لم تكن ثورة يناير وليدة الصدفة أو وليدة المؤامرة ولكنها ثورة شعب أراد الحياة والكرامة والعدل فلم يكن ليحصل عليهم إلا بإزاحة نظام فاسد قزّم مصر – وبالتبعية أُمته - وزرع فى شعبها اللامبالاة وعدم الإهتمام بقضاياه الحيوية وذلك بتحييد إرادته ، هؤلاء الذين يرون أن شعبهم غير مُهيأ لممارسة الديمقراطية رددوها حتى وهم على حافة السقوط فى الهاوية .
ولو أردت أن أترك لإبنى إنطباعى على الثورة المصرية فسأقول له ، لا تصدق المُشككين فى الثورة ولا تصدق أن هناك أيادى خفية- رغم بعض الشكوك - داخلية أو خارجية وراء تلك الثورة كما يروج فلول النظام المنهار ومعهم قوى الإستعمار ليشككونا فى قدراتنا ، وأُريدك فقط أن تُعمِل عقلك ، وبقليل من التفكير والذكاء ستجد أنه لا أحد أياً ما كان وراء إنفجار الثورة فى مصر سواء جهه خارجية أو داخلية ولكن يمكن أن نقول أن هناك أشياء كثيرة متراكمة على مر السنين ساعدت على إنفجارها وهناك فقط ضغوط خارجية - بخاصة من واشنطن - لم تكن لتبدأ لولا رؤية الجميع أن ما يحدث فى مصر ثورة شعبية حقيقية ، ولم تكن لتُؤثر إلا فى نظام حكم إرتضى أن تكون قبلته واشنطن والتى إرتضى ألا يذهب ليحج إليها إلا بأخذه التأشيرة من تل أبيب ، لذلك هذا النظام أيقن وآمن أن رضا واشنطن والغرب هو الأهم ولا أهمية تُذكر لرضا شعبه فأهمله وظن أن رضا واشنطن سيعصمه ، نظام كان يرتعد خوفاً من مُجرد إفتتاحية تخص سياساته لأى صحيفه مثل صحف "واشنطن بوست" أو "نيويورك تايمز" ولا يهتم بعلماء ومفكرى وطنه ونصائحهم له ، ولا يكتفى بصم الآذان عن نداءات العقول المصرية المحترمة ولكن كان يُطلق عليهم كلابه المسعورة لتنهش فى هؤلاء المُفكرين المحترمين ، فقط لأنهم تجرأوا وأبدوا وجهة نظرهم فيما يحدث أمامهم من مآسى ينطق من هولها الحجر قبل البشر .
فالأيادى الخفية الأجنبية والتى بدأت تروج الإشاعات ولم يمر على الثورة سوى أقل من أربعة أشهر ما كان لها أن تستغنى عن نظام تعتبره الدولة العبرية "كنزاً إستراتيجياً " لها وبالتالى فهو كنز إستراتيجى لدول الغرب كافة ، والذى كان قادته يأتون لزيارة مصر ثم يتلون أوراد زياراتهم والتى حفظوها عن ظهر قلب من أنهم يأتون لزيارة مصر ليرتووا من كأس الحكمة التى تخرج من بين شفتى رئيسنا المبارك ، فكيف لهؤلاء يا ولدى أن يتآمروا على كنزهم الإستراتيجى وحكيمهم المُفوه .
وكذلك لا تصدق أن هناك جماعات أو جهات كانت وراء تلك الثورة ولكن يمكن أن نقول أن هناك جهات ساعدت على نجاح وتسريع الثورة بقليل من الخسائر ، وعلى رأس تلك الجهات الجيش المصرى ، والذى لا ننكر أنه كان فى موقف صعب حيث رفض الإنحياز لنظام فقد شرعيته ، ووقف الجيش على الحياد لأسابيع بين شعب خرج سلمياً لينزع شرعية نظام مُتشبس بالسلطة ، وحتى لا يُقال أن ما حدث إنقلاب عسكرى آسر الجيش أن يقف على الحياد ، حتى أيقن أنه لا مفر من سقوط النظام حتى يتم إفتداء الوطن .
لا تصدق يا ولدى من ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين وبدأ يقول أن الجماعة كانت تخطط للقيام بالثورة عام 2005 ذلك أن تلك الجماعة تبحث عن مصلحتها وفى ذلك الوقت كانت تعقد الصفقات مع النظام البائد للفوز بحفنة من مقاعد مجلس الشعب وقتها ، فكيف تقوم بثورة وهى تعقد الصفقات السرية لتنال نصيبها من حطام وطن إحتكره إقتصادياً وسياسياً حزب هش وهلامى ولا وطنى .
لا تصدق يا ولدى فالجماعة نزلت للشارع مثلها مثل غيرها ولكنها زادت على الثوار بفضيحة مدوية فى أنها ذهبت لتتواطىء مع النظام قبل سقوطه لتعقد صفقة لتحصل على حزب ووضع شرعى مقابل ترك التظاهر والعودة لبيوتهم أو لثكناتهم .
يا ولدى .. كل المُفكرين والساسة الحقيقيين كانوا يتوقعون حدوث ثورة فى مصر وكان خطأهم الوحيد أنهم توقعوا قبام ثورة جياع تقضى على مُقدرات هذا الوطن ، ولم يتوقع أحد أن تسبق ثورة الجياع ثورة نظيفة يقودها شباب مُتعلم وفاهم ونظيف لم يُلوث بصفقات ولا يبتغى شىء سوى أن يمشى مرفوع الرأس بعد أن أرغمه النظام البائد أن يمشى داخل "الحيط" وليس بجانبه .
ورغم هذا اليقين بأن الثورة هى ثورة شعبية حقيقية إلا أننى أحمل شكوكاً - وليس تشكيكاً فى وطنية أحد - تخص أولاً قنوات فضائية وبعدها مفكرين شباب يستحقون الإحترام قرأنا لهم فى الصحف ورأيناهم فى الفضائيات مفكرين ومنهم مذيعين وهؤلاء قادوا الثورة والرأى العام ، وشكى الوحيد هو أنهم عادو لمصر وتركوا قنواتهم فى توقيت متقارب .
التعليقات (0)