ستظل أيام ثورة يناير فى مصر من أصعب الأيام التى مررت بها على مدى عمرى كله ، كانت مصر تعيش فى ثورة وأنا فيها متابعاً بالإضافة إلى ثورة أُخرى كنت أعيشها وهى ثورة الشك (!!) ، وفى خلفية تفكيرى توجد مقولة "الفوضى الخلاّقه " التى تحدثت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "الكوبرا ليزا رايس" وأيضاً مقولة بعبع الحزب الوطنى كمال الشاذلى للكاتب الصحفى محمود عمارة والذى نشر الخبر منذ أسابيع قليلة فى جريدة المصرى اليوم حيث قال الشاذلى قبل وفاته للصحفى «بكره تندموا على هذه الأيام».. والقنبلة التى فجرها عندما قال: «إذا لم يأت جمال أو أحمد شفيق بعد الرئيس مبارك.. فمن يمتلك ٧ مليارات جنيه سوف يحتل الكرسى الكبير»!! .
لقد كانت الأجواء فى المنطقة العربية مُلبدة فاليمن بها مظاهرات وكذلك لبنان وكانت الجزيرة مشغولة بنشر وثائق السلطة الفلسطينية ، وقلت ياربى ( قليل البخت يلاقى العضم فى الكرشة ) يعنى حبكت كل الحاجات دى تظهر مع ظهور الثورة المصرية ، فمن يرى القنوات التليفزيونية منذ بدايات تلك الثورة يشعر بأن هناك أشياء مُريبة تحدث ، فالجزيرة ما زالت متردده حتى أعلنت موقفها منذ جمعة الغضب أى بعد أربعة أيام من بداية الثورة ، وقد إعترف مدير مكتبها بأن المصريين يعيبون على تأخر الجزيرة فى نشر الأخبار ويبرر المذيع ذلك بأن الجزيرة تتوخى الحذر فى بثها للأخبار حتى لا تثير البلبة ، وكذلك العربية مازالت ترى ما يحدث أمامها بعين مُغمضه ، وكذلك قناة بى بى سى العربية والحرة وعن القنوات الرسمية فحدث عنها ولا حرج فهى على العموم معروفة أنها دائماً فى الغيبوبة ، وأخطر شىء هى القنوات الخاصة المصرية والتى بثت سمومها وأكاذيبها فى غطاء يحتاج أجهزة مخابرات ليكشف عن نواياها ، لقد عشت فى كل ثانية مع سيول تسونامى من الأخبار العاجلة ، ومع كل خبر إما أشعر بالفرحة والراحة عندما أسمع خبر مُفرح أو تحليل سياسى يصادف ما أبتغيه (!) ، وإما أتحول فى ثوانى لحالة القلق والشك المريب ، والحقيقة فى أيام الثورة وحتى تنحى مبارك أصابنى الشك فى جميع القنوات وجميع المحللين السياسيين الذين ظهروا على الشاشات سواء كانوا مع الثورة أو ضد الثورة ، وشكوكى هذه لها مبرراتها وأسبابها ، ولن تُكشف أسرار الثورة وبخاصة المُتعلقة بتدخل الجيش المصرى إلا بعد سنوات كما قال قادة القوات المسلحة ، ففى جمعة الغضب وفى لحظة دخولى المسجد لصلاة العصر فوجئت بطائرتين – أو أربعة - لم أراهما فتعثرت فى باب المسجد وأُصبت بالذعر خوفاً على مصر ، وبعد أن أنهينا الصلاة قلت ياترى الطائرات دى مصرية أم أمريكية لا يرصدها الرادار لتُظهر لنا واشنطن أنها موجودة حتى يُعمل لها حساب ؟! وبعد أن عدت للمنزل سألت عن رؤيتهم للطائرات ، فقال إبنى الصغير وهو فى الصف الثالث الإبتدائى أنه شاهد الطائرات ورسم لى العلامة التى على الطائرات وذكر لى لونها ، ثم فكرت وحزنت لأننى لا أعلم من وراء تلك الطائرات ولماذا خرجت فى ذلك التوقيت ؟! هل هى رسالة تطمين أم رسالة ترهيب ؟! يا ترى سيتم ضرب المتظاهرين بها ؟! ، أم أن صاحب القرار يريد أن يُرسل رسالة للمصريين أن لا تخافوا فنحن هنا ونحميكم ، لقد شعرت فى بعض الأوقات أن هناك خلاف على السلطة فى مصر بين جهتين جهة تملك الوضع على الأرض وهى الشعب ومعه الجيش وجهه أُخرى تساوم وتفاصل وتريد إقتسام مصر وتهدد ولها إعلاميون ومنهم من ظهر فجأة على القنوات الفضائية ، كان بعض الإعلاميين يتكلمون بلغة أراها فى لحظتها غريبة ، وبعد أن تنتهى الليلة على خير أرى كلامهم لا يثير الشك الكثير الذى إعتقدته ، فعلاً لقد كانت أيام عصيبة تقلبت أعصابى كل ثانية ومع كل خبر عاجل .
التعليقات (0)