تأسست جامعة الدول العربية في عام 1945م ووقعت ميثاق التأسيس سبع دول عربية هي مصر والعراق ولبنان والسعودية وسوريا والأردن واليمن وانضمت فيما بعد ليبيا في عام 1953م والسودان في عام 1956م وتونس والمغرب في عام 1958م والكويت في عام 1961م والجزائر عام 1962 واليمن الجنوبي 1971م وموريتانيا عام 1973م والصومال عام 1974م ومنظمة التحرير الفلسطينية 1976م وجيبوتي عام 1977م حتى اكتملت ليكون عدد أعضائها 22 اثنان وعشرون دولة.
فى 29 مايو 1941 ألقى" أنتونى إيدن"Anthony Eden وزير خارجية بريطانيا خطابا ذكر فيه "إن العالم العربى قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الماضية، ويرجو كثير من مفكرى العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الآن. وإن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا فى مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغى أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب أصدقائنا ويبدو أنه من الطبيعي ومن الحق وجود تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية وكذلك الروابط السياسية أيضاً... وحكومة جلالته سوف تبذل تأييدها التام لأي خطة تلقى موافقة عامة". وفى 24 فبراير 1943 صرح إيدن فى مجلس العموم البريطانى بأن الحكومة البريطانية "تنظر بعين العطف إلى كل حركة بين العرب ترمى إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية.
وفي عام 1944م بادر رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس بدعوة رئيس الوزراء السوري جميل مردم بك ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخوري للتباحث معهما في القاهرة حول فكرة اقامة جامعة عربية لتوثيق العرى بين البلدان العربية المنظمة لها.
ثم انطلقت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب وممثلى كل من العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن من جانب آخر وهى المشاورات التى أسفرت عن تبلور اتجاهين رئيسيين بخصوص موضوع الوحدة الاتجاه الأول يدعو إلى ما يمكن وصفه بالوحدة الإقليمية الفرعية أو الجهوية وقوامها سوريا الكبرى أو الهلال الخصيب. والاتجاه الثانى يدعو إلى نوع أعم وأشمل من الوحدة يظلل عموم الدول العربية المستقلة وإن تضمن هذا الاتجاه بدوره رأيين فرعيين أحدهما يدعو لوحدة فيدرالية أو كونفدرالية بين الدول المعنية والآخر يطالب بصيغة وسط تحقق التعاون والتنسيق فى سائر المجالات وتحافظ فى الوقت نفسه على استقلال الدول وسيادتها وتمخضت المشاورات الى تشكيل لجنة تحضيرية لانشاء جامعة الدول العربية.
اجتمعت اللجنة التحضيرية في 25 أيلول و7 تموز عام 1944م حيث تشكلت من ممثلين عن كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر واليمن (بصفة مراقب)ورجحت الاتجاه الداعي الى وحدة الدول العربية المستقلة ،بما لايمس استقلالها وسيادتها كما استقرت على تسمية الرابطة المجسدة لهذه الوحدة ب"جامعة الدول العربية".
في 7 تموز عام 1944م تم التوصل الى بروتكول الإسكندرية أو وثيقة تخص الجامعة ووقع عليه رؤساء الوفود المشاركة باللجنة التحضيرية باستثناء السعودية واليمن اللتين وقعتاه في العام 1945م وخلال الفترة من 17 شباط الى 3 آذار من عام 1945م وبعد 16 ستة عشر اجتماعاَ عقدت بمقر وزارة الخارجية المصرية اعلان اكتمال مشروع الميثاق.
وفي 19 آذار 1945 م اقر الميثاق بقصر الزعفران بالقاهرة بعد أن تم إدخال بعض التنقيحات عليه ويتألف ميثاق الجامعة العربية من ديباجة وعشرين مادة وثلاثة ملاحق خاصة وتتكون جامعة الدول العربية من ثلاثة فروع رئيسية أنشئت بمقتضى نصوص الميثاق وهي : مجلس الجامعة واللجان الدائمة والأمانة العامة.
وقد تعاقب على منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية حتى الآن 6 ستة أمناء هم :عبدالرحمن عزام "أول أمين عام "- مصري- ومحمد عبدالخالق حسونة-مصري- ومحمود رياض-مصري- والشاذلي القليبي –تونس-والدكتور عصمت عبدالمجيد-مصر- والأمين العام الحالي عمرو موسى –مصر- الذي عين اميناَ عاماَ في العام 2001م .
منذ تأسيس جامعة الدول العربية في العام 1945م وحتى الآن عقد القادة العرب 38 ثمانية وثلاثون اجتماع قمة بينها 25 خمسة وعشرين قمة عادية و11 احدى عشر قمة طارئة الى جانب قمتين اقتصاديتين.
أسست جامعة الدول العربية كما هو معلوم في تاريخ 22 آذار 1945م، لذا فهي تعد من التنظيمات الدولية الإقليمية المبكرة النشأة، إذ تزامن إحداثها في- أيلول 1945م – في الطور الأخير للحرب العالمية الثانية وقبل قيام منظمة الأمم المتحدة العالمية – تشرين الأول -1945م فقد بلغت المجتمعات السياسية تطورا كبيرا حيث اتخذت فيه شكل الدول الحديثة التي لم تعد تقتصر على وضعها في ميدان التنظيم السياسي ، بل أخذت تبحث نحو الانتماء الى مجتمعات سياسية أوسع نطاقا من الدولة تربط بين عدد من الدول وتخضعها جميعا الى سلطة عليا ، وجاء ذلك بعد ان اتضح ان نظام الدولة لا يكفي لمواجهة التحديات والظروف السياسية الطارئة ، فحاجة الشعوب الى الأمن والسلام لا يكفي لتحقيقها في الوقت الحاضر الاعتماد على الدولة بمفردها ، فيلزم ظهور سلطات دولية وإقليمية لها اختصاص المحافظة على الأمن وقمع العدوان ، كما ان ضرورات التطورات الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لا يكفي للتفاعل معها من خلال على الدولة فحسب ، بل وجوب وجود سلطات اكبر تعمل على أدارة هذا التطور وتنظيمه بطريقة قانونية ضمن أطار مجموعة من الدول .
وعلى هذا فقد اندفعت الدول باتجاه التكتل والاندماج فيما بينها ، وأصبح التكتل الدولي والإقليمي سمة من سمات هذا العصر وظهرت المنظمات الدولية التي قسمها خبراء القانون الدولي الى نوعين من المنظمات : منظمات عالمية ومنظمات اقليمية . فالمنظمات العالمية : هي المنظمات التي يتم تأليفها بطريقة تسمح بانضمام اية دولة من دول العالم الى عضويتها كالأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية وغيرها من المنظمات العالمية ، اما المنظمات الإقليمية : فهي المنظمات التي تقتصر في عضويتها على الدول التي ترتبط بروابط معينة من التضامن ترجع للظروف التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، كمنظمة الدول الأمريكية التي تقتصر في عضويتها على الدول الأمريكية ، وجامعة الدول العربية التي يشترط في عضويتها ان تكون طالبة الانضمام دولة عربية .
ومادمنا بصدد الحديث عن المنظمات الإقليمية وجامعة الدول العربية ، فمن المفيد ان نستذكر كيفية نشأة جامعة الدول العربية والمراحل التي قطعتها طيلة الفترة المنصرمة ، فقبل وإثناء وبعد الحرب العالمية الثانية كانت حركة التحرر العربية قد برزت على الساحة العربية جاعلة من الشعور القومي البيئة المناسبة لحركتها الثورية ، وكانت الحرب هي المناسبة التي دعمت حركة التحرر العربية ، فلقد أظهرت الحرب الأهمية الإستراتيجية للمنطقة العربية فقد دارت عليها بعض المعارك الحربية ، كما أظهرت أهمية المنطقة العربية كمنطقة اقتصادية واحدة ، فوجدت حركة التحرر العربية ان الحرب فرصة تاريخية للمطالبة بالتخلص من السيطرة الأوربية ، فبدأت الشعوب العربية يفكرون في جمع صفوفهم للمطالبة بحقوقهم ، ورأت بريطانيا انذاك ان من مصلحتها كسب ود الدول العربية عن طريق تأييدها في المطالبة بالتحرر والاستقلال وتكوين اتحاد عربي تمهيدا لفرض سيطرتها على الاتحاد ، فأعلنت في 24 شباط /فبراير 1943م أنها تؤيد كل حركة تنشأ بين العرب لغرض دعم وحدتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
يمكن تلخيص الأهداف التي نص عليها ميثاق جامعة الدول العربية بما يلي: (1) صيانة استقلال الدول العربية من الأطماع الاستعمارية. (2) المحافظة على الأمن القومي العربي بمنع الحروب بين الدول العربية. (3) تحقيق التعاون بين الدول العربية وتنسيق خططها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتوثيق الصلات والتعاون بينها في الشؤون المالية والمواصلات وشؤون الجنسية وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين. كما شملت الأهداف أيضاً عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، وهذا المبدأ يلزم كل دولة عضو باحترام أنظمة الحكم القائمة في هذه الدول والتعهد بعدم القيام بأي عمل يرمي إلى تغيير تلك الأنظمة، وتسوية المنازعات بالطرق السلمية وعدم اللجوء إلى استعمال القوة ونص ميثاق جامعة الدول العربية، على انه لا يجوز في أية حال أتباع سياسة خارجية تضر بسياسة الجامعة أو أي دولة منها. ولكن ذلك لم يحترم فقامت بعض دول الجامعة، بعقد معاهدات خارجية أضرت بالجامعة ودولها ومبادئها. وفي هذا المجال لا بد من مراجعة سياسة الجامعة قبيل الاحتلال الأميركي للعراق وبعده والطلب الأخير لمجلس الجامعة من مجلس الأمن فرض حظر جوي على ليبيا وتفويض أميركا ودول الاستعمار الأوروبي توجيه ضربات جوية إلى أهداف مدنية وعسكرية فيها.. فأين ميثاق الجامعة من كل ذلك؟
لابد ان نراجع انجازات جامعة الدول العربية في العشر سنوات الأخيرة من ان نراجع الفترة التي تولى فيها السيد عمرو موسى رئاسة امانتها العامة والحقيقة كانت الميزة الوحيدة لإدارة أمينها العام بأنها سيئة بالرغم من التصريحات الإعلامية الجهنمية ضد اسرائيل والتي لم تسمن ولم تغني عن جوع ولم تغيير شيء في الصراع العربي-الإسرائيلي فقد تسلم السيد عمرو موسى رئاسة الأمانة العامة للجامعة العربية في 15 آيار 2001م حيث تقرر في بداية عهده دورية القمة العربية سنوياَ واعتبر ذلك انجازاَ لا سابق له –في حياة جامعة الدول العربية ، وهنا يحضرني قول الشاعر المصري فاروق شوشة حين وصل السيد عمرو موسى لرئاسة جامعة الدول العربية حين يقول:" ياقادما مثل المسيح يعيد للجسم المسجي روحه" ولابد أن الشاعر فاروق شوشه قد أصيب الآن بعد عشر سنوات بخيبة أمل كبيرة، وقد كانت قمة عمان فى مارس 2001 أول تطبيق لمبدأ دورية القمة التي اعتبرها البعض أكبر انجازات القرن، وكان الحماس لانتفاضة الأقصى على أشده، فماذا كان يحدث فى المعسكر الآخر والذى أدى إلى كل هذا التراجع والانكسار العربى وإلى أزمات لعمرو موسى أفدحها جلوسه فى مكان أردوغان حين انصرف غاضباً بسبب أكاذيب بيريز فى مؤتمر دافوس" .
ففي عهده احتل العراق في 9-نيسان-2003 ثم جاء العدوان الصهيونى على لبنان صيف 2006 والذى كشف عن عورات النظام العربى الرسمي الذى بدا مسانداً لهذا العدوان ضد المقاومة لمجرد أن إيران تساندها. ثم محرقة غزة في 2008-2009 في قطاع غزة وحصار أهلها الذي شارك فيه نظام حسني مبارك البائد ، وأحداث دارفور في السودان وانفصال جنوبه والمصيبة الكبرى تشريعه العدوان ضد ليبيا والمساندة بإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي للعدوان على ليبيا الدولة العربية العضو في الجامعة العربية وتلك مخالفة واضحه لميثاق الجامعة ومهما تكن الأسباب والمبررات فليس من المنطقى وليس من المقبول ان تقف الجامعة العربية ضد احد أعضائها وهو يتعرض الى عدوان وحرق وتقتيل ابنائه وهي تقف صاغرة عما يحدث، والسماح للطائرات الأميركية والأطلسية بضرب أهداف في ليبيا بحجة الدفاع عن المدنيين من بطش النظام الحجة الاستعمارية المملة فها هو حلف الأطلسي يضرب ويقتل ويدمر المدنيين وباعتراف السيد الأمين العام عمرو موسى " وقد اعتبر عبد العزيز بلخادم الأمين العام لجبهة التحرير الجزائرية ان جامعة الدول العربية لم تعد «بيت العرب» بعد قرار مجلس الأمن المذكور إن الجامعة بوضعها الراهن وبميثاقها الحالي لم تعد صالحة أو مؤهلة لتحقيق أهداف الشعوب العربية. فقد تعرضت هذه المؤسسة منذ تأسيسها لسلسلة طويلة من العجز. فالأزمات والخلافات العربية لا تهدأ، وتعجز الجامعة عن وضع حلول لها. "
"نشرت جريدة الحياة اللندنية يوم 11 آذار 2004م وثيقة عهد بين قادة الدول العربية كان قد توصل إليها وزراء الخارجية العرب وذلك بحسب الصحيفة نفسها، في حين أصدرت الجامعة بيانا قالت فيه "إن ما نشر في بعض الصحف العربية بشأن وثيقة العهد بين قادة الدول العربية لا يعكس تفصيلات الوثيقة على النحو الذي أجيز في اجتماع وزراء الخارجية".
غير أنها لم تنف الوثيقة برمتها والتي تعكس الحد الأدنى المتفق عليه بين الدول العربية في شأن الإصلاح السياسي الداخلي وإعادة هيكلة الجامعة العربية وعملية السلام.
وقد طغت على الوثيقة العموميات وخلت من أي إشارة إلى تشكيل مجلس أمني وبرلمان ومحكمة عدل عربية ومنتدى للأمن القومي، وهو ما كانت تناولته بالتفصيل المبادرة المصرية المنفردة، وهي من المسائل التي لا تزال محل نزاع بين الدول العربية.
وتعهدت الوثيقة بعزم القادة العرب على تحصين التضامن العربي "عن طريق تعزيز روح المواطنة والمساواة وتوسيع مجال المشاركة، ودعم سبل حرية التعبير المسؤول، ورعاية حقوق الإنسان وفقاً للميثاق العربي لحقوق الإنسان، والعمل على زيادة مشاركة المرأة العربية في بناء المجتمع".
ولضمان تنفيذها قالت وثيقة العهد إنه ستُتخذ "الخطوات العملية المطلوبة بما في ذلك إدخال التعديلات اللازمة على ميثاق الجامعة وملاحقه وفقاً للمادة 19 منه"، وإن الأمين العام للجامعة سيقدم التعديلات في صيغتها النهائية إلى الدورة العادية (17) لمجلس الجامعة على مستوى القمة المقبلة في آذار 2005م التي سترأسها الجزائر بهدف إقرارها.
وحسب هذه الوثيقة فإن الإصلاحات لجامعة الدول العربية سترحل إلى قمة الجزائر وهو ما أكدته مصادر دبلوماسية من أن وزراء الخارجية العرب اتفقوا على "وثيقة العهد" التي تتضمن الخطوط العريضة لتطوير الجامعة وأن قمة تونس ستقرها، على أن تقوم لجان خاصة بدراستها تمهيدا لطرحها على قمة الجزائر 2005.
وأكد وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم أن وزراء الخارجية العرب قد توصلوا إلى توافق حول صياغة نهائية لمشروع البيان حول "الإصلاح السياسي" وأنه سيقر في هذه القمة، وهو ما يضعه البعض موضع الشك لأن عدم الاتفاق النهائي على صيغة تطوير نهائية لجامعة الدول العربية سيعود بالضرر وعدم الجدية على كل مشاريع الإصلاح السياسي، خاصة إذا صح ما رشح من بعض المصادر من أن كل إصلاح أو تعديل سيراعي ترك التفاصيل لكل دولة على حدة وفقا لظروفها الداخلية وثقافتها المحلية، وهو ما يهدد ببقاء الحال على ما هو عليه بدون حدوث تغييرات حقيقية في القمة المقبلة".
التعليقات (0)