مواضيع اليوم

جدة بلد الرخاء في شدة

حسن بن علي الجزيري

2009-12-06 15:43:59

0



جدة بلد الرخاء في شدة


في المملكة العربية السعودية بعد استبعاد المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة ، تتقدم سائر المدن الاخرى ثلاث مدن تعرف بالمدن الرئيسة في المملكة وهي العاصمة الرياض وجدة على السحل الغربي والدمام على الساحل الشرقي ، حيث ان لهذه المدن الثلاث ثقل اقتصادي كبير في المملكة لا يمكن مقارنته باي مدينة اخرى بالمملكة بالرغم مما لبقية المدن من قوة اقتصادية الا انه تبقى المدن الرئيسة هي صاحبة الثقل الاكبر وصاحب رؤوس الاموال الاعلى في المملكة .

ومدينة جدة التي تعتبر المدينة الثانية في المملكة ومالها من تاريخ سحيق اذ يقدر عمرها بأكثر من ثلاثة آلاف عام عندما استوطنها بعض الصيادين في البحر الاحمر لتكون لهم مقر استراحة من عناء رحلة الصيد ، ومن ثم سكنتها قبيلة قضاعة القبيلة العربية المعروفة منذ ما يقارب الالفين وخمسمائة عام ، تتصدر في مثل هذه الايام من كل عام عناوين الاخبار في الصحف والقنوات الاخبارية حيث تبدأ بها حركة الطياران في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة لأستقبال ومن ثم مغادرة مئات الألوف من حجاج بيت الله الحرام الذين يتوافدون على مطارها كل عام لأداء الركن الخامس من اركان الاسلام وهو فريضة الحج . وهذا العام تصدرت مدينة جدة عناوين الأخبار كالعادة ولكن مع اختلاف كبير جدا ، فبدل نقل اخبار استقبال الحجاج ومغادرتهم كانت العناوين تحمل اخبار البحث عن المفقودين وانقاذ الغرقى وعدد القتلى ورفع الانقاض التي خلفتها السيول جراء الامطار التي هطلت عليها خلال يوم التروية لهذا العام ، والتي خلفت حتى الان بحسب ما تناقلته الصحف والقنوات الاخبارية اعداد كبيرة من القتلى والمفقودين ، بالاضافة الى تدمير الآلاف من المنازل والمدارس والمرافق العامة .
وارجعت الجهات الرسمية اسباب حدوث هذه الكارثة الى 3 اسباب هي :
1- غزارة الامطار التي هطلت.
2- اقامة المباني في الاودية ومجاري الامطار.
3- تأخير تنفيذ تصريف السيول والصرف الصحي.

إن من رأى مقاطع الفيديو للسيول التي حدثت في جدة يجزم بما لا يدعو الى الشك بانها امطار غير عايدية ويمكن وصفها بانها امطار غزيرة جداً ، ولكن في نفس الوقت لا يمكن ان توصف على انها من الكوارث والتي تنتج عن الاعاصير والعواصف المدمرة التي تضرب الكثير من البلدان ، غير أن سوء التخطيط لعملية تصريف الامطار - في بلد يشهد في معظم ارجاءه عدم هطول امطار منذ ثلاثة اعوام دون استغلال لهذه الفترة من التوقف - جعلها تبدو بهذا الشكل المأساوي ، ونتج عنها ما نتج من من قتل وتشريد للآلاف من السكان واحداث دمار وخراب كبيرين في المساكن والمحلات التجارية والسيارات والممتلكات الشخصية .

كل هذا الخراب والدمار يحدث ويتم تناقله في الاخبار اليوم في مدينة هي أحدى أهم المدن في بلد يمتلك من القدرات والامكانيات مما حباها الله به من خير كثير من بترول وزراعة وصناعة حتى وصلت الى مراكز متقدمة عالماً ، اذ تحتل المملكة - ولله الحمد - بحسب اخر احصائية نشرت عن البلدان الاكثر جذباً للاستثمار المركز الثالث عشر عالماً وهو مركز متقدم جداً ، فكيف عجزت عن تنفيذ مجاري تصريف السيول ؟ وكيف بالحال في بقية المدن والمحافظات في المملكة إذا كان هذا حال واحدة من ثلاث مدن رئيسة ؟ وكيف بحال الهجر والقرى التي تفتقر حتى لفرق دفاع مدني أو السفلتة لبعض شوارعها ؟ ولماذا تأخر تنفيذ اعمال تصريف مياه الامطار في أهم مدن المملكة ؟ ولماذا سمحت أمانة جدة بالبناء في الاودية ومجاري السيول ؟ ولماذا اذنت الامانة باقامة المخططات السكنية فيها منذ البداية ؟

ان حدوث مثل هذه الفاجعة من قتل وتشريد لآلاف من المواطنين ، وتدمير الكثير من المنازل والممتلكات العامة والخاصة في مدينة كمدينة جدة لأمر يدعو الى القلق والخوف من حدوث اضعافه في مدن اخرى قد لا ترتقي الى ما وصلت اليه جدة من تقدم وتطور في كافة الخدمات المقدمة . ولكن بوجود قيادة حكيمة كقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه ، لمدعاة الى الطمأنينة والارتياح النفسي بوجود من يحمل هم البلد على عاتقه ، فالامر الملكي الصادر يوم الاثنين 13 /12/1430هـ والقاضي بتشكيل لجنة على مستوى عال لتحديد المسئولية في هذا الكارثة والمسؤلين عنها من جهات حكومية واشخاص ومحاسبة كل مقصر كائنا من كان ، بالاضافة الى صرف مبلغ مليون ريال عاجل لذوي الشهداء الغرقى الذين ذهبوا ضحية ذلك . إنه لأمر يرفع عن النفس خوفها من تكرار مثل ذلك في مناطق اخرى حيث الكل محاسب ، بالاضافة الى انه يبث الرعب والخوف في النفوس المريضة ممن يقصرون في اعمالهم بان هنالك عقاب قاس ينتظرهم اذا لم يقوموا بأداء اعمالهم كما يجب ، وان هناك قيادة لاتسمح بالتقصير في اداء الواجبات التي تخدم الوطن والمواطن .

نسأل الله العلي القدير ان يرحم الشهداء ويشافي المرضى ويرفع الهم عن المهمومين من هذه الحادثة الأليمة ، كما نسأله أن يحفظ هذا الوطن الغالي حكومة وشعبا وأرضا من كل سوء ، وان يمد لنا في عمر خادم الحرمين الشرفين ويوفقه لما يحبه ويرضاه .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !