يشهد الاردن حالة من الجدل المتصاعد حول الهوية الاردنية ونظيرتها الفلسطينية واطروحة الوطن البديل التي تروج لها اوساط اسرائيلية، وبلغ هذا الجدل ذروته في بيان اصدرته مجموعة من المتقاعدين العسكريين تعارض فيه بشدة تجنيس الفلسطينيين.
الخطورة في هذا الجدل تكمن في توقيته اولا، والنتائج الخطيرة التي يمكن ان تترتب عليه على صعيد تهديد الوحدة الوطنية في البلاد وهز استقرارها.
الاردن يواجه ضغوطا وتهديدات اسرائيلية لا يجب التقليل من اهميتها، ابرزها زيادة التصريحات في اوساط الحكومة اليمينية الاسرائيلية الحاكمة حاليا التي تطالب باقامة الدولة الفلسطينية في الاردن.
فيوم امس طالب ارييه الداد من كتلة الوحدة القومية (حزب يميني متطرف) بعقد اجتماع للجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست لبحث اقتراح في هذا الخصوص، ولكن رئيس اللجنة البرلمانية تساحي هانبغي من حزب كاديما يرفض الاستجابة للطلب في الوقت الراهن حتى لا يزيد العلاقات الاردنية ـ الاسرائيلية توترا. اي انه يعترض على التوقيت ولا يستطيع رفض الطلب بشكل نهائي.
ويتفق الكثير من المراقبين على ان حال الجمود الراهنة في عملية السلام بسبب اصرار اسرائيل على مواصلة عمليات الاستيطان في القدس المحتلة ربما يزيد من مخاطر حدوث ترانسفير للفلسطينيين في الضفة الغربية الى الاردن خاصة بعد صدور قانون اسرائيلي ينص على عملية ترحيل حوالي 75 الف فلسطيني بحجة عدم وجود مسوغات قانونية لاقامتهم في الضفة الغربية.
العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني اعتبر ان اي ترحيل للفلسطينيين الى الاردن هو خط احمر، وهدد باعلان الحرب اذا ما اخترقته الحكومة الاسرائيلية اليمينية الحالية.
المنطق يتطلب ان يتوحد الاردنيون من مختلف المنابت والاعراق والاصول لمواجهة مثل هذه المؤامرة، والابتعاد عن اي ممارسات يمكن ان تهدد الوحدة الوطنية، وتخلق انقسامات بين ابناء الدم الواحد، والعقيدة الواحدة، والانتماء الواحد. ولكن يبدو ان المنطق شيء وما يحدث على الارض من بعض الجهات المتعصبة اقليمياً ومناطقياً شيء آخر مختلف كلياً.
ومن هنا فان الوثيقة التي كتبها السيد احمد عبيدات رئيس وزراء الاردن السابق وتتداول حالياً في الاردن بشكل واسع تشكل ارضية ملائمة يجب ان يلتقي عليها الجميع لانها وثيقة توحيدية من رجل معروف بترفعه على الاعتبارات الاقليمية والمناطقية وينظر الى الامور من منظور المصلحتين الاردنية والفلسطينية معاً بحكم قناعاته القومية الراسخة.
السيد عبيدات اكد في وثيقته انه لا يوجد اي تناقض بين الهويتين الفلسطينية والاردنية، واشار الى استحالة الفصل على أرض الواقع بين المواطنين من ابناء الشعب الاردني على اختلاف اصولهم مما يستلزم حماية الوحدة الوطنية وترسيخها بما يعزز امن الاردن الوطني والقومي ويحمي جبهته الداخلية ويضمن الفرص المتكافئة لجميع المواطنين دون تمييز ويصون مصالحهم المشروعة وحقوقهم التي كفلها الدستور.
الفلسطينيون، سواء كانوا في الاردن او في الارض المحتلة او المنافي هم من اشد المعارضين لاطروحة الوطن البديل، والاكثر استعداداً للوقوف في خندق مواجهتها بالوسائل كافة لانهم لا يمكن ان يقبلوا بديلاً عن فلسطين كلها وطناً لهم. ولو فتحت الحكومة الاردنية باب التطوع في حال اعلانها الحرب لمواجهة عمليات الترحيل ستجد ملايين الفلسطينيين يلبون النداء، وليدافعوا عن الاراضي الاردنية مرتدين أكفانهم.
صون امن الاردن واستقراره وهويته الوطنية هو من اهم الثوابت التي يتمسك بها الاردنيون من اصل فلسطيني، واي عمليات تشكيك في ولاء هؤلاء او تصنيفهم كطابور خامس، لا يمكن الا ان يخدم مشاريع الفتنة الاسرائيلية وما اكثرها هذه الايام.
الاردن، مثل اي دولة عربية اخرى، بحاجة الى العقلاء والحكماء الذين يوحدون الصفوف ويعززون الوحدة الوطنية، ووثيقة السيد احمد عبيدات هي حجر اساس كبير وصلب في هذا الاطار يجب ان يلتف حوله الجميع.
التعليقات (0)