.
إن كانت الفكرة هذه فأنا لا أوافقك الرأي لأنني لا آخذ على الغرب عموما والولايات المتحدة الأمريكية خصوصا نواياها وأطماعها التوسعية ما دامت متناسقة مع ما يراه قادتها خدمة لمصالح شعوبهم. المأخذ الذي أراه في محله هو على شعوب العالم الثالث التي تبالغ في الإستكانه لحكام غير أكفاء مستبدين يسومونها العذاب والتسلط خدمة لمصالح الغرب الذي ما يفتأ يراوح بين إعتبارهم أصدقاء مبجلين يسبحون في دماء شعوبهم ويصنع منهم أعداء عنيدين متظاهرين بخدمة مصالح تلك الشعوب مستميتين في الدفاع عنهاحتى تصم قرقعة جوارب المارينز آذان ومشاعر الجميع. تماما كما كان صدام حسين وبطانته في العراق وكما هو اليوم بشار الأسد وزبانيته في دمشق أو أحمدي نجاد في طهران أو اسماعيل هنية وعصابته في قطاع غزة، مع الإشارة إلى أنهم كلهم "حماة" للدين سائرون على آثار الرعيل متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله......
هذا الوجه المنافق خاصة في استغلال الدين وثوابته لتغطية إخفاقات مفضوحة في إدارة مصالح الشعوب تغطية لمصالح جد ضيقة هو ما أود فضحه بالدعوة إلى جعل الدين خارج دائرة الصراع السياسي في المقال مثار النقاش بيننا.
من منا لا يعرف زندقة صدام حسين حتى يقبل منه خطابا دينيا؟
من منا لا يعرف الأسلوب الرخيص لإثخان بشار الأسد ومخابراته وأحمدي نجاد وملاليه في دماء العراقيين منذ الغزو الأمريكي كي تكون فوضى العراق حصانة لنظامي البعث في سوريا والملالي في إيران من غزو آمريكي محتمل؟
من منا لا يدرك عمق جهل حركة المساومة الإسلاموية في غزة بتوفير الذريعة الرائجة لبشاعة الإعتداءات الإسرائيلية على المدنيين العزل بحجة الدفاع عن نفسها؟
ولكي يكون ختام الجوقة مسكا ألا يعرف الجميع الماضي العميل لأسامة بن لادن للمخابرات الآمريكية حتى تستساغ فكرة عدائه للغرب عموما دفاعا عن الإسلام؟
قد تبحث عن عامل مشترك لهؤلاء جميعا وأوفر عليك العناء بأن الأمثلة جميعها استعراض لإخفاقات مفضوحة يستغل جميع المسؤولين عنها الدين والخطاب الديني لكسب عواطف الناس ضد مبادئ الدين في معطم الأحيان. من أجل ذلك تتنزل مشروعية الدعوة لتحييد الدين حماية له ولمصالح الشعوب .
وإلى لقاء


Mkhattry ( مرسل: 29 سبتمبر 2009, 00:01)

أخي حييت تحية الإسلام السلام عليك ورحمة الله وبركاته،
أن رفض إستغلال الدين لأغراض غير دينية هي نقطة قد توافقنا عليها مسبقا _إن كنت قد لاحظت_ فلا تحق لعلان ولا لفلان....
أما تحييد الدين بعذر أن البعض قد إستغله إستغلالا خاطئا فهذا يا أخي نوع مما يسمى في الأدبيات الحسانية "سبة شرتات" فتحييد الإسلام وحصره في مجال من مجالات الحياة هو نوع من الجهل المركب بطبيعته أو على الأقل نوع من القراءة بعين مغمضة ....
فحقيقة الإسلام لا ترى إلاَ بين أسطر القرآن وتفاسيره وبين كتب السيرة النبوية وتحت أضلع السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد الله ففي عصر السيليكون ضغطة زر واحدة تمكنك من الحصول على أمهات الكتب ومطالعتها لو شئت....
أما مايتعلق بالسؤال ففهمك دقيق صحيح، أما الكلام عن الحكام فلك فيه الحق ولا أوافقك عليه كله وخصوصا ما تعلق بالتصريح، وأنا مع ذلك لا أرى في ربطك بين البعثيين وبين الإسلام شيء يخدم النقاش بقدر ما هو تهكمي ساخر _يعني إستشهاد في غير محله_....
وأخيرا وليس آخرا أقول لك لو أن الشيطان في رجل تجسد وأمرني بفعل خير لفعلته وشكرا ....
و بالنور نفترق وبه إن شاء نلتقي.

Abass ( مرسل: 29 سبتمبر 2009, 11:29)

أخي العزيز والعزة لله وحده،
أنا أطالب بتحييد الدين فعلا استبصارا لما تلحقه انزلاقات القراءات المتعددة للمسألة الدينية من أضرار فادحة على المصالح الدنيوية للشعوب ومن خلالها الإنسانية بصفة عامة. غير أن هذا التحييد الذي أدعو إليه ليس تحييدا مطلقا مراعاة لخصوصيات الدين ومكانته لدى البشر أفرادا وليس مجموعات.
بمعنى أن دعوتي للتحييد تنطبق فقط على إبعادالقراءات الدينية عن مجال ممارسة الشأن العام. ولو قرأت المقال الثاني (الدين والسياسة) لأدركت أن هناك دعوة أخرى موازية لأن نحترم للفرد حقة المطلق في ممارسة شعائره الدينية وسعيه المشروع للتفقه في شؤون دينه والإقتداء بسلفه وطمعه في رحمة ربه وخوفه إياه.....
ما ينطبق على الفرد لا ينطبق بالضرورة على المجموعة، إذ لا تحتمل مصالح المجموعة التي يفترض أن يطلبها القيمون أو الساعون للقيام على الشأن العام قراءة فرد من أفرادها أو مجموعة لما يرونه أسلوبا سليما لإقتدائهم بسلفهم الصالح في حسم ما بات حسمه ملحا وضروريا من شؤون الدنياالحاضرة.
والدنيا للفرد من وجهة النظر الدينية هي مطية الآخرة غير أنها للمجموعة هي المجال الزمكاني الوحيد الذي يكون فيه الإنسان فاعلا وقادرا على الفعل والتنظير لمصاله الآنية والمتوقعة في المستقبل القريب.
وإلى لقاء قريب بحول الله


Mkhattry ( مرسل: 30 سبتمبر 2009, 13:57)

السلام عليك ورحمة الله وبركاته،
ما كرهت شيئا كما كرهت الدوران في حلقة مفرغة تماما كما يحدث في وطننا الموريتاني خصوصا والإسلامي العربي عموما يبذل من الجهود الكثير و من الوقت ضعف ذلك ونحن لا نراوح امكنتنا إلاَ لنعود إليها وكأن لا هدف للحركة غيرها هي ذاتها "الحركة من أجل الحركة "...ويبدو أننا يا صديقي ندور في نفس الحلقة ...
علماني يجادل إخوانيا لهدف واحد غاية في الأهمية هو الجدال والنقاش...وهذا يا أخي مجرد مثال لا أكثر...
وبالمناسبة لقد قرأت مقالك الآخر ولم أجد فيه الكثير وكأنه تابع لصاحبه أو متدارك به...أنا أرى أن تحييد الدين بين قوسين الإسلام هو جهل أو عدم فهم أو نوع من التآمر على الشخص البسيط وأنت تراه عكس ذلك محيد محيد لأسباب عندك أنها عقلية كررتها في كلتا مقاليك وأنا طبعا أراها غير ذلك ...رؤية في مقابل رؤية..
والسلام كما بدأ يعود.

Abass ( مرسل: 01 أكتوبر 2009, 09:30)

تحية الأخوة والسلام، وبعد،
إن أردتها نهاية لهذا الحوار فلتكن. وجهة نظري - طبقا لطبيعة الخلاف بيننا- مغايرة تماما، إذ أرى فيه حوارا بناء وكنت لأكون سعيدا ببلوغ الحوار غاية أهدافه لو قلت في مثلك الذي أوردته: " دنيواني يحاور إسلامويا"
إذ الفرق بالنسبة لي كبير جدا : فالدنيواني هو من ينادي بالفصل بين الدين والسياسة بينما يطالب العلماني بالفصل بين الدين والدولة.أما الإسلاموي فهو من يدعي أن مرجع أفكاره وأطروحاته السياسة هو الدين الإسلامي الحنيف بينما الإسلامي مصدر يدل على كل ما له علاقة بالإسلام ويشمل بعموميته جميع المسلمين سواء منهم المتسيسين أو غير المتسيسين.
ولك مني ألف تحية وسلام.

sugufara1 ( مرسل: 19 أكتوبر 2009, 00:25)

اخي الكريمabass واخي الكريم makhtary
والله العظيم انا جد فرح بان موريتانيا تحتوي علي مثقفين من امثالكم مع اني كنت احب ان يصل النقاش امده لانهي الحيرة التي اصبحت فيها
كذا فليقل من كان لله مخلصا... تجافي عن الشيطان والنفس والهوي
وعلي الدرب سيرو


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات