مواضيع اليوم

جامعة بيروت العربية...صرح علمى يتألق التغيير

حنان بكير

2010-09-02 21:34:54

0


جامعة بيروت العربية...صرح علمى يتألق التغيير

بين الرؤية وقوة القانون
بقلم : حنان بكير


في ذكرى انطلاقتها الخمسينية، أطلقت جامعة بيروت العربية مشروعها الجديد، "دبلوم في دراسات المرأة". وهو البرنامج الأول من نوعه في المنطقة العربية، اذ نقل موضوع المرأة من مرحلة التنظير، الى مرحلة البحث العلمي الاكاديمي في الدراسات المتعلقة بالمرأة.
شكلت جامعة بيروت العربية، وعلى مدار خمسين سنة، صرحا علميا شاهقا، كما اعطت اسمها للمنطقة التي تواجدت فيها.. هذه ليست دعاية مجانية لها، ولكن يحفظ للجامعة دورها الكبير، في اتاحة فرص التعليم للطلبة، من اصحاب الموارد المادية المتواضعة، وذلك لتدني اقساطها الدراسية، ولم تسقط الجامعة من حسابها، ايضا، ظروف اولئك الطلبة الذين تضطرهم ظروف حياتهم للعمل، باعطائهم فرصة الدراسة بالانتساب، ما جعل الطلبة العرب يتقاطرون اليها من كافة ارجاء العالم العربي، سيما في نهاية العام الدراسي... ناهيك عن قوافل اساتذتها الجادين وبلهجتهم المصرية المحببة التي أسرت قلوبنا جميعا في ذلك الوقت.
بالعودة الى " دبلوم في دراسات المرأة"، والذي تستغرق مدة دراسته سنة دراسية كاملة، فهو يضم أشتات العلوم في وحدة متسقة، فيجمع بين تخصصات كلية الآداب، والتخصصات القانونية فيما يرتبط بحقوق المرأة وقضاياها، وذلك بحسب ما صرحت به د. مايسه النيال عميدة كلية الاداب في جامعة بيروت العربية. ومن أهداف هذا البرنامج تعريف الطلاب بالمباحث والنظريات الحديثة المرتبطة بحقول دراسة قضايا المرأة والربط بين التنظير والتطبيق والتدريب على البحث العلمي، مع تدريس سوسيولوجية الجندر والبنية الثقافية السائدة في المجتمع..
التغييرات الاجتماعية، لا تتم بقوة سحرية، ولا بين ليلة وضحاها، وانما تتم بالتدريج وتحتاج لوقت طويل، لتغيير رؤية المجتمع لمجمل قضاياه الشائكة، من نقد للقيم والسلوكيات التي لم تعد تتلاءم وروح العصر، ولبناء ثقافة وتصورات حديثة، تتلاءم والتغييرات المتسارعة، التي تشهدها المجتمعات، ، ومن هنا تكمن اهمية وجود، دبلوم دراسات علمية واكاديمية، ترسم خطوط التغيير سيما فيما يتعلق بموضوع المرأة..
ولأن قضية المرأة من القضايا الشائكة، بل نكاد نجزم بأنها باتت تفرض نفسها كقضية أولى، على مجتمعاتنا، وباتت تختصر بجسدها كل مشاكل وهموم الامة وهزائمها وعدم مواكبتها لركب الحضارة.
لا يستطعنّ أحد انكار ما حققته المرأة من انجازات، منذ أيام الفدائية الرائده هدى الشعراوي وحتى الآن.. لكن تلك المسيرة قد تعرضت لانتكاسات مهينة ومذلة ، وهذا ما يطرح فكرة دعم كل انجاز نسوي بقوة القانون او حتى الدستور.. والملاحظ ان غالبية النسوة اللواتي برزن بعد مرحلة الشعراوي، انما استندن على ارث الرجل المالي او السياسي او الاجتماعي، سواء كان الرجل ابا او اخا او زوجا، ونقول غالبية حتى لا نظلم من اثبتن جدارتهن بكفاءتهن.
تجربتان خاضتهما بعض الدول العربية في هذا المجال وقد باءتا بالفشل، بقوة السلطة السياسية.. ففي الاردن تقدمت بعض المؤسسات المدنية بمشروع قانون لمجلس النواب، باعتبار جريمة "الشرف"، جريمة كاملة وعن سابق تصور وتصميم، وربما جاء ذلك بعد ان اصبحت الأردن ضاربة لأرقام قياسية في هذا الشأن. فرفض القانون بالاجماع !
وفي مصر ايضا، تقدمت مؤسسة اجتماعية تهتم بشؤون المرأة والطفل، بمشروع الى مجلس الشعب، تطالبه فيه باعتبار ضرب المرأة والطفل جريمة يعاقب عليها القانون، وبتقديري ان تتقدم هكذا مؤسسة بمثل هذا الطلب، انما هو نتيجة ما يعايشونه من عنف اسري. لكن مجلس الشعب بكل اطيافه من اليمين الى اليسار والحزب الحاكم والمستقلين، لم يجمعوا على اي قرار او مشروع، كما اجمعوا على رفض هذا الطلب !! هل نحمد الله على ان هناك قضية يتيمة يتفق عليها العرب؟؟
تابع كثيرون منا، مسلسل قتل الازواج في مصر- وهذا ليس مسلسلا تلفزيونيا انه حقيقة- حيث تقوم النسوة بقتل ازواجهن وتقطيعهن، وربما القائهم طعاما للكلاب... فكان مصير النسوة الاشغال الشاقة والمؤبدة، ولم يعتبرها القانون جريمة مخففة، نتيجة الظلم والعنف الواقع عليها ومصادرة انسانيتها، كما يعتبر جريمة الشرف !!
وفي هذا السياق أيضا، كثيرا ما ترتكب جرائم الشرف، لأسباب تتعلق بالارث، فحتى لا ترث المرأة، ويذهب ارثها الى رجل غريب او حتى لأبنائها الذين ينتمون ويحملون اسم رجل غريب! وفي هذا الاطار نلحظ وضع المرأة في حال الطلاق، حيث تقع بين سندان الاهل ومطرقة الزوج! الزوج يلوي يد المرأة بحرمانها من اطفالها، والاهل يرفضون احتضان اطفالها بحجة ان "ابوهم أولى بهم" غير مبالين بمشاعرها اتجاه فلذات كبدها، فالأهم عندهم ان تعود لبيت اهلها خادمة للكبار والصغار!
منذ بداية مراهقتي، حيث لم نكن نسمع بجرائم الشرف و غيرها، على الأقل في البيئة التي نشأت فيها، ولكن من خلال مشاهدتي للأفلام العربية.. كانت تستوقفني ظاهرة اقلقت تفكيري... السجون مليئة باللصوص والمجرمين ومن كل الخارجين على القانون.. وكنا نرى المرأة .. الام والزوجة والاخت والابنة، تحمل ما لذ وطاب من المأكل والمشرب لسجينهن، بصرف النظر عن الذنب الي اقترفه، فهو اولا واخيرا قريب وحبيب مهما اقترف من معاصي، وبعد انقضاء محكوميتهم ويخرجون سالمين غانمين، تستقبلهن النسوة بالزغاريد ورش الارز، وكأنهم قادمون من نصر مؤزر ... فيما يستأسد هؤلاء الفحول، لمجرد الشك في سلوك المرأة ، فتستلّ السكاكين وتنهال على المرأة الام والاخت والابنة بلا رحمة وبحماية القانون !!
ان تعديل قانون الاحوال الشخصية المحنط، هو اول اولويات نضال كل المتنورين وليس واجب المرأة فقط، وتعديله يشكل خطوة ايجابية نحو بناء مواطنة سوية، وتكريس لمجتمع مدني يتساوى فيه المواطنون على اختلاف دياناتهم وطوائفهم. ومن هنا تبرز اهمية اطلاق دبلوم دراسات تقوم على اسس علمية، تساهم في تغيير ثقافة المجتمع وسلوكه الاجتماعي، على ان يدعم بقوة القانون والعقاب!!
وفي لفتة لطيفة لدعم مشروع الدبلوم وابراز اهميته، اعلنت النائب بهية الحرير تسجيلها كأول طالبة في الدبلوم، وأملت ان تسمح لها ظروفها ان تكون من خريجات الدفعة الاولى!! ونحن نأمل ان تستخدم نفوذها ومركزها السياسي، لدعم نضال المرأة بقوة القانون !!


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !