ـ 1 ـ
ـ لقد أسْمَعْتِ إذ نادَيْتِ حيًّا ولكن لا حياة لِمَن تنادي
ـ لا خيلَ عندَكَ تهديها ولا مال فليُسْعِدِ النطقُ إنْ لم تسعِدِ الحالُ
ـ فإذا كان حاصل جمع القوى المشكلة للجامعة يساوي صفرا ، وعلى الشمال ، فما المأمول ، يا رعاكم الله ؟؟ ..
ـ 2 ـ
أوصافها :
1 ـ هي من الأيامى الثكلى ، أنثوية الشكل ، لكنها لا تمتلك " لا صوتا حنونا ، ولا مؤخرة ناعمة " .. فما الذي يرتجيه الآخرون منها بعد ذلك ؟؟!!
2 ـ هي مؤسسة خرافية قائمة بقدرة قادر ، ولها أذنان :
واحدة من طين ، والأخرى من عجين ..
3 ـ تتجسّد كقط خشبي .. لا يسمع ، ولا يرى ، ولا يموء ..
4 ـ هي جامعة " دول " و " عربية " ، فكم بقي مما يسمى " دولة " ، وكم بقي مما يسمى " عربية " ؟؟!!
5 ـ إن الجامعة بما تمثل ، تحمل في أحشائها كل متناقضات الكون ، مع نفسها ، ومع بعضها ، ومع الآخر ..
ـ 3 ـ
أرتيريا ـ وما أدراك ما أرتيريا ـ تأنف من الانتساب إلى جامعتنا العتيدة :
على ما أذكر ، فإن أرتيريا دولة نالت استقلالها في أوائل تسعينيات القرن الماضي ، وكانت جبهة تحريرها ، منذ الستينيات ، تتلقى دعما سوريا ملموسا ، على صعد مختلفة ، في نضالها لنيل الاستقلال ، وربما كانت تتلقى دعما مماثلا من دول عربية أخرى ، على أساس أن أرتيريا أرض عربية محتلة ولا تتجزأ من الأراضي العربية ، وأنها ستكون عضوا جديدا في جامعتنا " العتيدة " بعد استقلالها ..
وغالبية الشعب الأرتيري شعب عربي ، ويتكلم العربية ، ويدين أغلبه بالدين الإسلامي ..
وعندما نالت أرتيريا استقلالها ، رفض رئيسها الانضمام لجامعة الدول العربية ، " لإيمانه بأن الجامعة العربية أضعف من أن تقدم لهم دعمًا يحتاجونه " ، بينما استطاع الكيان الصهيوني أن يتسلل إلى نسيج السلطة الأرتيرية ، فأقيمت علاقات دبلوماسية وودية بينهما ، وصارت تل أبيب مربط خيل " أسياسي أفورقي " الرئيس الأرتيري ، يقصدها للراحة والاستجمام والعلاج وغيرها ..
سؤالي للرئيس الأرتيري :
أنا أوافقك أن الجامعة العربية أضعف من أن تقدم لكم يد المعونة التي تحتاجها بلادك ..
لكن ، ما الذي قدّمه الصهاينة لشعبك حتى الآن ، غير حروبك مع جيرانك ، لصالحهم ، ونيابة عنهم ؟؟
وهل هذا يستحق أن تسلخ شعبكَ من جلده العربي ؟؟!!
" وبيني وبينكم أقول أحيانا :
معه حق ، فماذا قدمنا جميعًا : للصومال وجيبوتي وجزر القمر وموريتانيا ... مثلا .. " ؟؟
فهو مهما نادى واستجار ، فلا أحد من دول الجامعة يسمع ، وإن سمعوا فلا خيلَ عندهم يهدونها ولا مال .. وبالتالي : ليس لهم صوت حنون ، ولا مؤخرة ناعمة ..
فهل ثمة ميت يحمل ميتا ؟؟!!
وما الذي سيجعل من " أفورقي " عضوا في مؤسسة هزيلة لا حول لها ولا قوة ، كهذه ؟؟!!
لقد اختصر الرئيس الأرتيري الطريق .. وارتمى في أحضان الصهاينة ، ناسيا أنه ، أيضا : كالمستجير من الرمضاء بالنار ، ومن قفا النمس لا يمكن أن يلحس الدبس ..
ـ 4 ـ
ربما لم يستلزم الأمر ، في الثورتين السابقتين " التونسية والمصرية " أن نستنجد ـ نحن المواطنين العرب ـ بالجامعة العربية ، نظرا لعدم وصول الأمر إلى هذا الدرك الإجرامي الذي وصلت إليه أحوال الثورة الليبية ، بفضل " ملك الملوك " ..
ولأن مشاعر المواطنين العرب جميعا ، تتحرّق ألمًا مما يشاهدونه على الشاشات ، من جرائم يرتكبها " ليكهم وأباؤه البررة " بحق " عبيدهم " العزّل ..
فقد اقترح " شاهد عربي " وهو أحد المعلقين على مقالي السابق : بأن يتم تأسيس جامعة باسم " جامعة الشعب العربي " لتكون بديلا عن جامعة " الدول العربية " ..
ومن الطريف ، أن المعلق المذكور أعطى " مهلة 24 ساعة " لتنفيذ هذا الاقتراح ، في إشارة إلى مدى فقدان ثقة الجماهير العربية كلها ، بالمؤسسة الحالية ..
وكذلك جاء تعليق الأستاذ عبد الباقي فكايري ، ناعيا مؤسسة الجامعة العربية منذ بداياتها ، وآخذا عليها عجزها الدائم في نصرة جماهير أعضائها أمام كل ما مرّ بهم مؤخرا ، على هَوْله وفظاعته ، مثل :
الاحتلال الأمريكي للعراق ، والعدوان الصهيوني على لبنان وغزة ، والتعسف الصهيوني في مفاوضاته مع الجانب الفلسطيني ، رغم أن الجامعة لعبت دورا سلبيا في رعايتها المفاوضات المباشرة التي لم يستطع الفلسطينيون " أن يلحسوا ولا لحسة دبس واحدة ، من قفا النمس الصهيوني " ..
وكذلك جاءت المقالة الافتتاحية لجريدة الخليج الإماراتية يوم أمس ، تؤكد أن الجامعة أعجز من أن تقدم أي شيء لأي أحد .. وعلى الشعب العربي أن يقلع شوكه بيديه ، وألا ينتظر العون من الجامعة .. لأنه لن يصل أبدا ..
وهذا أرحم من موقف الجامعة حيال الشعب الفلسطيني وقضيته ، حين اتخذت الجامعة قرارا شملت برعايتها استمرار المفاوضات مع سلطة عباس مجانا تماما ، وعبثا تماما ..
ـ 5 ـ
إنه من طبيعة الأشياء والحياة ، أن يلجأ الناس للاستعانة بأقرب الناس إليهم ، أو الاستنجاد بهم في المُلمَّات والمصائب والكوارث ، وخاصة عندما تنسدُّ الآفاق أمامهم ، ويسند الناس ظهورهم إلى آخر جدار ، وهم يدافعون عن أنفسهم أمام مهاجميهم " الأشاوس " الشرسين المجرمين ..
وقد حدث هذا كثيرا ، في العالم كله ..
لكننا في ظروف دقيقة تحتم علينا وضع النقاط على الحروف ، والشعب العربي الشقيق في ليبيا ، يواجه " ظلم ذوي القربى " وذئبيتهم وفجورهم وطغيانهم ، وهو الأعزل المسالم ، الذي خرج على جلاده ، بعدما طول صبر عليه ، دام كواحدٍ من أطول فترات الحكم المستبد عبر التاريخ ..
فكم من الطغاة ـ عبر التاريخ الحديث على الأقل ـ حكموا مدة تتقارب مع اثنين وأربعين عاما أمضاها هذا القذافي في الحكم المطلق ، ولم يشبع ؟؟!!
ربما لا يجاريه في هذا ـ حاليا ـ سوى الرئيس الكوبي فيدل كاسترو ، الذي تنحى لأخيه قبل سنوات ، بسبب ضعف قدرته الصحية واعتلالها .. ولا نعرف كيف كان سيتصرف لو أن صحته تسمح له بمتابعة الحكم ..
والعلة في هذا القذافي ، أنه لم يشبع من الحكم والخيلاء والنهب وسفك الدماء ، ولم يُصَبْ بأي ملل ، كالذي أصيب به شقيقه الرئيس اليمني ، حين زعم أنه " ملّ من الحكم " ، لكنه " لن يتنازل عنه " ..
وإن كان الرئيس اليمني لم يَرْقَ في بربريته إلى درجة القذافي ـ حتى الآن على الأقل ـ ، لكن ، ألا يستحق شعبُ كلٍّ منهما أن تستيقظ عيناه ذات صباح على صورة حاكم آخر ، قبل أن يلاقي وجه ربه الكريم ؟؟!!
ولعل من الغريب العجيب ، أن الحكام المستبدين يتمسكون باستبدادهم ويستشرسون أمام مطالب شعوبهم المحقة ، فتراهم يزدادون تعلقا بالتسلط والعنجهية ، ويتظاهرون بأنهم (( تأبى عليهم أنفسهم وكرامتهم التنازل عن حقهم " المشروع ، الإلهي " في الحكم الأبدي )) ، وهم ـ في حقيقة الأمر ـ مجرد أرانب جرباء صغيرة في حظيرة أمريكا أو الصهاينة ، ومع ذلك ، يتمسكون بأذيال السلطة ، ويرتكبون الجرائم الفظيعة ضد شعبهم الأعزل من أجل عروشهم ، لمجرد أن شعبهم طالبَهم " ببعض حقوقه " المهدورة المقموعة ..
هذا ما لمسناه في تونس مؤخرا ، ثم في مصر ، وهذا ما نلمسه الآن في كل من ليبيا واليمن ..
وتحت وطأة ما يلاقيه الشعب العربي في ليبيا من جلاده المجنون ، وإزاء عجزنا كشعب عربي ، في تقديم الدعم لأشقائنا ، نقف حيارى ونحن نشاهد صور الفظاعة بإخوتنا يقتلون بدم بارد على أيدي جلاوزة النظام ومرتزقته ، فلم يبقَ لنا إلا أن نستجير بالمنظمات الدولية والعربية لمحاولة تقديم أي عون ، مهما كان نوعه ، لوقف حمام الدم الذي ما يزال يجري في ليبيا " مدينة مدينة وبيتا بيتا وشارعا شارعا وزنكة زنكة " كما هدد القذافي في خطابه الأول ..
وإن كنا ندرك أن كل المنظمات الدولية والعربية أعجز عن أن تقدم أي خدمة حقيقية للشعب الليبي ..
لكننا لا نستطيع أكثر من ذلك ، أمام عجزنا ..
فماذا فعل مجلس الأمن عبر تاريخه ، سوى أنه كان ، وما يزال ، وسيبقى ، أداة في يد الدول الكبرى ، يتبادلون عَبرَه مصالحهم ، ويتقاسمون العالم وخيراته وشعوبه وأراضيه ، ويفعلون ما يحلو لهم في سياسة تمييزية خبيثة لا تراعي ذمة ولا إلاًّ ولا حقا ..
وعندما يتعلق الأمر بالصهاينة يتباكون ويرفعون أصواتهم عاليا ، ويدفعون باتجاه استصدار أقسى القرارات ضدنا ، ويمنعون أي قرار يمس شعرة من قفا صهاينتهم ..
فإلى هذا الحد يستهينون بشعبنا وبمصالحه وبحقوقه ، ويدافعون عن المجرمين ويحمونهم ويربّتون لهم على أكتافهم إعجابا ومديحا " بحضارتهم وديمقراطيتهم النموذجية " ؟؟ ..
وما الفيتو الأمريكي الأخير في مجلس الأمن إلا صورة من صور سياسة الكيل بالمكاييل التي تناسب مصالحهم ، ومصالح ربيبتهم " دولة الكيان الصهيوني " ..
بذريعةٍ أسوأ من ذنب ، تقول : " إن مجلس الأمن ليس المكان المناسب لمناقشة هذه الأمور " ..
ما هذا التلفيق الفج ؟؟ وما هذه الاستهانة والاستخفاف ؟؟ وما هذه الحقارة والازدواجية ؟؟
فمجلس الأمن ليس مكانا يلجأ إليه المظلومون لاسترجاع حقوقهم ، إنه المكان " المناسب " لفرض إراداتهم واحتلال دولنا وأراضينا ، والطمع بنهب خيراتنا ..
وليست " جامعة الدول العربية " بأقل عجزا من مجلس الأمن ..
أليس الذين أسّسوا مجلس الأمن ، هم مَن أسّسوا الجامعة العربية ؟؟!!
وكما مارست أمريكا " بوش " الترغيب والترهيب على أعضاء مجلس الأمن ، لدفعهم للموافقة على مشروع قرار يجيز لهم استخدام القوة العسكرية ضد العراق ، مارست " دول الاعتدال العربية " نفس الدور على " أعضاء الجامعة العربية " لتقوم الجامعة بتغطية المؤامرة الصهيونية الأمريكية التي تستهدف الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه المشروعة ..
فأصدرت قرارا تدعم فيه السلطة " الفلسطينية العباسية " في مفاوضاتها المباشرة مع الصهاينة ، والتي صار شأنهم فيها ، شأن الرئيس الأرتيري ، وكل العملاء ..
وربما يكون ذاك قد فعل ما فعله العميلان " ابن علي ومبارك " ، حيث انتفخا وَرَمًا بالمليارات ، وبقي الشعبان في حالةٍ اقتصاديةٍ يُرثى لها ..
وهذه هي مقاصد السياسة الصهيونية مع عملائها ..
لكن الصهاينة لو توقعوا في يوم من الأيام أن يحصل في مصر وتونس وليبيا ما حصل ، لما راهنوا على الجلادين إلى هذا الحد ..
لأن مراهنتهم على الأحصنة الخاسرة ، جعلت أزمات الشعب تتفاقم حتى وصلت إلى حد الانفجار الذي لم يبق ولم يذر ..
الأحد ـ 27/02/2011
التعليقات (0)