للإنسان صورتان واحدة لرسمه وأخرى لروحه فإما التي لرسمه فتنتهي بنهاية حياته ولو كانت له صور مصورة أو مرسومة في الأوراق والكتب وإن صفة الإنسان تكون في كلامه وكتابته وما سجله في الوسائل المسموعة لأن الكلمة تعبر عن النفس فإذا غاب عن الحياة رأى الناس صورة روحه في كلمته ومن المعلوم أن الجسد يفنى بالموت ولكن الروح تبقى علي مر السنين إذا ما بقيت للإنسان كلمة مسموعة أو مقروءة وربما كانت الكلمة هي صورته الحقيقية التي لم يرها أحد في حياته لأن ما تركه لم ينشر في حياته وبما أن ما كتبه أو كتب عنه هي تسجيل لساعات أو دقائق من حياته الطويلة التي تسنى له أن يسجلها أو للناس أن يسجلوها فهو صورة غير دقيقة عنه وعن سيرته .إن ما كتب عن أشرف الخلق لا يتعدى أن يكون قد حدث في ساعات قليلة تعد علي الأصابع ولذلك فإن ما جاء في سيرته لا يعبر عن عظمته بصورة كاملة بأي حال ولكن ما جاء في وصفه في القرآن عبارات جامعة تصف أخلاقه بعبارات كلية لليس فيها تفصيل وما جاء في السيرة أيضا لمحات منها تضيء لنا ما كان عليه من خلق دون أن تكون نقلا كاملا عن أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته ثم إن مجالسة الأنبياء غير ما ينقل عنهم في سيرهم الذاتية
.....فضلا عن أن مجالسة الأولياء والعلماء لها تأثير بالغ في نفس المتلقي بل قد تشكل نقطة تحول أو نقاط تحول في حياته يتغير معها أسلوبه وطريقته وربما قناعته في كل مناحي حياته بحيث لا تبقى له خاصة أو خلق إلا تغير مع الزمن (إلى الأفضل بالطبع)...
...وقد أنعم الله على شخصي المتواضع بحضور دروس بالغة الأهمية لأكبر علماء الأزهر الشريف كمستمع هاو وكان لها أكبر الأثر في تغيير مساري الإيماني تذكرت معها كيف كان للرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام أكبر الأثر في تغيير حياة الجهالة التي كان عليها أهل مكة قبل الإسلام ...إن مجالسة العلماء الكبار تنقل عبر الإشعاع الروحي كل معاني السمو وطرق الفكر المتفتح المتجرد والتفكر في شأن الخلق مما خلق الله وذرأ وبرأ وسبحان من أرسل إلينا رسلا مبشرين ومنذرين وعلماء لينيروا لنا دروبا كانت مظلمة ويغيرون أفكارا كانت راسخة رسوخ الجبال ...
لا تحرم نفسك يا أخي الفاضل من مجالسة من هم أعلم منك كي لا تضيع حياتك بين لهو وعبث وتذهب سدى..... وحينئذ لا يذكرك أحد بل لا يهتم بك بشر ولا حجر......
ثم لا بأس أن تقرأ ما تقع عليه عيناك من العلوم بكل أنواعها فلا حياة في هذا العصر لجاهل في أي فرع من علوم الدنيا والدين ...
إن الحرفي والمتعلم والطبيب والمهندس وغيرهم يحتاجون في هذا الزمن من علم لا طريق غيره لكسب العيش وتحقيق الحياة الكريمة ...
هذا نصيحة أنصح بها إياك ونفسي ...أو نفسي وإياك إن كنت لا تحب الناصحين مثل كل البشر كما قال سيدنا صالح .....
التعليقات (0)