هي لا تعرف فلسطين لكنها فلسطينية دما وروحا ..ولدت وتربت في الامارات..تعرف من فلسطين القضية ووطن الحلم فتتابع تفاصيل تفاصيله وتعرف شوارع فلسطين وحواريها كمن يعيش في قلبها المحروق..
قلب دالين محروق منذ الولادة فهي تنتمي الى وطن غير موجود الا في نشرات الاخبار وحكايا الاجداد..تنتمي الى وطن او الى قضية؟ تعشق الارض او التراب المقدس؟ ...ضائعة حائرة منذ ولادتها تريد وطنها ولا تعرفه حالها كحال المئات لا الالاف من فلسطيني الشتات الذي تشتتوا في ارجاء العالم يحلمون بلم شملهم يوما في قطعة ارض يعترف بها كدولة..
دخلت دالين غرفة الاخبار عينيها تضحكان قبل قلبها "سيفرج عنه سيكون في الدفعة الاولى بين الاسرى الذي ستشملهم صفقة التبادل مع جندي اسرائيلي اسير ..
انه محمد ابو جلالة ابن عم دالين ويحمل اسم عائلتها قضى 21 عاما في السجن وحكم باربعة مؤبدات مجتمعة لقتله اربعة جنود اسرائيلين في مقهى في القدس عام 1991.
كيف بقي محمد على قيد الحياة وقتل الاربعة جنود ؟ الم تكن عملية استشهادية؟ انهالت الاسئلة على الزميلة ابنة العم وكلنا يذكر كيف كان يفجر الفتى الفلسطيني نفسه في القدس فيقتل احيانا من دون ان يقتل حتى برغشة اسرائيلية..
تجيب لقد قتلهم بسكين ..
ابن عم زميلتي اسير فلسطيني مقهور دخل مقهى اسرائيلي في القدس وقتل اربعة جنود منهم بسكين.
مع كل رهبتي من اي عملية قتل تنفذ بحق اي بشري على هذه الارض ..تخيلت جبروت هذا الشاب الفلسطيني المقهور وهو يخرج سكينه من جسد قتيل ليدخله بجسد اخر ثم يخرجه ويدخله فيخرجه ويعيد ادخاله...كدت اكرهه للحظات لكرهي لعملية القتل..
وبكبسة زر عدت بذاكرتي الى عام 1991 عندما كان الجيش الاسرائيلي يهدم منازل الفلسطنيين على اجسادهم . عدت الى انتفاضة الحجارة...استرجعت صور قانا وصور النكبة وتاريخ هذه الدولة الغاصبة ..وتاريخ امة كل ام فيها فقدت ولدا على يده ..
انهم جنود ,من قتلهم ,هم جنود قد يكونوا شاركوا في قانا ,في جنين ,في قتل محمد الدرة الطفل الصغير الذي ابكى العالم ولم يبك قاتله...
مقهور محمد ابو جلاله ..مقهور يمثل عائلة مقهورة وشعب مقهور ..قتل ثم صرخ بالقاضي قتلت سبعة لماذا تحكم علي بأربعة مؤبدات اريد سبعة مؤبدات..قد يكون قتل سبعة حقا واعترفت اسرئيل بأربعة وقد يكون قتل اربعة واختلطت عليه الامور لا يهم ...المهم ان الظلم يولد قهرا والقهر لا حدود لثورته ..قد تدخل سكينا في جسد وتخرج السكين وتدخله في جسد ..قد تربط الجسد بحزام قاتل يفجر كل جزء من الجسد ولا يقتل برغشة اسرائيلية..
هو يعرف فلسطين ,عاش في حورايها,عانى من احتلالها ,ذاق قهر قوات الاحتلال لاهلها ..هو فلسطيني بالدم والروح ولد وتربى في قلب القضية ووطن الحلم هو تفصيل من تفاصيل تتابعها ابنة عمه ,تتابعها عائلتها, تتباعها امتها المشتتة ,يتابعها العالم ويتفرج فلا يوقف ظلما ولا يخمد ثورة مقهور..
قلب محمد مقهور منذ الولادة ,قلب دالين محروق منذ الولادة..قلب محمد ينبض اليوم حرية وقلب دالين يطرق فرحا ..تدخل هي غرفة الاخبار عيناها تضحكان يدخل هو منزل امه فتخلق الأم من جديد....
هي لا تعرف فلسطين ولم تر يوما محمد ..هي شتات ,هو داخل ,هما شعب واحد يطرق قلبه اليوم فرحا ..الام ولدت من جديد والعالم لا يزال يتفرج.
التعليقات (0)