مواضيع اليوم

ثورة ناعمة وانقلاب ناعم

حسام الدجني

2012-06-18 15:58:56

0

 
لا توجد ثورة في التاريخ أنعم من الثورة المصرية، ولا يوجد انقلاب بالتاريخ أنعم من الانقلاب على مكتسبات الثورة، ولا يوجد شعب في التاريخ أعظم من الشعب المصري الذي تعامل بإيجابية مع الثورة الناعمة ومع الانقلاب الناعم، فالكل قبل بالقرارات التي صدرت عن المحكمة الدستورية والقاضية بحل مجلس الشعب وعدم دستورية قانون العزل وكذلك قرار وزير العدل بالضبط القضائي، وغيرها من القرارات التي احترمها الشعب المصري وأحزابه السياسية على الرغم من أن البعض ذهب لوصفها بالانقلاب الناعم، مثل عبد المنعم أبو الفتوح وغيره.
ولذلك ألم يكن من حق الشعب المصري أن يسدل الستار عن المرحلة الانتقالية وتبدأ عجلة الانتاج للدوران من جديد، وتبدأ عملية الانتقال الديمقراطي في اختيار رئيس ونواب للشعب المصري الشقيق.
ومن هنا تأتي أهمية الانتخابات الرئاسية (جولة الاعادة) والتي بدأت صباح السبت والأحد، بين مرشح الحرية والعدالة محمد مرسي والمرشح الفريق أحمد شفيق، وفرص كلا المرشحين قوية، لأن كليهما يستندان لقاعدة تصويتية عريضة، فالفريق أحمد شفيق يحظى بتأييد عوائل المؤسسة العسكرية المصرية، كون شفيق هو عسكري برتبة فريق، والمؤسسة العسكرية المصرية تنحاز لأبنائها وهي سمة غالبة في مصر، أيضاً يقف خلف شفيق الحزب الوطني المنحل والأقباط والذين يمثلون شريحة عريضة من المصريين، وكذلك بعض من رجالات الاعمال الذي يقدمون الدعم المادي والاعلامي والمعنوي لحملة شفيق بالإضافة الى بعض من الطرق الصوفية، وعوام المصريين.
أما المرشح الآخر وهو محمد مرسي فكتلته التصويتية تتمثل في جماعة الاخوان المسلمين وهي جماعة منظمة قادرة على الحشد وتضم في عضويتها أكثر من مليون ناخب، بالإضافة الى الدعوة السلفية وحزب النور، والاحزاب ذات المرجعية الاسلامية، بالإضافة الى بعض النخب الليبرالية واليسارية الثورية والتي انقسمت بين مقاطع للانتخابات ومؤيد لمرسي، وربما تذهب بعض الاصوات الثورية لشفيق نكاية بجماعة الاخوان.
وبين كلا المشهدين فإن فرص الفوز بين المرشحين متكافئة وتقف على حجم المشاركة الانتخابية والحشد التصويتي لكل مرشح لعوام المصريين من الفقراء والعشوائيات وغير ذلك.
ان ما حدث في الفترة الماضية من قرارات وأحكام قضائية وتصريحات يصدرها تارة خبراء أو فقهاء أو اعلاميين مفوهين بعضهم ينتمي لقراصنة الثورة التي ركبها هؤلاء عندما نجحت ويعملون بالخفاء على اغراقها واعادتها الى المربع الأول، بالإضافة الى المليارات التي تضخ من قبل جهات مجهولة هدفها الاساسي تدمير الثورة وتحطيم آمال الشعب المصري وابقاء مصر في حلقة مفرغة لا تستطيع من خلالها أن تمارس دوراً سياسياً أبعد من حدودها، وبذلك تبقى مصر في دوائر التشكيك في مؤسسات الدولة والفتنة الطائفية وفوبيا الاسلام السياسي والليبرالية والحرب الاهلية ...الخ.
ومن هنا فإن المرحلة الراهنة من أخطر وأصعب المراحل السياسية التي تمر بها مصر، والتي تحتاج الى العقلاء للتكاتف والتوحد في جبهة ثورية موحدة للانتهاء من المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية وانتخاب البرلمان والمحليات، وحتى يتم ذلك فمصر أمام ثلاث سيناريوهات:
السيناريو الأول: فوز مرشح الحرية والعدالة د. محمد مرسي
قد يكون هذا السيناريو الأكثر ترجيحاً، ويتمثل في فوز محمد مرسي، وقد يلقى هذا السيناريو ارتياحاً لدى القوى الثورية ولدى حركات الاسلام السياسي، وقد تهدأ ميادين مصر لبعض الوقت، ثم تبدأ جماعات المصالح بالتحرك ضمن نظرية الافشال الايجابي، وادخال مصر من مرحلة البناء والنهضة الى مرحلة البحث عن التفاصيل لافشال تجربة الاسلاميين في الحكم، ويساند جماعات المصالح قوى خارجية، عربية وغربية، وقد تستفز اسرائيل مصر عبر عدوان جديد على غزة، كل ذلك من أجل افشال مشروع النهضة، واسقاط تجربة الاخوان.
ولكن في حال تجاوزت الاخوان تلك المعضلة فإن فرص انجاز مشروع النهضة ستكون أقوى، ودور مصر ومكانتها الاقليمية والدولية ستزداد مع الوقت، وهذا يتطلب مشاركة الجماعة للجميع بالحكم لتجاوز تلك المعضلة ، فلا يمكن لطرف واحد أن يحكم دولة كبرى مثل مصر مهما امتلك من الامكانات التي تؤهله لذلك.
السيناريو الثاني: فوز الفريق أحمد شفيق
سيكون لفوز شفيق انعكاسات كبرى على مستقبل مصر وخصوصاً في حال ثبت أن هذا الفوز يقف خلفه التزوير، لأن في حال فوز شفيق ستخرج القوى الثورية للميادين وسيكون شفيق يتمتع بشرعية الصندوق، وهذا سيدعم المؤسسة العسكرية التي ينتمي اليها الفريق احمد شفيق في حماية ارادة الشعب بكل الوسائل والسبل، وهنا ستدخل مصر في نفق مظلم لا يعلمه سوى الله.
السيناريو الثالث: افشال الانتخابات من خلال طعون بنتائجها
وهذا سيدفع الشارع الى النزوح الجماعي عن العملية الديمقراطية لأن خيار الشعب يصبح في مهب الريح والطوابير في حرارة الشمس بلا جدوى، وهنا يصبح المشهد المصري أمام فراغ قاتل ربما يملأه انقلاب عسكري، أو قرارات ناعمة بطعم الانقلاب، وبذلك تصبح الثورة في خبر كان....

نتمنى لمصر وشعبها الاستقرار والانتقال الديمقراطي السلس الذي يؤهلها لأن تكون لاعباً اقليميا ودولياً في المنطقة والعالم أجمع، وأن يجنب شعبها ويلات الفتنة والتدخلات الخارجية، لأن استقرار العالم العربي كله من استقرار مصر.
Hossam555@hotmail.com




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات