مواضيع اليوم

جحا العربي المفلس.( نكتة بايخة).

محمد مغوتي

2010-02-10 20:02:48

0

                                                               جحا العربي المفلس.


     تتداول بعض المواقع الالكترونية المنوعة هذه الأيام مجموعة من النكت التي ارتبطت بانتصار الفريق المصري على نظيره الجزائري في مباراة نصف نهائي كأس افريقيا للأمم لكرة القدم التي نظمتها أنغولا مؤخرا. ولئن كانت النكتة جزءا مهما في الثقافة الشعبية، خصوصا وأنها تعبر عن وجدان الشارع العام الذي يتخذ من السخرية متنفسا له في ظل متاعب الحياة، فان ماتتضمنه النكت التي تهمنا في هذا الموضوع، يشير بشكل فاضح الى افلاس الشخصية العربية،و سطحيتها التي تتوغل في السذاجة الى حد بعيد. وحتى يكون لهذا الكلام ما يستند اليه، أدعوكم الى التمعن في هذه النماذج. ولكي أكون أمينا سأنقلها كما كتبت، حيث تزاوج بين اللغة العربية و العامية المصرية:
- عرض صيادين مصريين الاستغناء عن الشبكة المصرية وشراء الشبكة الجزائرية ب 3 مليون جنيه علشان بتشيل أكثر.
- كل ظالم وليه رب يهديه، وكل عطشان ليه نيل يرويه، وكل جزائري ليه مصري يربيه.
- واحد بيسأل ولد جزائري : بتحب بابا ولا ماما؟. قال الولد : لا. جدو علشان هو اللي رباني.
     ولا يمكن تفسير هذه السخرية اللاذعة التي تنطق بها هذه النكت التي يتداولها الشارع المصري بقوة هذه الأيام بحالة فرح عابرة صنعتها كرة القدم فحسب، بل الأمر يتجاوز ذلك. فمن الواضح أن المصريين لم يتقبلوا حتى الآن حقيقة أن الجزائر أقبرت آمالهم في التأهل الى مونديال جنوب افريقيا في الصيف المقبل. والنكتة بهذا المعنى تمثل تفريغا لشحنة الغبن المدفون في الصدور. وكأن مصر ( التي تقدم نفسها أما للدنيا وشقيقة كبرى للعرب ) بفوزها في مباراة من 90 دقيقة في كرة القدم قد هزمت عدوا لدودا وأسقطته بالضربة القاضية... وعندما نحلل منطوق هذه النكت نفهم أن الأمر يتعلق في الأولى بالسخرية من عدد الأهداف التي استقبلتها شباك الجزائريين في المباراة اياها. وبذلك فهي تصلح لأن تكون شبكة صيد يلقيها الصيادون في البحر لأنها ستجلب معها الكثير من السمك. هذه العلاقة بين شبكة المرمى في كرة القدم وشبكة الصيد، تثبت أن الانسان البسيط يحمل في لاوعيه هموم الحياة ( أكل العيش بلغة المصريين)، ولكنه يسترخص ذلك الهم طلبا لضحك زائف. ولنا في المغرب مثل ينطبق على هذه الحالة بصدق. حيث يقال : " كترة الهم كضحك ". أي كثرة الهم تضحك... أما النكتتان الثانية والثالثة فهما تجسيد لهنجعية فارغة تميز الثقافة المصرية بشكل ملفت. وهكذا وارتباطا بهذه العقلية يراد أن تكون مصر هي المعلم والبقية مجرد تلاميذ. ( و جدو الذي يتباهى به المصريون في النكتة الثالثة، ويقدمونه كمربي، هو لاعب الاتحاد الاسكندري المصري والذي توج هدافا لبطولة افريقيا. وكان قد سجل هدفا في مرمى الجزائريين.) وقد سمعنا من بعض المحسوبين على الفن والثقافة في مصر ما يثبت هذه العقلية، عندما قال عدد منهم عقب أحداث مباراة " أم درمان " الشهيرة أن الجزائريين يتطاولون على أسيادهم الذين علموهم معنى الحضارة...وشخصيا لا أعرف عن أية حضارة يتحدث هؤلاء. 
     من المؤسف حقا أن ينخرط الشعور الجماعي لشعب بكل مكوناته في هذه التفاهات.( والتعميم لا يعني الأشخاص بل المواقع والانتماء الطبقي).والغريب في الأمر أن كثيرا ممن يصنفون في دائرة الانتلجنسيا يساهمون في هذا الاجهاز السريع على ما تبقى من بذور للأمل في النفوس المقهورة. وقد قرأت في الموضوع لقاءات مع بعض فناني آخر زمان من أبناء مصر " المحروسة " وهم يتحدثون عن سعادتهم البالغة بانتشار مثل هذه النكت الساخرة، والتي توصلوا ببعضها عبر رسائل هاتفية.  لذلك لا يسعنا في هذا الشأن الا أن نصفق بنفس حرارة التصفيق في البرلمانات العربية تحية لنجاح النظام السياسي العربي في تدجين الشعوب و حصر اهتمامهم في اللعب و الشماتة و الجلوس الطويل في مقاهي الشيشة ( النارجيلة) التي يحلو معها فن التنكيت المبتذل. أما اللعب مع الكبار فذلك شأن السياسيين...
                         محمد مغوتي. 10/02/2010.


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !