جدلية السياسة والايدولوجيا في خطاب اوباما
بقلم/ حسام الدجني
باراك حسين اوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يبدأ أولى جولاته الشرق أوسطية إلى تركيا الدولة الإسلامية الكبرى, حيث شملت جولته زيارة متحف أيا صوفيا والمسجد الأزرق في إسطنبول, وأعلن حينها أن بلاده "ليست في حرب مع الإسلام" وعرض اوباما الشراكة مع العالم الإسلامي.
ثم كانت جولته الثانية أيضا لدول لها رمزيتها ودورها الإقليمي الكبير في العالم الإسلامي, حيث توجه إلى المملكة العربية السعودية, بلاد الحرمين الشريفين, والتقى بجلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز, واستمع السيد اوباما إلى نصائح الملك للوصول إلى قلوب العرب والمسلمين, وفعلا تجاوب السيد اوباما, وانعكس ذلك على خطابه في جامعة القاهرة, والتي كانت محطته الثانية, حيث شملت زيارته المناطق الإسلامية في القاهرة القديمة, وأبرزها مسجد السلطان حسن.
السيد باراك حسين اوباما هو الرئيس المنتخب عن الحزب الديمقراطي, والذي ينتهج مساراً براغماتيا على العكس تماما من سلفه الرئيس جورج بوش والحزب الجمهوري والذي ينتهج مساراً أيديولوجيا عقائديا.
ولكن اللافت للنظر وفي قراءة سريعة لخطاب السيد باراك اوباما في جامعة القاهرة, نجد أن السيد اوباما حاول استجداء عطف العرب والمسلمين من خلال تبنيه لخطاب سياسي أيديولوجي وسط تسويق إعلامي دولي, وتصفيق تقليدي عربي, حيث ابتدأ خطابه بتحية الإسلام, واستشهد أكثر من مرة بآيات قرآنية, وخاطب المرأة, وتحدث عن وقف بناء المستوطنات, وتكلم عن الديمقراطية, وأوضح رؤيته عن التطرف وعن باكستان وأفغانستان والعراق والسلاح النووي الإيراني.
صحيح أن السيد باراك اوباما لبس العباءة والعمامة في اعتراف واضح وصريح بأن الايدولوجيا هي اللاعب الرئيس في المنطقة وأن الصراع مع إسرائيل هو صراع عقائدي مغلف بغلاف سياسي, وأن الشارع العربي لن تنجلي عليه أي خطابات سياسية, والمزاج العام العربي والإسلامي يسير في اتجاه الأسلمة, ويتبنى خيارات حركات الإسلام السياسي, وأن العلمانية في نهاية عصرها, وقد بزغ فجر جديد هو فجر العودة إلى الخلافة الإسلامية.
أما على الصعيد السياسي في خطاب السيد باراك اوباما, فقد تمثل في طرح ثمان قضايا ورتبها حسب الأولويات والمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط, حيث تصدرت قضية الإرهاب الدولي ومواجهة التطرف كأولوية أولى للإدارة الأمريكية أما القضية الفلسطينية فتمثل أولوية ثالثة عند الإدارة الأمريكية, حيث يمهد خطاب السيد اوباما لمرحلة جديدة من العلاقات مع العالمين العربي والإسلامي, ويعيد تقويم مسار الدبلوماسية الأمريكية التي سار عليها سلفه السيد جورج بوش, ولهذا ينبغي علينا كعرب ومسلمين التعامل مع الخطاب ضمن الأفعال لا الأقوال, وأن صورة الولايات المتحدة من الممكن أن تمثل اللوحة الجميلة أمام العرب والمسلمين عندما يتدخل السيد اوباما ويرفع الحصار عن مليون ونصف المليون فلسطيني يقبعون في سجن كبير اسمه قطاع غزة, وعندما يعمل على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
عندما ينسحب الجيش الأمريكي من العراق ومن أفغانستان وباكستان, حينها نستطيع أن نقول أن اوباما صديق للعرب والمسلمين, وسنعمل على نبذ كل أشكال العنف والإرهاب, لان ظاهرة التطرف والعنف جاءت نتيجة إدارة أزمة صنعها الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي, من خلال حربهما الصليبية على الإسلام والمسلمين واحتلالهما للأراضي العربية والإسلامية ونهب ثروات الشعوب العربية والإسلامية.
وعندما تفكك ترسانة إسرائيل النووية سنعمل جميعنا على الضغط على ايرن لوقف أي نشاط نووي عسكري, وعندها نستطيع أن نقول أن السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط سيكون عنوان المرحلة المقبلة.
حســام الدجنــي
كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
التعليقات (0)