مواضيع اليوم

جدلية البراطم في الدراما الخليجية

زكي السالم

2008-06-12 22:16:38

0

قبل كل شيء كلمة ( براطم ) باللهجة الخليجية معناها ( شفاه ) .. :  

 المار بالدراما الخليجية مرور الكرام واللئام معاً سيتوقف وعيه اللاهث أمام ظاهرة حيرت عقول الفلاسفة والمغفلين على امتداد ثلاثة أعوام هي عمر هذه الظاهرة .. ألا وهي ذلك المسخ وتشويه الوجوه والجلود والعظام والبراطم من جراء الركض والجري والزحف خلف الموضة والصرعات الجديدة والقديمة .. فلدى ممثلاتنا الخليجيات شبق وانزلاق إلى درجة التزحلق وراء  التغيير فكل موسم لا بد وأن تخرج هذه الممثلة أو تلك بستايل جديد وبـ      ( نيو لوك ) آخر موديل وهمها مرتكز في ألا تبدو كما بدت في السنة الماضية حتى وإن ظهرت بوجه ورأس كأنه رؤوس الشياطين فتبدأ رحلة اللعب في وجهها وخدها وبراطمها لعب مودع .. فلم تبق عملية شفط ولا نفخ ولا تل ولا تمغط لم تفعله في برطمها مما جعلها أعجوبة جديدة تضاف إلى عجائب لشبونة السبع والتي أخطأ منطموها في عدم اختيار برطمها كأعجوبة من عجائبهم ،، كيف لا وهو يحمل من صفات أعاجيب الدنيا الشيء الكثير فهو أثري وقديم قدم عمرها التي تحاول القفز فوقه والضحك عليه وعلى نفسها من خلال إبداله لتبدو أصغر عمراً وهو يملك من التجاعيد والأخاديد والالتواء والنحت ما لا تملكه مدينة البتراء الأثرية.. إضافة إلا أنه الشيء الوحيد الذي يُرى من القمر لارتفاعه وانتفاخه وتوهجه .. قد تسألني سؤالا مجرماً إذن لماذا لم يتم اختياره ؟  أقول حسبي الله على الواسطة اللعينة ..

    وحسب معرفتي التي لا تفوق معرفة جدتي بالموضة النسائية واتكاءً على بعض الدراسات المعمقة التي غصتُ بها لجج المعرفة وأنا أحضر لهذا المقال ، ومن خلال الإبحار في خضم مسلسلات خليجية والتي لم تشدني يوماً من الأيام لمتابعتها ولكنها الحاجة التي دفعتني للتركيز على بعضٍ من جزئيات هذا النهم الدرامي الخليجي وإيماءً وغمزاً ولمزا لهذا السيل الجارف الذي يجتاح قنواتنا من هذه المسلسلات ، من خلال كل ذلك أقول إن كثيرا من النساء تأسرها الصرعات والصرخات الجديدة إجمالا فهن يلهثن خلف الجديد ليستطعن أن يشكلن جسمهن بكل ألوان الستايلات الجديدة .. هذا ما أعرفه من خلال كل هذه الاتكاءات السابقة الذكر ،، أما أن تترك المرأة جسمها بأكمله ولا تعيره أي اهتمام لتركز جل بل كل اهتمامها على ( حتة ) صُغيرة من وجهها فهذا شيء جديد عليّ ولغة أثرية لم أستطع فك رموزها لدرجة اقتسام جسمها وزنه مع هذه البراطم فتجد بعضهن تزن 70 كيلو يحتل جسمها 30 والباقي لبرطمها أيضا هذا ما ليس أفهمه .. وما أعرفه أيضا بفهمي القاصر أن كل صاحب ذوق يبحث دائما عن الأحسن والأجمل فإن كان برطمه كبيرا مترهلا كبرطم بعير يدفع ما يملكه ليجعله أصغر من براطم ( صوفيا لورين ) هذا أفهمه ولكن أن تمتلك ممثلة برطما كبراطم لورين وتنفخه وتنفخه ليصبح أكبر وأضخم من برطم بعير أثول فهذا أيضا لا أفهمه ..

    فالمتابع لهذا الفيض الدرامي سيجد أن قاسماً مشتركا يجمع كل مسلسل تحت جنحيه .. فلا يكاد مسلسل خليجي يخلو من برطم بل براطم منتفخة وأصواتا متهدجة وأفواها متشدقة وبكاءً وعويلا  وحزنا طويلاً وويلا وثبورا وبيلا وما شابه ذلك مما لا تستطيع حمله التريلا .. فما أن تبدأ المقدمة حتى تفاجئك لقطات الصفع والدفع والركل والنح والنطح كأنك في حلبة ( مدسن سكوير غاردن ) وبعدها تنهال عليك الدموع المتناثرة والشهقات المتحادرة وسيول   ( أجلكم الله ) من الأنف هادرة .. وطفل ضائع وفتاة تمشي مع صايع ومراهق يلهث خلف هيروين ناجع .. ومراهقة تكتشف أنها متعلقة حتى أذنيها بغرام سواقها  ،، ومجوهرات مسروقة لا يُعرف مين باقها ،  ومواعيد وغراميات وطرق لتعليم فن الغزل للبنات .. وكيف تستطيع التعرف على الباحث عن اللذات ،،إلى آخره من فن هزيل ،، ومط طويل .. وكأن مجتمعاتنا ليس بها إلا هذه الجرائم وهذا الفساد وهذا اللهث المتواصل خلف اللذات والانحدار بالأخلاق في درك الرذيلة ،، ولستُ أدري ما الذي يدفع هؤلاء المنتجين لمثل هذه الترهات وتسطيح عقولنا وعكس صورة سيئة للمجتمعات الأخرى عن مجتمعاتنا ..

    برأيي القاصر ( أوي ) أن لكل مجتمع سلبياته ولكن أن نركز على هذه السلبيات فقط دون النظر للإيجابيات ونتشدق أن الفن هو المرآة العاكسة للمجتمع فهذا هو السفه بعينه ورجله وإلا لو اتبعنا هذا النهج لنزعنا ملابسنا وخرجنا إلى الشارع لنقول للناس .. هذا واقعنا وهذه الخلقة التي خلقنا الله عليها وهكذا خرجنا من بطون أمهاتنا ..

    وهنا لا يسعني إلا أن أصرخ بالصوت مدويا في أذن كل رب أسرة .. : انتبه لهذه المسلسلات المدمرة وهذه الأعاصير القاتلة ولا يدُر في خلدك أنها أفضل من مسلسلات أخرى عربية فهي وأيمُ الله أخزى وأخطر وأشد نكالا من غيرها .. وهي تجر الشباب والشابات جرا للوقوع فيما حرم الله .. ومن عجبٍ أن يشدد بعض الآباء على أبنائه وينبههم إلى مخاطر الدراما المصرية والسورية في الوقت الذي يفتح لهم الباب على مصراعيه للخليجي ظنا منه أن الخليجي كما كان يتابعه سابقاً حيث يتم إيقاف مسلسل ومنعه من العرض بسبب انفتاح بسيط وكلمة قيلت خطأ هنا أو عبارة حشرت هنا .. أما الآن فالمثل والأخلاق هي المحشورة حشرا والمخفي أعظم ..

    انتبهوا انتبهوا لأولادكم ..

    ولا تقولوا هي ( براطم منتفخة ) ليس إلا لا تضر ولا تنفع .. ففي يقيني أن وراء البراطم ما وراءها ..

  

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات